قد تصبح السعادة أن يرن الهاتف فيأتيك صوتها، لتتساءل ولا تصدق ، ويختلط عليك الأمر ما بين الحُلم واليقظة، وقد لا تسعفك الذاكرة بما تريد من كلمات تواجه بها اللحظة ، ورغم حالة "النشوة" وارتفاعك نحو السماء ورؤيتك النجوم والقمر والشمس فى ذات الوقت، إلا أن روحها النابضة بصوتها الذى لا يتكرر تخبرك أنها هي، وكأنك تعود معها عندما واجهت الموسيقار محمد عبد الوهاب طفلة صاحبة ست سنوات وكانت ندًا له فى أول أفلامها "يوم سعيد" ، لتتألق وسط الكبار منذ البداية، وتصبح مكالمتها فى حد ذاتها جائزة وكيف لا وهي "فاتن حمامة".
أتصور أن ذلك ما شعرت به المخرجة كاملة أبو ذكري وهي تتلقى تلك المكالمة بعد نجاحها بصورة لافتة للمشاعر فى إخراج مسلسل "حكاية بنت اسمها ذات"؛ الذى لم يكن أول أعمالها الدرامية ؛ لكنه صنع حالة خاصة ترتبط باسمها خاصة أنه بطولة نيللى كريم التى صنعت معها حالة مختلفة ينتظرها الملايين.
لقد أخبرت "كاملة" على صفحتها الخاصة على فيسبوك الجميع عام 2013 : "فاتن حمامة كلمتني" وكأنها لم تعد تريد شيئًا، فقد كانت تلك المكالمة تكفي وتزيد، فمن يحتاج أن يسمع كلمات إعجاب بعد أن كلمته فاتن؟
كانت المكالمة عن المسلسل التليفزيونى، لكنها كانت النبوءة التى تحققت لتنال جائزة فاتن حمامة للتميز من مهرجان القاهرة السينمائي، بعد تسع سنوات.
مكالمة فاتن حمامة لم ينلْها سوى المميزين الذى فاجأتهم سيدة الشاشة أنها "معجبة" بأعمالهم ، وكيف لا يحلّق معها الفنان وهو فى بداية الطريق يسعى لإثبات وجوده ويريد أن يرى الجمهور مساحة تألقه الفنية، فتأتيه الجائزة التى أتصور أنها كانت دافعًا لكاملة أبو ذكري وكل من تلقاها ليكمل مسيرة التميز.
استطاعت كاملة أن تحافظ على جائزتها وثقة الجمهور بوجود اسمها منذ أن بدأت أول أعمالها فيلم "سنة أولى نصب" 2004 ، والذى تبعته بفيلمى "ملك وكتابة" و "عن العشق والهوى" 2006، ثم فيلم "واحد صفر" 2009، لتأخذها نوعًا ما الدراما التليفزيونية بعد تجربة السيت كوم "ستة ميدان التحرير" نحو مسلسل "ذات" 2013 ، فكانت المحصلة مجموعة من المسلسلات المتنوعة، لتكلل تألقها برائعتها الأخيرة "بطلوع الروح" 2022 ، حيث عزفت لحنًا شجيًا إنسانيًا متأملاً فى البشر وتطورات الواقع، تجاوزت به السبع سماوات، فحلقنا معها روحًا خالصة لا تزال تنتظر منها المزيد.