صدر حديثًا عن «الدار المصرية اللبنانية» كتاب «حوارات مع الشباب لجمهورية جديدة» تأليف الدكتور حسام بدراوي، ويقع في 427 صفحة من القطع المتوسط.
ويطرح حسام بدراوي في الكتاب رؤيته وآماله للجمهورية الجديدة التي أعلن تدشينها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حديثه عن افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة، باعتباره إعلانًا لجمهورية جديدة وميلاد دولة جديدة.
كان ذلك في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة عام 2021 وظهر بعد حديث الرئيس شعار «الجمهورية الجديدة» في زاوية بأعلى شاشات الفضائيات المصرية، وهو الشعار الذي لفت أنظار المصريين كافة، وانتبه له بشكلٍ أكبر المفكرون والسياسيون الذين يشغلهم مستقبل الوطن كما يشغلهم حاضره، ومن هؤلاء د. حسام بدراوي، الذي نظر إلى الشعار بجدية والتزام بطرح الأفكار التي تساهم في بناء هذه الجمهورية، وبناء مستقبل مصر.
ولم يكتفِ بدراوي بكتابة مقال يضع فيه رؤيته للجمهورية الجديدة، بل بدأ يجتمع بين الحين والآخر مع مجموعة من الشباب والخبراء والسياسيين، ولم يكن الهدف من هذه الاجتماعات التساؤل - كما يفعل كثير من الناس - حول المقصود بشعار الجمهورية الجديدة الذي ظهر بكثافة دون شرح أو توضيح، ولكن كان الهدف من الاجتماعات هو طرح سؤال أهم: «كيف نكون فاعلين بأفكارنا في بناء هذه الجمهورية؟»
وانطلاقًا من هذا المنهج، وهذه الرؤية، بدأ حسام بدراوي كتابه الذي قدَّمه عمرو موسى وزير خارجية مصر الأسبق، والأستاذ منير عبد النور وزير السياحة والصناعة والتجارة الأسبق.
(الأمل في الجديد القادم)
بدأ الكتاب بتقديم لوزير خارجية مصر الأسبق عمرو موسى، قال فيه: "التقيت بصديقي العزيز الدكتور حسام بدراوي، وعلمت منه أنه في الوقت الذي انشغلتُ فیه بموضوع الجمهوریة الجديدة وبدأت أتحدث فیه علنًا، انتهى هو من كتابٍ يتفاعل مع الموضوع نفسه أسماه «حوارات مع الشباب لجمهورية جديدة»، هنَّأته ورحَّبت بكتابه وقُلت له: كم أود الاطلاع على نقاشٍ جادٍّ لتلك الفكرة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي تستحق أخذها بالجدية نفسها التي تحدث بها الرئيس، فتفضَّل وأرسل إليَّ نسخة مُتقدِّمة من مشروع الكتاب.
ويضيف عمرو موسى: كنت متوقعًا أن یُركز فیه على التعليم، وهو الموضوع الأثير في فكره وله فیه إسهامات ذات كفاءة عالية.. ولكني وجدت في قراءتي السريعة الأولية نظرة شاملة إلى مضمون هذه الجمهوریة، وإسهامًا متفردًا في طرحها طرحًا سلیمًا قائمًا على حوارات مع الشباب باعتبار أن المستقبل هم أصحابه.
أما وزير الصناعة والتجارة الأسبق منير عبد النور فقدَّم الكتاب قائلًا: عندما رفع السيد رئيس الجمهورية شعار الجمهورية الجديدة أيقن الدكتور حسام بدراوي أن صفحة جديدة في تاريخ مصر يُمكن أن تُفتح ويتعين على النخبة أن تُشارك على الأقل بالرأي في وضع أُسسها وتشكيل سماتها. وفي هذا الكتاب، يدعو د. حسام بدراوي كل الوطنيين، بل وكل صاحب فكر ورؤية ورأي للمشاركة في مناقشة هذا الطرح ونقده. إنه يدعو المصريين إلى الإيجابية والتفاؤل، وأهم من ذلك يُنبههم إلى المسؤولية الملقاة على عاتقهم.. مسؤولية المساهمة في بناء الجمهورية الجديدة، الدولة التي نحلم جميعًا ببنائها ليعيش فيها أولادنا وينعموا برخائها.
(الرغبة في المشاركة الإيجابية)
يقول حسام بدراوي في مقدمة كتابه الجديد: الدافع الرئيسي وراء هذا الكتاب هو شغفي بالإصلاح، ورغبتي في المشاركة الإيجابية لتحقيق الاستدامة في التنمية، وتراكم الجهود لجعل مصر دولة عظمى، وهي تستحق. إن ثروة مصر الحقيقية عبر التاريخ، هي في مواطنيها. مَن صنع الحضارة المصرية في أقدم دولة في التاريخ هم المصريون، ومَن بدأ التنوير في المنطقة، كانوا المصريين، وخوفي وقلقي أن نفقد أهم كنوزنا وهم أطفالنا وشبابنا، سواء بتطرف الفكر، أو رجعية السلوك، أو فقدان القيم. إن مسؤوليتنا، رهيبة، كأجيال أكبر، ولا بد لمَن يملك القدرة أن يدلي بدلوه في إطار الشرعية والقانون، وأن يفكر ويقول ويسجل.
ويضيف بدراوي: قرأت تعبيرًا غير تقليدي في كتاب بعنوان «مُت فارغًا» يقول: «لا تترك الحياة وأنت تحمل أفضل ما لديك، ومُت فارغًا بعد أن تملأ حياة البشر بأفكارك». رأيته تعبيرًا بليغًا وغير تقليدي. وحيث إنني مؤمن بأن ما لا يُوثَّق لم يوجد، فقد أخذت على عاتقي أن أُسجِّل أفكاري وأُطبِّق ما أستطيع منها، وأنشر خلاصة تجاربي، وهي عديدة، لمَن يمكنه الاستفادة منها أو بها، واضعًا في اعتباري قول جواهر لال نهرو: «عندما نفكر في الغايات، يجب أن لا نتجاهل الوسائل». وفي هذا الإطار، فأنا أنظر للشعار الذي طرحته قيادة البلاد بمسمى «الجمهورية الجديدة» بجدية، بل والتزام بطرح الأفكار التي تساهم في بناء الوطن، والتي تتجنب أخطاء الماضي وتتعلم منها، وتنظر إلى العالم حولنا وتستفيد من تجاربه.
(منهج الكتاب والدعامات العشر)
اعتمد د.حسام بدراوي منهجًا واضحًا في كتابه الصادر حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية، هذا المنهج يعتمد على كتابة الطرح، ويليه حوار مع الشباب، كمحاولة للاستماع إليهم واحترامهم باعتبار أن عالم الغد هو عالمهم. وحمل الفصل الأول عشر دعامات للجمهورية الجديدة، أبرزها: الاستقرار على النظام السياسي لحكم البلاد، وإحداث تغيير ثقافي من بوابة التعليم والثقافة والإعلام، وإحداث إصلاح نوعي وفكري لمؤسسات العدالة، وإجراء تغيير هيكلي في الاقتصاد المصري، بهدف تحفيز النمو واستدامته وتوازنه، وإصلاح الجهاز الإداري في الدولة وإحياء الأخلاقيات والقيم التي ترسخ مبادئ الأمانة والنزاهة، ومحاربة الفساد، ودعم الشفافية، وتغيير نمط الحوكمة والرقمية في المؤسسات كافة, مع تطبيق تدريجي للا مركزية، إضافة إلى الحفاظ على البيئة من أجل الأجيال القادمة، مع استدامة توفير الطاقة النظيفة والمياه لاحتياجات الشعب المصري، وتحديد الدور المصري في صناعة مستقبل إفريقيا والشرق الأوسط والعالم، وزيادة قدرات جيش مصر، وتطوير نمط التسليح بزيادة القدرة على التصنيع العسكري، فضلًا عن تنمية دور المجتمع المدني الفعَّال وتنشيطه ودعمه واحترام حقوق المواطنين، والتحكم في نمو ونوعية وتوزيع السكان.
(مراجعة التاريخ قد تصحح المستقبل)
قسَّم د. حسام بدراوي كتابه الجديد إلى تسعة فصول، تتحدث عن بعض هذه التوجهات وليس كلها – كما وضَّح في مقدمته للكتاب - وفي كل فصل وضع ما يراه مناسبًا لتوضيح بعض ما يجب وضعه في الاعتبار لبناء الجمهورية الجديدة. وحملت فصول الكتاب العناوين الآتية: رؤية متكاملة للجمهورية الجديدة، الاستقرار على النظام السياسي لحكم البلاد، إحداث تغيير ثقافي وسلوكي في وجدان المجتمع، تطوير نظام العدالة الناجزة، الشباب.. إلى أين؟!، نمو الاقتصاد وخلق فرص العمل، تحفيز المجتمع المدني وحماية حقوق المواطنين، تحدي النمو السكاني، مراجعة التاريخ قد تصحح المستقبل.
ويوضح المؤلف أهمية الفصل الأخير قائلًا: اخترت بعد تفكير أن أضع فصلًا أخيرًا أسميته مراجعة التاريخ قد تصحح المستقبل، وضعت فيه مقالات وفصولًا من كتب صيغت قبل عام 2014 وبعضها قبل عام 2011 شاملة مشروعات لم تُستكمل، ومبادرات أُعيد طرحها وكأنها لم توجد؛ لأني رأيت أن طرحها رغم مرور سنوات قد يعطي القارئ نفس مقدار الدهشة التي تنتابني عندما أفكر في الفرص الضائعة من هذا الوطن، وأهمية استدامة تطبيق الخطط والاستراتيجيات ورصد واستعمال هذا التطبيق في الجمهورية الجديدة.
(دمج التكنولوجيا بالكتاب التقليدي)
وفي ملمح مميز حرص المؤلف على وضع «كيو باركود» مع أغلب فصول كتابه، ووضَّح السبب في ذلك قائلًا: كعادتي، فإنني حاولت دمج التكنولوجيا بالكتاب التقليدي، فوضعت «بار كودز» مع بعض المواضيع لمَن يحب أن يعود إلى مراجع، أو تفصيلات وجدت أن الكتاب لا يسعها، وبعضها يُتيح للقارئ مشاهدة مقتطفات من لقاءات تلفزيونية تحدثت فيها عن الموضوع المطروح في الكتاب.
وحرص بدراوي على تضمين كتابه آراء وأفكار آخرين، ففي الفصل الرابع الذي حمل عنوان: «تطوير نظام العدالة الناجزة» نشر دراستين كبيرتين، إحداهما بعنوان: «تصور لفلسفة جديدة للتشريع في مصر» بقلم المستشار حسن البدراوي عضو المحكمة الدستورية العليا سابقًا، ودراسة أخرى بعنوان: «تصورات إجرائية لتحقيق نظام عدالة ناجزة» بقلم شمس نور المحامية والخبيرة في تطوير نظم القضاء. وقد كان المؤلف يسعى إلى مزيد من هذه الدراسات التي تطرح رؤى متعددة تتعلق بموضوع الكتاب، حيث يقول: كنت أتمنى أن يخرج هذا الكتاب، ليس باسمي فقط، ولكن بأسماء العديد ممَّن يهمهم الأمر كما يهمني، ولكن لم يمهلني الوقت ولم يمهلهم سوى بإبداء الرأي شفويًّا لأستقي منه وأنهل من علمهم، والقليل ردوا كتابة، وأنا شاكر وممتن للجميع، ولكل مَن ساهم في تشكيل الأفكار الواردة في هذا الكتاب.