الخميس 2 مايو 2024

جدل على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن إلغاء قائمة المنقولات الزوجية.. ما حقيقة الأمر؟

قائمة المنقولات الزوجية

تحقيقات27-7-2022 | 15:50

أماني محمد

حالة من الجدل أثيرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية بعد أنباء عن إلغاء قائمة المنقولات الزوجية، وأن الزوج هو من سيتولى تجهيز الشقة كاملة وشراء كل مستلزمات تأثيث المنزل، وهو ما أثار اهتماما كبيرا لدى المستخدمين الذين تفاعلوا مع الأنباء المتداولة عن إلغاء قائمة المنقولات.

وتعد قائمة المنقولات الزوجية من أكثر الأمور اهتماما لدى المقبلين على الزواج، حيث أنه وقعت الكثير من حالات الشجارات والانفصال أحيانا كان سببها الخلاف على تلك القائمة ومبالغة أسرة الزوجة في تقدير قيمتها أو رغبة الزوج في كتابة قيمة أقل من قيمتها الحقيقية، ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى ارتكاب جرائم كان من آخرها طعن شخص لوالد خطيبته عدة طعنات بسبب الخلاف على قائمة المنقولات.

إلغاء قائمة المنقولات

وكانت بداية الاهتمام، بتداول منشور لأحد الأشخاص يقول فيه "ألف مبروك للرجالة القايمة سقطت في مصر"، ليتداول المستخدمين هذه التدوينة على نطاق واسع، وسط عدد من التعليقات الساخرة، فيما لم يصدر أي قرار رسمي في هذا الصدد حتى الآن، ولا يوجد أي تشريع نص على إلغاء قائمة المنقولات الزوجية أو حتى مشروع قانون بذلك.

وتداول المستخدمون تعليقات ساخرة على هذا الأمر، اعتبرت أن هذا يعني أن الرجل سيقوم بتأثيث الشقة كاملة وأن الزوجة ليست مسئولة بعد الآن إلا عن شراء ملابسها الشخصية.

فيما قال مستخدم آخر إن "للأسف تريند إلغاء القايمة المنتشر حاليا واللغط المثار حواليه من مؤيد ومعارض وصل لحد التطاول المثير للحزن والكآبة بغض النظر عن رأيي فيه، لكن تحول العلاقة من مودة ورحمة بين طرفين لعلاقة ندّية وإثبات علو يد لطرف على الآخر هو حكم بالفشل على أي زواج قبل بدايته علشان كدا كل يوم المحاكم مليانه والأطفال تايهين استقيموا يرحمكم الله".

حقيقة إلغاء قائمة المنقولات الزوجية

وخلال الأيام الماضية تضمنت بعض مشروعات القوانين التي تقدم بها بعض النواب نصوصا تضمن توثيق قائمة المنقولات الزوجية، بل وإلزام المأذون قبل توثيق عقد الزواج أن يتحقق من وجود قائمة منقولات زوجية باسم الزوجة مذيلة بتوقيع الزوج وشاهدي عدل ثابت بها تفاصيل المنقولات وإجمالي ثمنها بالجنيه المصري ومصدق عليها بمحضر تصديق بالشهر العقاري مذيل بشعار الجمهورية.

وتضمن مشروع القانون نصا بموجبه يتم توقيع عقوبة الوقف ستة أشهر بحق المأذون الذي يغفل عن إثبات قائمة المنقولات الزوجية بوثيق الزواج، وفي حالة العود تطبق عقوبة العزل بعد إجراء التحقق اللازم.

وكان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف قد أطلق مبادرة "لتسكنوا إليها" للقضاء على العادات السيئة المتبعة في الزواج ومواجهة المغالاة في تكاليفه، وتضمنت تلك المبادرة في أحد نصوصها الاقتصار على كتابة المنقولات الفعلية دون المبالغة وكذلك تأجيل ما يمكن تأجيله من أثاث، والإقتصار على الأجهزة الضرورية، والاقتصاد في الكسوة وإلغاء الأجهزة الكهربائية غير الضرورية.

حكم الشرع في قائمة المنقولات الزوجية

وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية، حكم قائمة المنقولات الزوجية، موضحة أنه قرر الشرعُ الشريفُ حقوقًا للمرأة معنويةً ومالية، وجَعل لها ذِمَّتَها الماليةَ الخاصةَ بها، وفرض لها الصَّدَاقَ، وهي صاحبةُ التصرف فيه، وكذلك الميراث، وجَعل مِن حقها أن تبيع وتشتري وتَهَب وتقبل الهِبَة وغير ذلك مِن المعاملات المالية، ما دامت رشيدةً، شأنُها في ذلك شأنُ الرجل.

وتابعت: قال تعالى في شأن الصَّدَاق (أي المَهر): ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: 4]، وقال سبحانه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 24].

وأوضحت أنه إذا ما قامت المرأةُ بإعداد بيت الزوجية بمقدم صداقها سواء أَمْهَرَهَا الزوجُ الصداقَ نَقدًا أو قَدَّمَه إليها في صورة جهازٍ أَعَدَّه لبيت الزوجية فإن هذا الجهاز يكون مِلكًا للزوجة مِلكًا تامًّا بالدخول، وتكون مالِكَةً لنصفه بعَقد النكاح إن لم يتم الدخول؛ كما جاءت بذلك نصوصُ القرآن الكريم وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وتابعت: وعادةً ما يكون هذا الجهاز في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوجُ أو يؤجره مِن الغير، فيكون الجهازُ تحت يَدِ وقَبضَةِ الزوج.

فلَمَّا ضَعُفَت الدِّيَانةُ وكَثُر تَضييعُ الأزواجِ لِحُقوقِ زوجاتِهم رَأى المُجتمَعُ كتابةَ قائمةٍ بالمنقولات الزوجية (قائمة العَفْش)؛ لِتَكون ضَمَانًا لِحَقِّ المرأة لَدى زوجها إذا ما حَدَثَ خلافٌ بينهما، وتَعارَفَ أهلُ بلادنا على ذلك.

والعُرف أَحَدُ مَصادِرِ التشريع الإسلامي ما لم يَتعارض مع نَصٍّ مِن كتابٍ أو سنةٍ أو إجماعٍ؛ لأنه لا اجتهاد مع النَّصِّ؛ وقد وَرَدَ عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه: "ما رأى المُسلِمُون حَسَنًا فهو عندَ اللهِ حَسَنٌ، وما رأَوا سَيِّئًا فهو عندَ اللهِ سَيِّئٌ" أخرجه أحمـد والطيالسي في مسندَيهما واللفظ لأحمد.

والقائمة إذا استُخدِمَت في موضعها الصحيح ولم تُستَخْدَم للإساءة ليست أمرًا قبيحًا، بل هي أمرٌ حَسَنٌ يَحفظ حقوقَ الزوجة ولا يَضُرُّ الزوجَ، ولا تُصادِمُ نصًّا شرعيًّا، ولا قاعدةً فقهيةً، وإنما هي مُتَّسِقَةٌ مع الوسائل التي استَحَبَّها الشرعُ في العُقودِ بِعَامَّةٍ؛ كاستِحبَابِ كتابةِ العُقودِ، واستِحبَابِ الإشهادِ عليها، وعَدَمُ وجودها في الزمنِ الأولِ لا يُشَوِّشُ على مشروعيتها؛ لأنها تَتَّسِقُ مع المقاصد العامَّةِ للشريعة مِن السعيِ لضمانِ الحقوقِ، ورَفْعِ النـِّزاع، فهي ليست البدعةَ المذمومةَ المَنهِيَّ عنها، بل هي بدعةٌ مُستَحسَنَةٌ مَمْدُوحَة، يَصِحُّ أن يُقال فيها وفي أمثالها كما قال عمر رضي الله تعالى عنه: "نِعمَتِ البِدعةُ".

واختتمت: عليه: فلا حَرَجَ شرعًا في الاتفاق على قائمة العَفْش عند الزواج، ولا بأس بالعمل بها، مع التنبيه على عَدَمِ إساءة استخدامها.

Dr.Randa
Dr.Radwa