أكد وزير الموارد المائية الدكتور محمد عبدالعاطي أن التعاون بين مصر وهولندا في مجال المياه يعد أحد العلامات البارزة للتعاون المتميز بين الدول والمبني على أساس من تبادل المنفعة والخبرات، الأمر الذي أسهم في بناء جسور من الثقة بين البلدين، وانعكاس ذلك على تزايد الخبرات المكتسبة لدى الطرفين في مجال إدارة المياه، خاصة مع وجود تشابه كبير بين البلدين في التحديات التي يتم مواجهتها مثل حماية الشواطئ من تأثيرات التغيرات المناخية، الأمر الذي يستلزم تحقيق المزيد من التعاون بشأنها.
وأشار وزير الري في بيان اليوم إلى تاريخ التعاون الطويل القائم بين مصر وهولندا في مجال المياه والذى يعود لـ 46 عاما منذ تأسيس المجلس الاستشاري المصري الهولندي لإدارة المياه عام 1976، حيث يتم التعاون بين البلدين من خلال تبادل الخبرات في موضوعات تخطيط وإدارة الموارد المائية، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين نوعية المياه، وتقنيات معالجة المياه، والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية.
وكلف الدكتور عبدالعاطي وفدا مصريا رفيع المستوى للمشاركة في اجتماع الخبراء للمجلس الاستشاري المصري الهولندي والذي عقد خلال الفترة 20 - 21 يوليو الجاري.
وخلال الاجتماعات، عرض أعضاء الوفد المصري موقف الإعداد للنسخة الخامسة من أسبوع القاهرة للمياه والمزمع عقده في شهر أكتوبر القادم، ومناقشة الفاعليات رفيعة المستوي المزمع تنظيمها خلال الأسبوع، والذي يتميز بالعديد من الفعاليات الدولية كأحد المؤتمرات السنوية البارزة في مجال المياه، فضلا عن كونه حدثا تحضيريل للفعاليات المعنية بقطاع المياه ضمن برنامج رئاسة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP27)، حيث تم تحديد عنوان المؤتمر ليحقق الترابط بين قضايا المياه والمناخ تحت مسمى "المياه في قلب العمل المناخي".
وأبدى الجانب الهولندي استعداده لدعم الأسبوع، وخاصة جلسة الإعداد لتقديم تقرير الإسهامات الخاصة بتقرير الأمم المتحدة لمنتصف المدة لعقد المياه مارس 2023 والذي يحدد خارطة الطريق لتسريع وتيرة تحقيق الأهداف الأممية المتعلقة بالمياه، كما أنه من المقرر أن يلقي مارك هاربر وزير البنية التحتية وإدارة المياه الهولندي كلمة في حفل افتتاح الأسبوع، كما سيتم عقد اجتماع المجلس الاستشاري المصري الهولندي على المستوى الوزاري على هامش الأسبوع.
كما أكد الجانب الهولندي دعمه "لجناح المياه والمناخ" والذي سيتم تنظيمه خلال مؤتمر المناخ القادم ، وأيضا دعمه لمبادرة التكيف بقطاع المياه المقدمة من مصر ، ذلك بهدف تحقق زخم دولي حول قضايا المياه ، وكذا تقديم رسائل لقادة المجتمع الدولي لدعم قطاع المياه وإعطاءه أهمية خاصة في محور التكيف مع التغيرات المناخية.
وخلال جلسة المياه والزراعة، استعرض الوفد المصري الوضع المائي في مصر وأهم التحديات اللي تواجه قطاع المياه وجهود وزارة الموارد المائية والري في مواجهة هذه التحديات، بالإضافة لاستعراض أنشطة وحدة المحاسبة بقطاع التخطيط والتي تقوم بحساب الإحتياجات المائية الخاصة بالزراعة من خلال صور الأقمار الاصطناعية ، كما تم الاتفاق على مبادرة تعلنها مصر وهولندا لتوفير بيانات عن إنتاجية المياه من خلال إعلان مصر منصة إقيلمية لتبادل البيانات والمعلومات عن إنتاجية المياه في المنطقة ، حيث تدرس مصر إستضافة مركز المعرفة الإقليمي لتوفير بيانات إنتاجية المياه ضمن المبادرة الهولندية لاستخدام التقنيات الحديثة لرصد ومتابعة تحقيق الأهداف الأممية.
كما استعرض الوفد المصري التجربة المصرية الناجحة في مجال معالجة مياه المصارف الزراعية باستخدام تقنيه الأراضي الرطبة (wet lend) حيث تم عرض تجربة المركز القومي لبحوث المياه في محطة بحيرة المنزلة التابعة لمعهد بحوث الصرف، حيث تعالج المحطة 250 ألف متر مكعب يوميا من مياه مصرف بحر البقر للاستخدام في الزراعة والإستزراع السمكي وأثبتت فعاليتها في إزالة الملوثات بكفاءة عالية.
كما تم استعراض عدد من التجارب البحثية للأراضي الرطبة داخل زمام مصارف إدفينا والبهو بالوجه البحري، وكذلك النموذج الخاص بمعالجة الصرف الصحي بقرية سماحة بمحافظة الدقهلية باستخدام الأراضي الرطبة، وقد أظهرت النتائج قدرة تكنولوجيا الأراضي الرطبة في معالجة مياه المصارف للاستخدام الزراعي والاستزراع السمكي وذلك بتكلفه منخفضة، بحيث تعتبر هذه التقنيه من الحلول الصديقة للبيئة.
وفي ذات السياق، استعرضت جامعة ڤاجنن بهولندا خبرات الجامعة في تطوير تكنولوجيا الأراضي الرطبة.. حيث تم الإتفاق فى المجلس الاستشاري المصري الهولندي على تبادل الخبرات بين مصر وهولندا في هذا المجال وعمل دورات تدريبيهطة لرفع قدرات باحثي المركز ومهندسي الوزارة في تطبيقات تكنولوجيا الأراضي الرطبة.
أما في مجال حماية الشواطئ، استعرض الوفد المصري جهود الوزارة في حماية شواطئ دلتا نهر النيل لحماية المناطق الساحلية وإكتساب أراضي جديدة، مع الإشارة إلى أنه تم خلال السنوات الماضية تنفيذ أعمال حماية للشواطئ بأطوال تصل إلى 210 كيلومترات، وجار العمل في حماية أطوال أخرى تصل إلى 45 كيلومترا بهدف تأمين الأفراد والمنشآت بالمناطق الساحلية، والعمل على إيقاف تراجع خط الشاطئ في المناطق التي تعاني من عوامل النحر الشديد، الأمر الذي يسهم في حماية المنشآت بالمناطق التي تتم فيها أعمال الحماية، وحماية الأراضي الزراعية الواقعة خلف أعمال الحماية، والعمل على استقرار المناطق السياحية وإكتساب مساحات جديدة للأغراض السياحية، وحماية بعض القرى والمناطق المنخفضة من مخاطر الغمر بمياه البحر، كما تسهم أعمال الحماية في تنمية الثروة السمكية بالبحيرات الشمالية من خلال العمل على تطوير بواغيز هذه البحيرات وتنميتها، لضمان جودة مياه البحيرات من خلال تحسين حركة دخول مياه البحر للبحيرات.
كما تم استعراض مجهودات وزارة الموارد المائية والرى في تنفيذ مشروع تعزيز التكيف مع آثار التغيرات المناخية على السواحل الشمالية ودلتا نهر النيل لمواجهة ارتفاع منسوب سطح البحر والظواهر الجوية الحادة والتى تؤثر على المناطق الساحلية المنخفضة الحرجة وتوغل مياه البحر في أوقات النوات بإجمالى أطوال تصل إلى حوالي 69 كم في خمس محافظات ساحلية هي (بورسعيد – دمياط – الدقهلية – كفر الشيخ – البحيرة) ، ويتميز هذا المشروع بتنفيذ تجارب رائدة فى إستخدام تقنيات قليلة التكلفة ومواد صديقة للبيئة من البيئة المحيطة بمنطقة المشروع في أعمال الحماية ، حيث تم إنشاء عدد من الجسور الشاطئية لحماية المناطق المنخفضة ، وإنشاء خطوط طولية لمصدات الرمال ثم عمل صفوف عمودية عليها ، حيث تستخدم مصدات الرمال في تجميع الرمال وتقليل فقد الرمال بواسطة الرياح أثناء العواصف.
وتم عرض مجهودات الوزارة لإنشاء نظام للرصد على سواحل البحر المتوسط لرصد حركة الأمواج ومناسيب مياه البحر المتوسط وبيانات الطقس مثل الرياح والأمطار ودرجات الحرارة ، وهذه البيانات سيتم إستخدامها من خلال مركز التنبؤ للشواطئ.. كما تم عرض مجهودات الوزارة في إعداد خطة إدارة متكاملة للمناطق الساحلية على طول السواحل الشمالية لمصر على البحر المتوسط؛ للحفاظ على الاستثمارات والثروات الطبيعية بالمناطق الساحلية.
واتفق الطرفان المصري والهولندي على أهمية تبادل الخبرات بين الجانبين في مجال حماية الشواطئ واكتساب الأراضي.
كما تم مناقشة مقترح تطبيق نظم الحماية المتوائمة مع الطبيعة؛ وذلك لحماية الشواطئ المصرية من النحر، والتي تتضمن نظام التغذية بالرمال وكذلك محرك الرمال، حيث اتفق الجانبان المصري والهولندي على عمل دراسة تفصيلية لهذا المقترح تشمل الجوانب الفنية والبيئية والاقتصادية لتحديد مدى جدوى هذه المقترح وحساب كميات الرمال المتوفرة على شواطئ البحر المتوسط وأماكن تواجدها لاستخدامها كمصدر للتغذية في المستقبل في حالة ملاءمتها لهذا الغرض مع تعزيز التعاون بين الجانبين في مجال بناء القدرات في هذا المجال.