استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح اليوم بقصر الاتحادية، نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، الذي بدأ زيارة رسمية إلى مصر مساء أمس، وذلك في إطار العلاقات المتميزة والتاريخية على مر العصور بين البلدين والراسخة عبر التاريخ.
وترتبط مصر والصومال بعلاقات تاريخية بدأت منذ عهد الفراعنة، وتحديدًا عندما قامت الملكة حتشبسوت، خامس فراعنة الأسرة الثامنة عشر، بإرسال البعثات التجارية إلى "بلاد بونت"، الصومال حاليًا، لجلب منتجات تلك المنطقة، خاصة البخور.
وتعد الزيارة الحالية هي الأولى للرئيس الصومالي منذ انتخابه في 15 مايو الماضي، حيث تأتي بعد زيارات خارجية شملت كلا من دولة الإمارات، تركيا، إريتريا، كينيا، جيبوتي وتنزانيا.
تاريخ العلاقات المصرية الصومالية
كانت مصر أول الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960، وحتى الآن لا يزال يُذكر بكل تقدير اسم الشهيد المصري "كمال الدين صلاح"، مندوب الأمم المتحدة لدي الصومال الذي دفع حياته عام 1957 ثمنًا لجهوده من أجل حصول الصومال على استقلاله والحفاظ على وحدته، ويتعاون البلدان في شتى المجالات بجانب أنه يجمعهما مواقف تاريخية مشرفة سياسية وعسكرية متبادلة لكلا البلدين تجاه الآخر في الأزمات الإقليمية والدولية.
ومنذ الستينيات من القرن الماضي، تزداد علاقات تعاون البلدين عمقا، حيث وقفت مصر إلي جانب الصومال في نضاله ضد الاستعمار البريطاني والإيطالي، وبعد حصوله على الاستقلال عام 1960، واصلت مصر دعم الصومال في جميع مجالات الحياة كي يعزّز موقعه الطبيعي كجزء أصيل من الوطن العربي، ومنذ اندلاع الأزمة الصومالية عام 1991، سعت مصر إلى إيجاد الحلول وإنهاء الاقتتال بين الأخوة الصوماليين.
وتعمل مصر على مر السنوات من أجل تحقيق الاستقرار وحماية وحدة الصومال وكذلك دعمه في شتى الأزمات، وتشارك مصر بفاعلية في مجموعة الاقتصاد الدولية المعنية بالمشكلة الصومالية، وتكثف من تحركاتها الدولية خلال السنوات الأخيرة لحشد الدعم للقضية الصومالية وحث القوى الدولية للمساهمة في إعادة بناء المؤسسات الوطنية الصومالية نظرًا للأهمية القصوى للصومال في تعزيز الأمن القومي المصري.
كما أن مصر عضو في مجموعة الاتصال الدولية المعنية بمكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية حيث تولت رئاسة مجموعة العمل الرابعة المنبثقة عن مجموعة الاتصال وهي مجموعة تختص بدعم الجهود الدبلوماسية ونشر الوعي بشأن ظاهرة القرصنة.
في عام 1971، قام محمد سياد بري الرئيس الصومالي الأسبق بزيارة تاريخية إلى مصر، حيث استقبله الرئيس الراحل أنور السادات في الإسكندرية، وقد فتحت هذه الزيارة التاريخية آفاقًا واسعة للتعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.
العلاقات المصرية الصومالية في عهد السيسي
وبعد تولي الرئيس السيسي الحكم، زار الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود القاهرة عدة مرات كانت الأولى في 9 يونيو 2014، لحضور حفل تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأجرى خلال الزيارة لقاءً مع الرئيس السيسي تناول بحث تقوية أواصر العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها.
وكذلك في 29 ديسمبر2014، قام الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بزيارة لمصر استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي وبحث الجانبان آخر التطورات على الساحة السياسية الداخلية في الصومال، حيث استعرض شيخ محمود الخطوات الجارية لبسط سيطرة الحكومة على مختلف أنحاء البلاد ومواجهة الميليشيات الإرهابية، فضلاً عن إعداد دستور جديد للصومال وإرساء دعائم الدولة والتمهيد لتحويلها إلى نظام فيدرالي قبل عام 2016.
وفي 27 مارس 2015، قام الرئيسَ الصومالي حسن شيخ محمود، بزيارة مصر لحضور القمة العربية في دورتها الـ 26، استقبله الرئيس السيسي، وفي 14 مارس 2015، التقى الرئيس السيسي، على هامش أعمال اليوم الثالث لمؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، حسن شيخ محمود رئيس جمهورية الصومال، حيث أعرب الرئيس الصومالي عن امتنانه لمواقف مصر الداعمة والمساندة للشعب الصومالي، سواء من خلال مشاركتها الفعالة والنشطة في جهود التسوية السياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي، أو من خلال برامج الدعم الفني التي يتم تقديمها من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية.
وفي 16 يوليو 2016، التقي الرئيس السيسي، بالرئيس الصومالي وذلك على هامش اجتماعات القمة الإفريقية التي عٌقدت في كيجالي، حيث أكد الرئيس خلال اللقاء التزام مصر بدعم استقرار ووحدة الصومال الشقيق، ودعم تنفيذ خطة "رؤية الصومال 2016"، من خلال تقديم المساعدة في تنمية الصومال وبناء القدرات للكوادر هناك.
وفي 22 فبراير 2017، شاركت مصر في مراسم تنصيب الرئيس الصومالي الجديد محمد عبد الله فرماجو، وأثناء مشاركته في مراسم التنصيب، التقى السفير حمدي سند لوزا، نائب وزير الخارجية للشئون الإفريقية، الرئيس الصومالي، حيث سلمه رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي تضمنت دعوته لزيارة مصر، كما بحث الجانبان الأوضاع الراهنة في الصومال، ومن أهمها موجة الجفاف التي عانت منها بعض المناطق في الصومال.
في 19 أغسطس 2017، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، حيث بحث الرئيسان سبل دعم العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وتقديم المساندة في تحقيق التنمية والاستقرار في الصومال، وكذلك الدعم في المجالات التعليمية والدورات التدريبية والرعاية الصحية في إطار الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا، إلى جانب مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والإفريقية والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب .
مبادرات مصرية لاستقرار الصومال
وعلى مدار السنوات الماضية، سعت مصر لاحتواء الأزمة في الصومال وتحقيق الاستقرار هناك، ففي عام 1989، طرحت مصر مع إيطاليا مبادرة لإيجاد تسوية ومصالحة بين الفصائل المعارضة ونظام حكم سياد بري، وشهدت القاهرة والسفارة المصرية في مقديشو، لقاءات واجتماعات بين المسئولين في نظام محمد سياد بري والجبهات المعارضة، للحيلولة دون اندلاع الحرب الأهلية في الصومال.
ثم في 14 أكتوبر 1993، استضافت مصر مؤتمر القاهرة للبحث عن حل سياسي للأزمة الصومالية، بمشاركة الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، وكذلك استضافت في الفترة من 12 نوفمبر حتى 22 ديسمبر عام 1997، القاهرة مؤتمرًا للمصالحة الوطنية الصومالية، جمع معظم قادة الفصائل الصومالية آنذاك، وتم التوصل فيه إلى قرارات في غاية الأهمية لإنهاء الحرب الدائرة آنذاك في مقديشو، أطلق عليها "إعلان القاهرة".
وفي 6 مارس عام 1994، عُقد مؤتمر للمصالحة الوطنية بالقاهرة، وقد حضر المؤتمر ممثلو الفصائل الصومالية، وممثلون للتحالف الوطني الصومالي، ورئيس المؤتمر الصومالي الموحد، والرئيس المؤقت على مهدي محمد، إضافة إلى رئيس جبهة الإنقاذ الوطني، ورئيس الحزب الصومالي المتحد، ورئيس الحركة الديمقراطية الصومالية.