الأربعاء 22 مايو 2024

متى يعود وزير الصحة !؟

27-7-2017 | 15:56

بقلم – عبد اللطيف حامد

منظومة الصحة فى مصر لا تسر عدوا ولا حبيبا، ولابد من خطة واضحة لإصلاح حالها فى مدى زمنى محدد، ولا نريد أعذارا من نوعية نقص الموازنة، أو قلة عدد الأطباء، العيب فى أسلوب الإدارة بمستشفياتنا الحكومية والجامعية، الأطباء كثر، ويزيدون عن ١٠٠ ألف حسب أضعف التقديرات، وكليات الطب تخرج عدة آلاف سنويا، والممرضون وصلوا فى عام ٢٠١٥ لنحو ٢٠٣ آلاف ممرض، وفقا لتقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وحتى لو كانت تلك الأعداد أقل من المعدل العالمى، أو لدينا نقص فى بعض الإمكانيات هذا لا يبرر فاجعة الخدمة الطبية بأى حال.

المرضى الغلابة الذين يسوقهم الحظ العاثر لدخول المستشفيات العامة يموتون بالبطىء، وتتعالى الصرخات والآهات التى تقطع القلب انتظارا للدور خاصة فى أقسام الطوارئ والاستقبال، ووزير الصحة الحاضر الغائب فى المشهد الطبى، عجّل الله من عودته حتى لا يموت الباحثون عن العلاج فى مستشفياته كمدا، وحسرة على ضعف قوتهم، وقلة حيلتهم، وهوانهم على مسئولى وزارة الصحة.

وطالما الشىء بالشىء يذكر أقول للوزير أحمد عماد الذى وقف فاردا عضلاته، متحدثا عن إنجازاته فى مؤتمر الشباب يوم الاثنين الماضى، ومنها الانتهاء من إعداد قانون التأمين الصحى الجديد، وعرضه خلال الأسبوعين المقبلين على مجلس الوزراء، وبعده البرلمان فى دور الانعقاد القادم للموافقة عليه..

شبعنا من هذا الكلام المعسول الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع، فالعينة بينة فى كافة المستشفيات العامة، والداخل إليها مفقود، والخارج منها مولود، يا سيادة الوزير تجاهلك لأوجاع المرضى من محدودى الدخل والبسطاء يفسد تحركات الرئيس السيسى المتواصلة لتحسين معيشة المواطنين، ومطالباته المستمرة بتحسين أداء الخدمات، وفى مقدمتها الصحة، فالمرض هو المشكلة الأساسية فى تحويل مسار أى مواطن يقع فى قبضته من الستر والغنى إلى الفقر، والحاجة لأنه لا يتحمل الانتظار، الوجع يجعل صاحبه يجوب المستشفيات والعيادات ومراكز التحاليل والأشعة أملا فى الشفاء مهما كانت الفاتورة باهظة، ولا ينتهى البحث إلا مع نفاد المال أو قدوم الأجل أيهما أقرب.

بعيدا عن الكلام النظرى، إننى مستفز من حالة مريض بلدياتى جاء فى أنصاص الليالى إلى القاهرة شاكيا من تبعات عملية تفتيت حصوة بالكلى فى المستشفى الجامعى، فتوالت عليه المضاعفات من احتباس البول إلى الإغماء وضيق التنفس، وإصفرار العيون، وداخ السبع دوخات من مستشفى للثانى، ومن طبيب للآخر، ومع تراجع الحالة اضطر لركوب الصعاب، والمجىء لمستشفى جامعى كبير بعدما حذره الكثيرون من الوقوع فى فخ المستشفيات الحكومية، وهنا لم يتوقف تليفونى عن الرنين من الأهل طلبا لنجدته، وعلى الفور أجريت عدة مكالمات مع الزميلة المحترمة «إيمان النجار» ـ إحدى أهم محررات ملف الصحة، طلبا للمساعدة، إلى جانب قيادات هذا المستشفى، مع التأكيد على أن الأمر خطير، ولا وقت للدخول فى مسلسل الروتين أو الانتظار، ووعدونى بتوفير أوجه الرعاية المطلوبة للمريض، فأطمأن قلبى مؤقتا، لكن بمجرد الوصول إلى قسم الطوارئ والاستقبال أصابنى الهلع، والحزن على حال المرضى غير القادرين، فرغم المعارف من العاملين، ومجاملات مسئولى المستشفى، وبالمناسبة أحدهم المدير العام، والآخر نائب رئيس قسم الطوارئ ، أخذنا ندور فى دوامة لمدة أكثر من ٦ ساعات حتى يتم توقيع الكشف الطبى على هذا الشاب المسكين، لأن هناك طبيبا واحدا فقط فى هذا القسم الذى يستقبل عشرات الحالات الطارئة والخطيرة فى ظرف ساعة واحدة، رغم أنه من المؤكد أن عدد الأطباء المعينين بالمستشفى بالمئات، فهل أكلتهم القطة أم ينامون فى فراشهم، ويحصلون على أجورهم؟.

فكرت فى اللجوء إلى مستشفى حكومى طالما أن الهم واحد، وعسى أن يكون الزحام أقل، ولا مانع من دفع جزء من فاتورة العلاج، فاتصلت بالعديد من مسئولى وزارة الصحة بداية من موظفى الإعلام والعلاقات العامة، فوجدتهم لا يسمعون، لا يردون، لا يتكلمون، ونفس الموقف مع الوزير ومساعديه، فلا يجيبون أحدا، متناسين أنهم يتقاضون رواتبهم من دافعى الضرائب، وهم فى مجال الخدمة العامة لا شركة عائلية، يتصرفون على راحتهم، وتبعا لمزاجهم.

يا سادة لا يخفى عليكم أن هذه ليست الحالة الأولى ولن تكون الأخيرة فى دفتر ضحايا المستشفيات العامة، فإلى متى تتواصل الاستهانة بالأرواح؟، والأوجاع، نحتاج لحساب رادع فمن أمن العقاب أساء الأدب.