أقيمت الجلسة الثانية من المائدة المستديرة "المخرج والنص المسرحي" ضمن المحور الفكرى للمهرجان القومي للمسرح المصري، برئاسة الفنان القدير يوسف إسماعيل، بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة، والتى أدارها المخرج الكبير عصام السيد.
فى البداية قال المخرج عصام السيد: إن علاقة المخرج بالنص المسرحي، كانت أولى مراحله تقديس النص ثم تطورت إلى مرحلة الإدخال والتعديل والتى تحولت فيما بعد إلى معارك، لعل من أبرزها معركة الفرافير بين يوسف إدريس وكرم مطاوع حول نص الفرافير، وبين نجيب سرور وجلال الشرقاوي، وازدادت خلال فترة التسعينيات، ومنها معركة طفيفة دارت بين رشاد رشدى وسمير العصفوري بسبب تغيير الأخير فى بعض مشاهد أحد نصوصه.
وأشار "السيد" أن هناك جرائم تقع فى حق بعض النصوص، حيث يقوم بعض السادة المجربين، بحجة أنها رؤيته، لكنه فى النهاية يقدم أفكارًا مختلفة عما يقدمه المؤلف.
ومن جانبه قال المخرج مراد منير: إن كراسة الإخراج الخاصة بي، مليئة بالأشعار والموسيقى التى تعبر عن أحلامي، وعن رؤيتي للنص، وأذكر أنني جمعتنى جلسة مع الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن، وقرأ علي أحد نصوصه وطلب مني أن أقدمه كما هو فقلت إن النص تأليف الكاتب والعرض تأليف المخرج.
ولفت "منير": من ضمن أسباب شغفي بنص "المملوك جابر" هو اتفاق رؤيتي مع مؤلف النص الكاتب الكبير سعدالله ونوس، وكانت هناك بعض التعديلات البسيطة لكن دون الإخلال برؤية المؤلف، وأتذكر عندما قرأت النص لأول مرة كان وقعه علي كالسحر، ووجدته كاملا، فعندما أقرا النص لأول مرة إما أن يتجسد فى ذهني أو لا يمكننى أن أقدمه من الأساس.
وأوضح مراد منير: استفدت من لغة ميخائيل رومان فى "الدخان" وخلق محمد نوح حالة فنية ساحرة بموسيقاه وأغانيه، لم أغير فيما قدمه "رومان" لكنني جسدتها مسرحيا مقدما حالة شاعرية، فقد سحرتني منذ الوهلة الأولي لكنها ظلمت كما ظلم ميخائيل رومان حيا، عندما عرضت مرة واحدة فقط على التليفزيون قبل أن تختفي.
فيما قال المخرج عزت زين: إن بدايتي كانت فى مشاهدة الأعمال فى المنزل أو المدرسة، وكانت القراءة هى ما فتحت عينى على عالم الخيال، وبعد عملي فى التمثيل كنت أنتقد تدخل المخرج فى النصوص سواء بالحذف أو إضافة جمل كوميدية على الجمل الحوارية، وبعدما قدمت كممثل عرضا مسرحيا عن نص "ياسين وبهية" لم يصل إلى روح وعمق أفكار نص نجيب سرور، فقررت بعدها بشهور أن أخوض تجربة الإخراج.
وأضاف "زين": بدايتي فى الإخراج كانت عن طريق قيامي بمعالجة نص "ياسين وبهية" وتحولت القراءة لدى للنصوص المسرحية ليست للمتعة فقط، بل للتعمق والفهم وخلق رؤى جديدة، وحتى الآن كنت ولازالت مع حرية المخرج فى تعديل ما يشاء فى النص مع ضرورة الحفاظ
على المغزى الاخلاقى للنص، حتى أنني كنت أكتشف النص مع كل اختيار جديد.
بينما قال المخرج حسن الوزير: شغفي بالمسرح بدأ من إنتقادي للعروض التى شاهدتها فى بداياتي، وخاصة الخطابة الشديدة فى أداء الممثل أو توزيعة المجاميع، ومن هنا جاءت دراستى واختياري للإخراج، وكانت بدايتي مع اللغة العربية الفصحى وعن طريق بدايتي فى نوادي الأدب قدمت عروضي الأولى مع الثقافة الجماهيرية ، فقدمت عروضا مثل "مأساة الحلاج" وكان مرحلة هامة فى حياتي.
وتابع: إستفدت إستفادة كبيرة من الكاتب هشام السلامونى، وأذكر أن أحداث أسيوط الدامية فى بداية التسعينيات جعلتنى شعرت بأنني ضئيل، وما فائدة ما نقدمه ؟لكن عندما قرأت نص لهشام بعدها شعرت بالشغف وقررت عمل هذا النص وكانت مرحلة السلامونى هامة جدا.
و إستطرد: بعد رحيل السلاموني كانت هناك فترة عملي في الهناجر وهناك قدمت نصوصا للكاتب الكبير محمود دياب، منها "أرض لا تنبت الزهور" الذى فتح عينى علي علاقة الفن التشكيلي بالمسرح والذى كان سببا فى الطفرة الكبيرة التى شهدتها سينوغرافيا المسرح.
وأتم "الوزير": عندما أقدم نصا جديدا للمسرح أكون أنا كاتبه، أضع فيه رؤيتي، وليس بالضرورة السير على الخط الدرامي الذى وضعه المؤلف، أتمنى أن تجربتى تكتمل، لأنها لم تكتمل، وأشعر وكأنني لم أقدم شيئا بعد .
أما المخرج شادى سرور فقال: إن لم يعشق المخرج النص لن يقدمه، وفى بدايتي كنت أشاهد مسرحيات فؤاد المهندس ولم أكن اشغل بالي سوى بالأداء وأنني أرى الأستاذ، حتى شاهدت عرض "عشان خاطر عيونك" وهنا عرفت دور الجندى المجهول وهو المخرج.
وأوضح "سرور" فى المعهد لن أنسى محاضرة للمخرج الكبير جلال الشرقاوي، وتحدث عن المخرج المترجم والمخرج المفسر، وكيف شبه النص بالوردة الحمراء وكيف يجسدها المترجم كما هى للجمهور والمفسر يحاول تقديم رمزية تلك الوردة.
وأكد المخرج شادى سرور: اعتبر تجربتى مع الراحل أسامة نور الدين هامة، واعتبره واحدا من أبرز الكتاب، ومن تجربتى من نصوص دياب تيقنت أننا من الممكن أن نغير فى النص لكن لا نغير فى استراتيجيته، وعموما أنا أميل للكاتب المصري والعربي، لأنه المعبر عن قضايانا، بدلا من الجهد الذى يمكن أن نبذله فى تمصير نص أجنبي،
ولفت "سرور" الى ان تقديم رؤية جديدة لنص مسرحي تضفي متعة أكثر للجمهور، وعلى المخرج أن يكون ديمقراطيا مع كل العناصر الفنية ويعطيها حريتها، ومنها المؤلف، ومن الضروري أن يكون هناك مرونة لديهما، وفى إحدى المرات قرأت نص
"الملك هو الخليفة" للكاتب الكبير أبو العلا السلاموني، وكان نصا أدبيا بديعا لكن على مستوى الصورة لم يكن مجسدا فى ذهنى وعندما تحدتث مع المؤلف قال لي "أنا كتبت وأي تدخل هو رؤيتك ولك مطلق الحرية فيه".
واختتم شادى سرور قائلا: أنا انتمي لفكرة التجريب، أن نجرب ونجرب حتى نصل إلى الفكرة التى تحاول أن يعبر عنها النص، لكن فى النهاية المخرج عليه أن يكون لديه التزام مهني تجاه النص وإلا لماذا اختاره من الأساس؟.
فى السياق ذاته قال المخرج أحمد طه: إن المخرج هو مؤلف العرض المسرحي، وجيلي من جيل التسعينيات كان مهتما أكثر بالصورة، وكانت خلفيتي الأولى سياسية ومهتما بالنصوص السياسية، حتى قال لى المخرج مراد منير أن الأهم فى عملنا هى المتعة لأننا لن نغير الكون، لكن المهم أن نعبر عن الناس ونخلق لهم المتعة.
وأضاف "طه" أن المخرج يجب أن يقدر النص وإلا لماذا يختاره، وأن يكون اهتماماته أكثر بالعناصر الأخرى لكى تساعد المخرج فى إظهار رؤيته من موسيقى وسينوغرافيا، وفى النهاية المخرج هو صانع العرض، وأرى أن قيمة المخرج المسرحي فى مصر قليلة جدا، وأجره ضعيف جدا مقارنة بقيمته الفنية.
أما المخرج أسامة روؤف فقال : أنا لدى ميل فطرى إلى النصوص التى لها علاقة بالعزلة، لكنها ليست العزلة المكانية ، حتى رسالتى فى الدكتوراة كانت عن العزلة.