السبت 20 ابريل 2024

الحوار الغائب

مقالات9-8-2022 | 20:53

 إذا كانت الدولة المصرية تعمل على ترسيخ وتغليب لغة الحوار كسياسة تتبناها.. وتدعو إليها فى الداخل والخارج.. وأطلقت الحوار الوطنى الذى يستهدف جمع كل الفئات والأطياف المصرية رغم الاختلاف فى الرؤى والتوجهات السياسية.. إلا أننا لا نختلف أبداً على مصلحة الوطن.. والسؤال هنا لماذا يغيب الحوار نفسه عن المشهد الرياضى أو الكروى المحتدم والذى يشهد حالة من التراشق والاحتقان ولا أريد أن أقول صراعاً كروياً يفضى إلى التعصب والتشنج والفرقة الرياضية؟! لماذا لا نجلس جميعاً على طاولة واحدة لتسوية كل خلافاتنا.. ومشاكلنا وتنتهى حالة الصراع الخطيرة بالوصول إلى ميثاق أو وثيقة رياضية تحول دون تدخل فريق فى شئون فريق آخر والعكس ويجمعنا الاحترام المتبادل والروح الرياضية النبيلة بدلاً من حالة العبث والجدل والاحتقان لماذا لا نطلق مبادرة (لم الشمل) الرياضية ونبذ روح التعصب وشحن الجماهير؟! لماذا لا يجلس مسئولو القطبين الكبيرين الأهلى والزمالك معاً لتصفية كل الخلافات وتنقية كل الأجواء وألا يبيع أحدهما على بيع الآخر..ولا يخطب على خطبة الآخر؟! ونرد مظاهر الحب والود والاحترام والزيارات المتبادلة بدلاً من إشعال الحرائق الكروية وتسخين الجماهير، فى توقيت نتحاور فيه جميعاً من أجل مصلحة بلادنا..وتقوية جدار تلاحمنا فى مواجهة التحديات.
 
 حالة من السخونة وصلت إلى حد الصراع والتراشق تخيم على المشهد الكروى فى مصر.. تشكيك فى كل شيء، فى النوايا.. فى التحكيم.. غياب للحوار الهادئ، والتسوية السلمية للمشكلات والأزمات، فإذا كان المشهد السياسى يشهد توافقاً واستقراراً فإن المشهد الكروى تحديداً وليس الرياضى يشهد تجاذباً وتطاحناً وتراشقاً وسباباً وتطاولاً وصلت أحياناً إلى ساحات المحاكم، وانعكست فى تشكل احتقان بين الجماهير المصرية، وحالة غريبة من عدم التحلى بالمسئولية فى ظل تداعيات أزمات عالمية طاحنة تسعى الدولة المصرية بكل ما أوتيت من قوة وقدرة على تخفيف وطأتها وحدتها لمساعدة المواطن وخاصة الفئات الأكثر احتياجاً.
تداعيات الصراع الكروى لها انعكاسات سلبية على المجتمع، فجماهير الكرة تمثل عشرات الملايين خاصة من الشباب، لذلك الأمر يستلزم الكثير من ترسيخ الوعى بأن الرياضة عموماً للمتعة وحسن الخلق وليس للتعصب والتشنج والتراشق.
الأهلى والزمالك مطالبان بإدراك خطورة التصعيد الكروى على هذا الوطن ولسنا فى حاجة إلى مزيد من الاشعال والتعصب فالرياضة مكسب وخسارة وليست نهاية المطاف ان تخسر دورى أو مباراة، ومن الأفضل أن تتقدم للفائز بالتهنئة، لكن إثارة الجماهير والتشكيك فى كل شيء وتصدير المظلومية كل ذلك يعكر صفو المشهد الرياضى وعلى الإعلام الرياضى أن يدرك تماماً خطورة اللعب بالنار فى هذا المجال، فقد حققنا مكاسب رياضية مهمة، اختفت بلا رجعة ظاهرة الالتراس التى أساءت إلى ملاعبنا الرياضية، واستخدمت هذه الروابط لسكب البنزين على النار، وتوظيفها لأهداف سياسية كان الإخوان المجرمون يقودونها من أجل إحداث الفتنة وتحقيق أهدافهم الخبيثة.
والسؤال المهم إذا كانت الدولة المصرية اطلقت الحوار الوطنى لجلوس جميع فئات وأطياف المصريين وان اختلفت توجهاتهم وأفكارهم ورؤاهم لكنهم لا يختلفون على مصلحة الوطن فى توقيت دقيق للغاية يتدارسون ويناقشون ويتباحثون فى قضاياه وملفاته.. إيماناً كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى إن الاختلاف من سنن الكون لكن المهم هو إدارة هذا الاختلاف فى الرؤى ووجهات النظر للخروج بنتائج وبلورة حلول وصياغات من أجل خدمة مصر والعمل على مصالحها وتحقيق غاياتها وأهدافها.. اذن فإن لغة الحوار هى المنهج والمسار والعقيدة التى تتبناها الدولة المصرية، ومن هنا فإن الجميع يجب ان يقرأ هذا التوجه، ويعى خطورة التعصب، والإدراك الحقيقى لأهمية إطفاء الحرائق الكروية قبل اشتعالها، لابد ان ينظر كل فريق إلى نفسه وأهدافه دون الإساءة إلى الآخر أو المنافس، ولابد أن تحكمنا المنافسة الشريفة وعقب انتهاء المباراة أو البطولة نظل أصدقاء، تجمعنا أهداف الرياضة النبيلة من اعتدال وتسامح ومحبة ومتعة حقيقية بات على درجة كبيرة من الأهمية فى ظل تداعيات أزمات عالمية نستطيع من خلالها أن تخفف حدة المعاناة الناجمة والناتجة من ضغوط تداعيات الأزمات العالمية ناهيك عن أهمية الحفاظ على تلاحم المصريين واصطفافهم فى مواجهة حملات التسخين والاشعال والفتنة والتحريض الإخواني، من أكاذيب وشائعات فالمعتوه علاء صادق مثلاً لا يتوقف عن اشعال الحريق وبث روح التعصب بين جماهير القطبين الأهلى والزمالك لذلك من المهم ان نتحلى بالحكمة والهدوء وتغليب لغة الحوار والجلوس على مائدة رياضية واحدة لإنهاء واستئصال شأفة الخلافات وهى ليست عميقة فهى أيضاً فى النهاية رياضة، فليست هناك مشاكل أو أزمات على الميراث أو الحدود بين الأهلى والزمالك جميعها أمور بسيطة يمكن حلها فى دقائق إذا وجدت النوايا الحسنة والمبادرات والدعوات الصادقة للم شمل القطبين.
وهنا أدعو الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة، وكبار الشخصيات الرياضية ونجوم الفن سواء الأهلوية أو الزملكاوية لتقريب وجهات النظر والدعوة إلى مصالحة رياضية كروية بين القطبين الكبيرين، وايجاد وثيقة أو ميثاق شرف مكتوب يضمن فيه الجانبان عدم الجنوح إلى الإثارة أو التراشق أو الاحتقان أو حتى الاتفاق على التفاوض مع أحد لاعبى الفريقين، لابد من عقد جلسة صلح تهدأ فيها النفوس، وتتم تسوية كل الأزمات والمشاكل والإساءات السابقة، وطى صفحة الماضى والاعتذار فضيلة وصفة الكبار ولا تقلل من شأن من يبادرون بها بل تزيدهم شموخاً واحتراماً فى نفوس الناس، وطالما ان الهدف وطنى من أجل مصلحة مصر والحفاظ على تماسك نسيجها فهى أسمى وأعظم مبادرة.
الإعلام أيضا من المهم أن يتبنى خطاباً رياضياً يمهد فيه لهذه الدعوة أو المبادرة ويعمل على تبريد الأجواء والالتزام بالروح الرياضية والحيادية وعدم الإساءة إلى المنافس.. للأسف الشديد معظم مقدمى البرامج الرياضية لهم انتماءات سواء للأهلى أو الزمالك وهو ما ينعكس على تناولهم ومعالجتهم للأحداث ومجريات الكرة المصرية وبطبيعة الحال فإن القطبين هما ركيزتا المشهد الكروى المصرى والعربي.. لذلك لابد ان نترفع عن الألوان ونلتزم بالموضوعية والحيادية فى التناول وليس كمن يعملون متحدثين باسم الأهلى والزمالك فمن يريد ان يتحدث لصالح أحد الناديين ويرتدى تيشرت (أى منهما) عليه أن يتوجه إلى قناة الأهلى أو قناة الزمالك.
أدعو لمبادرة صلح بين قطبى الكرة المصرية والتوقف عن التراشق والخلافات، وإثارة أو احساس جماهير الناديين بأن هناك مشكلة أو صراعاً لابد ان يتوقف هذا الأمر، البلد مش ناقصة، وتتفرغ لمواجهة الأزمات العالمية، ومن المهم فى هذا التوقيت ان نكون جميعاً على قلب رجل واحد وليس هناك ما ينغص وحدة المصريين أو يثير حفيظتهم أو يشعل مظاهر التعصب والاحتقان.
الحوار الكروى الغائب عن المشهد سيؤدى إلى مزيد من الإشعال والتأجيج والتعصب.. لذلك لابد ان تنعكس حالة الحوار المصرية النبيلة على المشهد الرياضى برمته تصل إلى (ستايل بوك) كروى رياضى تكون هناك مفردات ومبادئ مصرية من شأنها ان تحافظ على لحمتنا ووحدتنا وتجسد المتعة التى ننتظرها من الرياضة بحب وتسامح ومعنويات عالية وفهم حقيقى للهدف من كرة القدم التى باتت سياسة وصناعة ولا يجب ان يعبث أحد فى هذا الملف الذى نجحت الدولة المصرية فى إنجاز الكثير فيه سواء على مستوى البنية التحتية الرياضية بشكل عصرى قادر على تنظيم أكبر البطولات الدولية والعالمية بالإضافة إلى مكاسب الكرة المصرية فى عودة الجماهير والروح إلى الملاعب بفضل روعة التنظيم سواء عبر بريزنتيشن أو (تذكرتي) حيث كل من يجلس على مقعد فى الملاعب الرياضية المصرية معروف طبقاً لقواعد البيانات بما يتواكب مع الملاعب العالمية، فلماذا لا تكون الكرة المصرية إضافة قوية على طريق المتعة والبهجة وليس التعصب والتشنج والإساءات والتراشقات والتشكيك المتبادل.
 
 
  
الحوار التعليمى
 
نجاح امتحانات الثانوية العامة، وإعلان النتيجة هذا العام، يستحق التحية فقد مضت الأمور بسلام وتنظيم جيد يستوجب أن نقدم الشكر لكل من عمل وبذل الجهد من أجل هذا النجاح.
فما بين السعادة والأفراح والزغاريد فى بيوت المتفوقين والناجحين والأحزان والصراخ لدى الذين لم يحالفهم الحظ والتوفيق نجد ان هناك ضلعاً أساسياً غائباً هو ان هناك من أدرك طبيعة ومضمون عملية تطوير التعليم ومن استسلم لمفاهيم الماضي، ولم يستطع فك شفرة التطوير.. فالحقيقة ان هناك رؤية مصرية ثاقبة لتطوير عملية التعليم التى باتت لا تصلح لمواكبة العصر والاتساق مع متطلبات سوق العمل المحلى والإقليمى والدولى فى ظل ما قاله وأعلنه الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالى من اختفاء (85) مليون وظيفة بسبب التطور التكنولوجى والمهارات الجديدة المطلوبة وهو ما يفرضه علينا تغيير نظام التعليم إلى نظام يواكب هذا العصر والمستقبل، فلا جدوى من استمرار نظام يعتمد على الحفظ والتلقين ويتجاهل مهارات الإبداع والمواهب والذكاء.
غياب مفهوم وماهية ومضمون ومقاصد ومفردات عملية تطوير التعليم عن قطاع كبير من أولياء الأمور والخطير انه غائب أيضاً عن قطاع كبير من الطلاب أنفسهم، فليس عيباً ان نُعِّرف الطلاب الذين تستهدفهم عملية التطوير بطبيعته ومقاصده وأهدافه ومضامينه، بل ولا أجد ضيراً أو عيباً فى وضع محددات وآليات لكيفية التعامل معه والتفوق فليس تسريباً لمحتوى وهذا ليس قصدى ولكن تدريب الطلاب على كيفية التعامل مع المحتوى وتعريفهم بأشكال وأنماط التقييم بدلاً من ان نتركهم للتعرف بأنفسهم فمنهم من يستطيع ومنهم من يفشل، فالقدرات الفردية والفروقات تختلف من شخص لآخر لذلك لابد من إنهاء حالة الارتباط الأسرى والطلابى (اللخبطة) والتلعثم والشكوى غير المبررة من النظام بأن نأخذ بأيدى هؤلاء الأبناء إلى التعريف والفهم والوعى بطبيعة ومضمون التطوير، وماذا نريد من الطالب، وكيف يتعامل الطالب مع هذا المحتوى والمضمون الجديد، وكيف يستطيع اجتيازه بنجاح لذلك نحتاج الآتي:
أولاً: إجراء جلسات حوار مباشر فى مقر وزارة التربية والتعليم ومديريات التعليم بالمحافظات بين القائمين والمسئولين عن عملية التطوير والطلاب وأولياء الأمور فى محاولة للفهم واطلاع أولياء الأمور والطلاب على مضمون ومحتوى التطوير ومضمونه وأهدافه ومقاصده وما هو المطلوب من الطالب ومصادر تحصيل واستذكار هذا المضمون وما هى أنسب المصادر والطرق للتفوق لأن ولى الأمر نفسه «القلق» اعتاد على نظام تعليمى قديم لا يستطيع الفهم أو التعاطى مع الجديد، لطمأنة الناس وتفهيمهم الهدف والمغزى والمحتوى وتنمية وعيهم بأن التطوير حتمى لمجاراة ومواكبة العالم والتطور الهائل وان التعليم والتعلم ليس لمجرد الحصول على شهادة أو ورقة لمجرد تعليقها على الحائط بدون جدوى أو فائدة وتزيد نسب البطالة، وليس لها مكان فى سوق العمل.
ثانياً: لابد من تبنى حملة (طرق الأبواب) فى إجراء حوار يجمع مدارس الجمهورية لتفهيم الطلاب نفس الأهداف السابقة وتعويدهم على النظام الجديد ومحتواه ومفرداته ومضمونه وأهدافه وكيفية التعاطى والتعامل معه.. ووضع يد الطالب على كيفية الاستذكار والتحصيل حتى لو كان الأمر يستلزم اللجوء إلى مراجع ورقية أو إلكترونية لكن لابد ان نعوده ونعلمه كيفية التعامل مع المناهج الجديدة، فعلى حد علمى ان الامتحان ليس شرطاً أن يأتى من الكتاب أو المنهج ولكن مطلوب من الطالب توسيع دائرة معلوماته وثقافته واطلاعه واكسابه مهارات جديدة.
ثالثاً: على الإعلام ان يساهم فى تخفيف حالة عدم فهم النظام الجديد المتطور للتعليم من خلال إجراء المناقشات والحوارات والندوات التى تستطيع ان تخفف حدة الارتباك الأسرى والطلابي.
رابعاً: عدم لجوء الإعلام أو المعنيين لعملية التطوير والقائمين عليها إلى التناول المعقد لفحوى عملية التطوير ولكن يجب أن يكون التناول بلغة سهلة ومبسطة ليعرف الطالب وبشكل محدد  - حتى وان كان صعباً - المطلوب منه وكيف يتعاطى ويتعامل مع التطوير لإزالة اللبس والغموض بالنسبة للأسر والطلاب وحالة الرعب المجتمعى من الثانوية العامة.
خامساً: الضرب بيد من حديد على محاولات العودة للأساليب القديمة مثل حالات الغش العائلى إذا كانت موجودة بالفعل وأحسنت وزارة التربية والتعليم فى منع التحويلات فى الخمس محافظات التى تدور حولها الاتهامات والشبهات.. وهل صحيح ان الكشوف العائلية بالناجحين من 90٪ إلى ما فوق موجودة وكيف جاءت وهل ثبت ان هناك حالات غش جماعى أدت إلى ارتفاع المجاميع وتقارب نسبها؟ لذلك لابد من تحقيقات جادة وقرارات حاسمة تعلن للرأى العام لأن هذا لا يليق على الاطلاق ويضرب بمبدأ تكافؤ الفرص فى مقتل، لذلك مطلوب شفافية مطلقة، وإعلان صريح وواضح للنتائج، وعقاب حتمى لقطع أيادى المتجاوزين والمصرين على نفس ممارسات العقود الماضية وحتى لا يتخذها أعداؤنا وسيلة للتشويه والتحريض فنحن فى دولة القانون الذى يطبق على أى من كان.
أرى ان الحوار حول نظام التعليم الجديد حتمى ليس بهدف التنازل أو التراجع عنه لانه ضرورة عصرية ولكن بهدف تفهيم واطلاع الناس وتنمية وعيهم بالأصلح، والرد على تساؤلاتهم مهما كانت صعبة، ولابد من الاستغراق فى التفاصيل حتى يفهم ويطمئن الناس على مستقبل أبنائهم ويدركوا كيفية التعامل مع هذا التطور فمن الممكن ان يدرك هؤلاء الناس أنهم ليسوا فى حاجة إلى دروس خصوصية وان الوزارة هيأت كل السبل أمام الطالب ولا داعى للارتباك والذعر والفزع أو وضع أياديهم على كيفية الاستعداد للثانوية العامة مبكراً وليس فى عامها، ولكن من مرحلة التأسيس من الابتدائى بالاطمئنان على قدرات الأبناء فى كل المواد ومدى تحصيلهم وتمكنهم والحرص على توسيع معارفهم وتنمية معلوماتهم وحرصهم على العلم والتعلم بكثرة الاطلاع والثقافة.
 
تحيا مصر