السبت 23 نوفمبر 2024

عرب وعالم

مدفيديف: ليس لدي أدنى شك في صواب قرار إرسال القوات إلى جورجيا في 2008

  • 8-8-2022 | 11:55

دميتري مدفيديف

طباعة
  • دار الهلال

صرح نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف، بأنه لا يشك للحظة في صواب قراره بإرسال القوات الروسية إلى جورجيا قبل 14 عاما، في أحداث عام 2008.

وكانت القوات الجورجية قد هاجمت أوسيتيا الجنوبية وقوات حفظ السلام الروسية في المنطقة، بعدها أعلن الرئيس الروسي آنذاك، دميتري مدفيديف، إرسال القوات الروسية في عملية عسكرية لإجبار جورجيا على السلام، وكانت النتيجة هزيمة عسكرية لنظام ميخائيل ساكاشفيلي (رئيس جورجيا آنذاك)، واعتراف روسيا باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.

جاء تصريح مدفيديف هذا لوكالة "تاس" الروسية، بمناسبة الذكرى السنوية لأحداث عام 2008، حيث أدلى نائب رئيس مجلس الأمن الروسي بحديث مطول، حول دور الغرب في تلك الأحداث، وحول العلاقة مع الجورجيين، والصراع الأوكراني، والموقف من القرارات التي اتخذت آنذاك، ومدى إمكانية محاولة جورجيا للانتقام.

أكد مدفيديف على أن "العدوان الجورجي والصراع الأوكراني مرتبطان بنفس السلسلة من العملية الجيوسياسية التي بدأها الغرب ضد روسيا، وتتمثل في رغبته، وتحديدا رغبة الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الأنجلوساكسونية، في زعزعة استقرار الوضع في روسيا". وتابع مدفيديف: "يحاولون ذلك من خلال الجيران، على مقربة من حدود روسيا.

فقد انخرط الأمريكيون بشكل فج في تدريب القوات المسلحة الجورجية، واستثمروا الكثير من الأموال في هذه العملية، وتم إرسال عدد كبير من المدربين إلى هناك، لتعبئة الجيش الجورجي. كانوا مدججين بالأسلحة، بل كانوا يدفعون ببساطة المجنون الذي يدعى ساكاشفيلي لشن العدوان على السكان المدنيين في أوسيتيا الجنوبية، وعلى قوات حفظ السلام الروسية، بدلا من إقناعه بالبحث عن حل سلمي للصراع العرقي الأكثر تعقيدا.

وأتذكر كيف تغير موقفه (ساكاشفيلي)، تحت تأثير الأمريكيين، من تسوية سلمية في صيف عام 2008، من رغبة معلنة للبحث عن طرق لحل المشكلة، إلى التوقف عن التواصل بالمرة، بدءا من نهاية يوليو من ذلك العام. وكان ذلك خطأ. إحباط العملية الصعبة والمتوقفة باستمرار لحل النزاع، والتي توسطت فيها المنظمات الدولية، هو خطؤه الفادح".

وأشار مدفيديف إلى أن روسيا كانت قد حثت دائما على عدم استخدام القوة، وتحولت إلى الجانب الجورجي بمقترحات لإبرام اتفاقات مع أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، إلا أن هذه المبادرات، مع الأسف، تم تجاهلها من مسؤولي تبليسي و"الناتو" الذي وقف خلفهم، وحتى من قبل هيئة الأمم المتحدة.

وقال مدفيديف في حواره مع وكالة "تاس": "إنه نفس الاستفزاز، لنواجه الأمر بصراحة، ونفس السياسة الإجرامية للولايات المتحدة الأمريكية، والتي يتم اتباعها بحماس في أوكرانيا. ولكن، بدعم أكثر نشاطا من جانب الاتحاد الأوروبي، الذي فقد استقلاله بالكامل. وكما في حال جورجيا، عزز الأمريكيون عمدا الشعور بإمكانية الإفلات من العقاب في كييف، ودججوا النظام بالسلاح، وشجعوه على قتل المدنيين في دونباس". وتابع مدفيديف أن الغرب الآن يواصل تدريباته مع أوكرانيا، التي لا يهتم بمصيرها على الإطلاق، لهدف وحيد وهو تدمير روسيا. وهو "السبب الجذري للعملية الجيوسياسية شديدة العدوانية التي بدأها الغرب ضد روسيا". وأكد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي على أن رد روسيا كان "صعبا"، لكنه كان "مدروسا"، حيث تم بعملية عسكرية خاصة تسعى لتحقيق السلام "بشروطنا"، على حد تعبير مدفيديف، حيث قال: "أعني هنا شروطنا نحن، وليس شروط يحاول أن يمليها علينا شركاء سابقون في المجتمع الدولي، يتعطشون للهزيمة العسكرية لروسيا. فلدينا مصالح وطنية خاصة بنا، وسوف نضمنها بكل الوسائل المتاحة". وردا على سؤال بشأن التأخر في إطلاق رد روسي ما بين 2014 ( الانقلاب في كييف)وحتى عام 2022، قال مدفيديف: "إذا كانت هناك فرصة لحل المشكلة سلميا على طاولة المفاوضات، يجب القيام بذلك. ولكن عندما لا يكون هناك مخرج، عليك أن ترد بالقوة. لسوء الحظ، ففي كل من حالتي جورجيا وأوكرانيا، لم تترك سلطات هاتين الدولتين لروسيا أي خيار آخر، ما أدى إلى تعطيل عمليات التسوية السياسية لهذه النزاعات. وذهبنا بإدراك نحو التدخل العسكري. لم يكن لدي أي شك، لا في ذلك الوقت ولا الآن، في صواب قراري بقمع العدوان المسلح وإدخال القوات الروسية إلى إقليم أوسيتيا الجنوبية، فقد انتهكت القوات الجورجية انتهاكا صارخا القانون الدولي والتفويضات التي منحها المجتمع الدولي لروسيا كشريك في التسوية السلمية، أطلقوا النار على أشخاص، يحمل كثير منهم الجنسية الروسية". وتابع مدفيديف: "بدأ الهجوم (الجورجي) على مدينة تسخينفال وقرى أخرى في هذه الجمهورية (أوسيتيا الجنوبية) بشكل غير متوقع وشنيع، بدأ بقصف مدفعي على المباني السكنية وغيرها من المنشآت المدنية من المستشفيات والمدارس، وفقا لما أعلنته قوات حفظ السلام الروسية. وهكذا قرر النظام الدمية، الذي تسيطر عليه واشنطن فرض فهمه لـ (الديمقراطية) و(الإنسانية) على أوسيتيا الجنوبية. وإعادتها قسرا إلى جورجيا على حساب تدمير أمة بأكملها. فاضطررنا بطبيعة الحال إلى الرد، فلا يمكننا أن نمسح دموعنا، وأن نحني رؤوسنا أمام معتوه دموي كهذا، تاركين الناس كي يمزقهم أشلاء". وأشار مدفيديف إلى أن مجمل الأحداث اللاحقة أكدت على التصرف السليم لروسيا، بما في ذلك "الفشل الذريع للعقائد العدوانية التي حاول زعيمهم (ساكاشفيلي) البائس وضعها موضع التنفيذ بمثل هذا الشعور بالثقة والعناد. بعد وقت قصير، تم رفضه من قبل شعبه. ومع ذلك لم يكن خاملا لفترة طويلة، وباع نفسه بكل سرور إلى الشخصيات (البرتقالية) في أوكرانيا. وها نحن نرى ثمار سياساتهم المعادية للروس في هذا البلد اليوم". وأضاف مدفيديف: "إن محاولات أن تصبح بطل أوبريتات ديكتاتور على حساب القومية المتطرفة دائما ما تنتهي على هذا النحو. هذا أمر يستحق أن يتعلم منه زيلينسكي، المدعوم بحماس من العالم الغربي لأغراض أنانية، بعيدة للغاية عن الديمقراطية والإنسانية. إن ضمير السلطات الحالية لهذا الجزء السابق من روسيا هو السبب في دفن اتفاقيات مينسك نهائيا، وفي مقتل عدد كبير من المدنيين في دونباس، وهو ما سيتعين عليهم دفع ثمنه عاجلا أم آجلا". وردا على سؤال حول الكيفية التي سيكون عليها العالم لو لم تتدخل روسيا في الصراع عام 2008، وما إذا كانت جورجيا سوف تدخل إلى "الناتو"، وما إذا كان ذلك سيؤثر على عودة القرم، قال مدفيديف: "لم يكن أمام روسيا سوى الدخول في هذا الصراع، لأن الأمر كان يتعلق بحماية مواطني بلادنا، ممن يعيشون في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. وبعد أن قمنا بحمايتهم من عدوان ساكاشفيلي، حصلنا حينها على الأمر الأساسي وهو السلام. الأمر نفسه ينطبق على شبه جزيرة القرم، عندما اتخذ الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) القرار الوحيد الممكن بإعادة شبه جزيرة القرم إلى البلاد، بدعم من الأغلبية العظمى من سكانها، وبما يتفق والقانون الدولي. لقد فعلنا كل شيء على نحو صحيح، ساعدنا الناس، وعززنا وطننا الأم-روسيا. وبقدر ما يتعلق الأمر بحلف (الناتو)، فإن رغبته الحثيثة في التوسع على طول حدود روسيا، تشبه الورم السرطاني، وهي مشكلة أصبحت عالمية الآن". وبخصوص إمكانية عدوان جورجيا المحتمل على الأراضي التي انفصلت عنها أجاب مدفيديف بأن هذا "مستحيل"، حيث تعتبر روسيا أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية دولا مستقلة، أقامت معها روسيا علاقات ودية، وتوجد قواعد روسية عسكرية هناك، والسلطات الحالية في جورجيا تفهم ذلك جيدا، و "لن يجربوا قدرهم مرة أخرى، ويدخلوا في مواجهة مع قوة مثل روسيا".

الاكثر قراءة