يعد الإعلام الجديد أحد عناصر قوى الدولة الشاملة التى تقوم بدور رئيسي وفاعل في الحفاظ على الأمن القومي المصري، وأول ملامح هذه الفاعلية العمل على بناء الروح الوطنية وتقويتها لدى المواطن من خلال استراتيجية إعلامية للدولة لبناء مصر لتصبح قوية ومتطورة تقوم بدور ريادى في محيطها الإقليمي والدولي.
فالعلاقة بين الإعلام والأمن القومي هي علاقة ارتباطية، فالإعلام بوسائله المقروءة والمسموعة والمرئية تقوم بدور بارز ويؤثر بفاعلية، وبلا منازع في دعم نشر المعرفة بكافة قضايا الأمن القومي، من خلال التغطية الإعلامية، فضلاً عن دوره المهم في تنمية الوعي السياسي لدى المواطنين واستيعابهم لما يدور على الساحة الداخلية ، حيث يتناول القضايا الوطنية التي تؤثر في قدرات الدولة السياسية، من خلال الشرح والتحليل لهذه القضايا وتعريف المواطن بأسبابها وأسلوب التعامل معها، ومن هذه القضايا قضايا الأمن المائي لمصر، وقضايا الأمن الجيوسياسي، والتى تعتبر من أهم القضايا التى تمس الأمن القومي خلال الفترة الأخيرة، ويتناولها الإعلام المصري عن كثب وباهتمام شديد وبصورة مستمرة نظراً لتأثيرها الخطير على المن القومي المصري، وبهذا نجد أن العلاقة الوثيقة بين الإعلام والأمن القومي تشكل عنصر الأمن والاستقرار في المجتمع.
في هذا الإطار جاءت الدراسة المهمة التي أعدها د. شريف درويش اللبان رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة ود. فاطمة علي حسن الأباصيري مدير العلاقات العامة بكلية الإعلام جامعة بني سويف؛ حيث تتبلور المشكلة البحثية الراهنة في رصد وتحليل وتفسير أطر تناول المواقع الإلكترونية المصرية لقضايا الأمن القومي وانعكاس هذا التناول على تشكيل اتجاهات الجمهور المصري نحو هذه القضايا، وخاصة قضيتي الأمن المائي المصري "قضية سد النهضة نموذجاً"، وقضية الأمن الجيوسياسي "قضية أزمة ليبيا نموذجاً"، والتى تتناولهم هذه الدراسة كنموذج على أهم قضايا الأمن القومي المصري التى يتناولها الإعلام الجديد متمثل في المواقع الإلكترونية للصحف خلال الفترة الماضية.
تنبع أهمية الدراسة من عدة اعتبارات نظرية ومجتمعية؛ حيث سعت هذه الدراسة إلى تقديم مساهمة علمية تشرح وتفسر دور الإعلام الجديد في خدمة قضايا الأمن القومي، وقد تفيد نتائج هذه الدراسة صناع القرار والصحف الإلكترونية المصرية في معرفة توجهات الجمهور نحو قضايا الأمن القومي المصري، علاوة على أهمية رصد أو تناول مدى تأثير نمط الملكية للمواقع الإلكترونية الإخبارية على قضايا الأمن القومي في التغطية الصحفية، وتصاعد الاهتمام الجماهيري بالمواقع الإلكترونية للصحف، حيث أتاحت التغطية الفورية للأحداث الجارية تحقيق نسبة تعرض عالية بما تطرحه من قضايا مثيرة للجدل ، بما يتيح لها أن تقوم بدوراً حيوياً في تشكيل اهتمامات الجمهور نحو مختلف قضايا الأمن القومي داخل المجتمع.
وتنتمي هذه الدراسة إلي الدراسات الوصفية، واعتمدت على منهج المسح للجمهور، واعتمدت الدراسة على صحيفة الاستبيان كأداة لجمع البيانات والمعلومات، كما اعتمدت الدراسة على عينة حصصية لعدد (600) مبحوثًا من الجمهور المصري.
متابعة المبحوثين لتغطية المواقع الإلكترونية للصحف المصرية لقضايا الأمن القومي المصري:
خَلُصَت نتائج الدراسة إلى أن نسبة من يتابعون تغطية المواقع الإلكترونية للصحف المصرية لقضايا الأمن القومي المصري بصفة منتظمة من إجمالى مفردات عينة الدراسة بلغت 35.00% ، موزعة بين 43.06% من إجمالى مفردات عينة الذكور فى مقابل 27.56% من إجمالى مفردات عينة الإناث، وبلغت نسبة من يتابعون تغطية المواقع الإلكترونية للصحف المصرية لقضايا الأمن القومي المصري بصفة غير منتظمة (أحياناً) من إجمالى مفردات عينة الدراسة 45.17% موزعة بين 33.33% من إجمالى مفردات عينة الذكور فى مقابل 56.09% من إجمالى مفردات عينة الإناث، بينما بلغت نسبة من يتابعون تغطية المواقع الإلكترونية للصحف المصرية لقضايا الأمن القومي المصري نادراً من إجمالى مفردات عينة الدراسة 19.83% موزعة بين 23.61% من إجمالى مفردات عينة الذكور فى مقابل 16.35% من إجمالى مفردات عينة الإناث.
ويشير ذلك إلى عدم انتظام متابعة المبحوثين لقضايا الأمن القومي المصري من خلال المواقع الإلكترونية، ويرجع هذا إلى زيادة اعتماد المبحوثين علي المواقع الإلكترونية حسب الأحداث والظروف والقضايا التى تطرأ على الساحة، فهذه الأحداث والقضايا لا تحدث يومياً.
أسباب متابعة المبحوثين لتغطية المواقع الإلكترونية لقضايا الأمن القومي المصري:
ذكرت الدراسة أن أهم أسباب متابعة المبحوثين لتغطية المواقع الإلكترونية للصحف المصرية عبر الإنترنت لقضايا الأمن القومي المصري وفقا للنوع، حيث جاء فى الترتيب الأول لأنها تقوم بالنشر الفوري والسريع للأحداث عن هذه القضايا ، حيث جاءت بنسبة بلغت 84.67% وتتفق هذه النتيجة مع نتائج دراسة مها عبد المجيد، والتى أوضحت أنه جاءت الوظيفة الإخبارية فى مقدمة أسباب تعرض الجمهور للصحف الإلكترونية. وجاء فى الترتيب الثانى لأنها تستخدم العديد من الوسائط المتعددة كالصور والفيديوهات والانفوجراف التى تدعم عرض الأخبار والمعلومات، حيث جاءت بنسبة بلغت 69.50% وجاء فى الترتيب الثالث لأنها تقدم تصريحات مؤسسة الرئاسة عن هذه القضايا بشكل سهل وبسيط يمكن فهمه من خلالها ، حيث جاءت بنسبة بلغت 62.83% وجاء فى الترتيب الرابع تتابع تطور الأحداث وإمكانية تعديل الأخبار بناءً على الحقائق الجديدة، حيث جاءت بنسبة بلغت 61.83%، وجاء فى الترتيب الخامس حتى لا أتعرض للتضليل من خلال الشائعات المنشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جاءت بنسبة بلغت 60.00% وجاء فى الترتيب السادس لأنها تعرض وجهات النظر المختلفة عن هذه القضايا ، حيث جاءت بنسبة بلغت 45.67% وجاء فى الترتيب السابع لتوافر المصداقية في هذه المواقع ، حيث جاءت بنسبة بلغت 45.33% وجاء فى الترتيب الثامن لأنها تتيح لي فرصة المشاركة في إبداء الرأى عن هذه القضايا، حيث جاءت بنسبة بلغت 42.33% وجاء فى الترتيب التاسع لأننى أثق في تغطيتها للأحداث بموضوعية، حيث جاءت بنسبة بلغت 41.17%، وتعكس النتائج السابقة زيادة إقبال الجمهور على الاستفادة من الإمكانيات الحديثة التى تتيحها المواقع الإلكترونية سواء كانت السهولة والسرعة والتى جاءت في المقام الأول بنسبة بلغت 84.67%أو أنها غير مكلفة مادياً ، وجاءت هذه الدراسة متوافقة مع نتائج دراسة "سعيد الغريب النجار" من أن الصحف الإلكترونية تتمتع بمزايا عديدة تجعلها تتفوق على غيرها من الوسائل مثل الاستفادة من ثورة المعلومات والأنظمة الرقمية ، وتقنية النص الفائق ، واتسام مضامين الصحيفة الإليكترونية بالحالية والآنيه(24)، وأيضاً متوافقة مع نتائج دراسة "فاطمة على" والتى أشارت إلى تفضيل المبحوثين الإطلاع على النسخة الإلكترونية للصحف لسرعة وسهولة التصفح.
موقف المبحوثين حول العبارات التى تقيس مستوى تفاعل الجمهور مع الموضوعات المتعلقة بقضايا الأمن القومي المصري:
أشارت الدراسة إلى موقف المبحوثين حول العبارات التى تقيس مستوى تفاعل الجمهور مع الموضوعات المتعلقة بقضايا الأمن القومي المصري عبر الصحف الإلكترونية على الإنترنت، التى جاءت بمستوى منخفض بمتوسط حسابى 1.36، حيث جاءت عبارة "أفحص محتويات الأخبار أو المعلومات كاملة" فى الترتيب الأول بدرجة تقييم منخفضة بمتوسط حسابى 1.47 وجاءت عبارة "الصور المصاحبة للموضوعات في الموقع تؤكد من صحة الأخبار التي تتناولها" فى الترتيب الثانى بدرجة تقييم منخفضة بمتوسط حسابى 1.45، وجاءت عبارة "مقاطع الفيديو المصاحبة للموضوعات تؤكد دقة الأخبار التي تتناولها" فى الترتيب الثالث بدرجة تقييم منخفضة بمتوسط حسابى 1.42، وجاءت عبارة "تتمتع أخبار مواقع الصحف الإلكترونية بمصداقية لدى معظم الجمهور" فى الترتيب الرابع بدرجة تقييم منخفضة بمتوسط حسابى 1.41.
وجاءت عبارة "أثق في الخبر المنشور خاصة في وجود صورة أو فيديو متعلق بالخبر" فى الترتيب الخامس بدرجة تقييم منخفضة بمتوسط حسابى 1.40، وجاءت عبارة "أكتفي بمتابعة الخبر دون إضافة أي تعليق أو البحث عن مصدره" فى الترتيب السادس بدرجة تقييم منخفضة بمتوسط حسابى 1.38، وجاءت عبارة "أتحقق من مصدر الأخبار قبل إبداء رأيى بها سواء كان بالإعجاب أو التعليق أو المشاركة" فى الترتيب السابع بدرجة تقييم منخفضة بمتوسط حسابى 1.36، وجاءت عبارة "أشعر مع أخبار مواقع الصحف الإلكترونية بالكفاية التي لا أجدها مع أية وسيلة إعلامية أخرى" فى الترتيب الثامن بدرجة تقييم منخفضة بمتوسط حسابى 1.35، وجاءت عبارة "تهتم مواقع الصحف الإلكترونية بنشر وجهات النظر المختلفة حول الأحداث الجارية" فى الترتيب التاسع بدرجة تقييم منخفضة بمتوسط حسابى 1.34، وجاءت عبارة "أقوم بالتفاعل مع الأخبار والمعلومات المنتشرة عبر مواقع الصحف الإلكترونية دون التأكد من صحتها فى الترتيب العاشر بدرجة تقييم منخفضة بمتوسط حسابى 1.05.
وتعكس هذه النتائج مستوى تفاعل الجمهور مع الموضوعات المتعلقة بقضايا الأمن القومي المصري عبر المواقع الإخبارية الإلكترونية حيث يفضل المبحوثون فحص محتويات الأخبار أو المعلومات كاملة حين التعرض لقضية معينة، ويرجع ذلك إلى قدرة وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة المواقع الإلكترونية للصحف المصرية على نقل الأفكار والآراء المتعلقة بقضية معينة لعدد كبير من الأشخاص في مناطق مختلفة من العالم، مما يتيح بذلك المجال لبلورة رأي عام محلى ودولي مساند لبعض القضايا.
ونواصل نشر نتائج هذه الدراسة الأسبوع القادم بإذن الله.