عشية الذكرى الثانية لانفجار مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت، تتجه الأنظار إلى الصوامع المتصدعة في الميناء، وسط تحذيرات من سقوط أجزاء من القسم الشمالي منها، في وقت اتهم أهالي الضحايا السلطات بالتقاعس إزاء ما يجري.
وتعاني صوامع المرفأ من حريق شب قبل ثلاثة أسابيع ولا يزال مستمرا حتى الآن، وهو ما دعا إلى التحذير من احتمال انهيارها.
وترتفع في بيروت الأصوات المنددة بإهمال إطفاء الحريق في مرفأ بيروت.
وكانت صوامع المرفأ شاهدة على الانفجار المدمر الذي وقع في أغسطس 2020، وأودى بحياة نحو 200 شخص وإصابة أكثر من 6 آلاف شخص.
ورغم تضررها الكبير في الانفجار الذي نجم عن وجود كميات ضخمة من نترات الأمونيوم، إلا أن الصوامع بقيت صادمة وحمت المنطقة الغربية من بيروت من أضرار كبيرة كادت تلحق بها.
وعادت هذه الصوامع إلى الواجهة من جديد خلال الأسابيع الأخيرة بعد أن شب فيها حريق.
وزادت نسبة ميل الصوامع في الجزء الشمالي من 6 الى 8 ملم في الساعة، وسط توقعات بانهيار أجزاء منها خلال وقت قريب.
وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن قوى الأمن اللبنانية حددت في محيط صوامع القمح في مرفأ بيروت مسافة 150 مترا يمنع على أي أحد أن يتخطاها، كونها مهددة بخطر الانهيار في أية لحظة.
وأخلت السلطات الرصيفين 7 و8 ومنعت السفن التجارية من الرسو فيها.
وعلق وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال، ناصر ياسين، على الإجراءات بالقول"إن الوقاية والاحتراس ضروريان في حال حدوث أي انهيار جزئي لصوامع الحبوب في مرفأ بيروت".
وأضاف ياسين أن "ارتفاع الحرارة من جراء احتراق الحبوب، ورش المياه في عملية الإطفاء، التي لم ينصح بها الخبراء، تسببت في ارتفاع رطوبة الحبوب المتخمرة، مما أدى إلى تفاقم الوضع".
وقالت المحامية سيسيل روكز "كنا قد أطلقنا نحن أهالي الضحايا حملة تضامنية لحماية الصوامع وتدعيمها مع فوج الإطفاء ونقابة المهندسين لتبقى ذكرى شاهدة لأرواح شهداء تفجير المرفأ قبل 19 يوما، وإذا بحريق يشب في أساسات الصوامع".
وأضافت روكز، وهي شقيقة إحدى ضحايا انفجار المرفأ أن "الحريق ليس مفتعلا وتعود أسبابه إلى تخمر كميات من حبوب القمح المخزنة في الصوامع منذ سنتين أسفل المبنى، وإطلاقها غازات الميتان التي تفاعلت مع أشعة الشمس والحرارة المرتفعة في بيروت".
وتابعت "قيل لنا إن هذا الحريق لا يطفأ بالماء ووفقا للخبراء يحتاج الى مواد خاصة غير متوفرة في لبنان".
وقالت "تواصلنا مع كل من مدير عام الدفاع المدني وقيادة الجيش ووزير الأشغال ووزير الاقتصاد وأفدنا بأن الخبير السويسري المشرف على المكان حذر من خطورة الإقتراب من أساسات الصوامع ".
وأضافت "طلبنا إطفاء النار من بعيد وكررنا مطلبنا ولكن دون جدوى وساندنا بذلك نقابة المهندسين ونواب التغيير إلا أننا فوجئنا برسائل تحذيرية من عدة وزارات بعدم الاقتراب من المبنى واتخاذ إجراءات احتياطية في الأحياء المجاورة للمرفأ".
واعتبر نائب عميد كلية الهندسة في جامعة بيروت العربية المهندس يحيى تمساح أن "ما يجري هو تخويف للناس وتهويل يحصل على وسائل التواصل الإجتماعي".
وقال "التكهن بانهيار الصوامع خلال ساعات مجرد كلام".
وأضاف "المؤكد أن الصوامع تميل بشكل متسارع لعدة مليمترات في الساعة ، وقد تزيد عن 10 ملم في الساعة أو أكثر، وهذا يقرب من حصول انهيارات جزئية في جسم الصوامع فقط".
وتابع تمساح "لايستطيع أحد أن يحدد مقدار الانهيار لأن المؤشر الوحيد هي الحساسات المركزة في أسفل الصوامع وهذه ممنوع الاقتراب منها حتى للمهندسين والمختصين من السلطات الرسمية".
وقال "نحن نعتمد فقط على التقدير والتوقعات عن بعد ويبقى المؤشر الوحيد زيادة ميلان أجزاء من المبنى".
وختم تمساح "في حال حدوث تشققات في قواعد المبنى قد تحصل انهيارات إنما في أجزاء منه"، متوقعا "سقوط أجزاء صغيرة من الجزء الشمالي للصوامع فقط".