الخميس 23 مايو 2024

القطن المصرى

27-7-2017 | 16:00

بقلم –  صلاح البيلى

كان القميص المصنوع من القطن المصرى إنتاج مصنع “الشوربجى” أو شركة “البيضا” يباع فى الدول الأوربية بمائة دولار لمجرد أنه من القطن المصرى فى مقابل القميص من أى ماركة أخرى كان لا يزيد ثمنه عن خمسة دولارات!..

هكذا قال لى د. على حبيش، أحد أهم الخبراء فى صناعة الغزل والنسيج وواحد من الرعيل الأول بالمركز القومى للبحوث ونقيب العلميين الأسبق لـ١٧ سنة ورئيس أكاديمية البحث العلمى لـ٥ سنوات. والحاصل على جائزة الاتحاد الإفريقى للعلوم بعد فوزه بالتشجيعية والتقديرية والنيل.

وقال أيضًا: منذ رئاسة د. عاطف عبيد للحكومة حتى حكومة المهندس محلب مرورًا بالدكتور على السلمى وأنا أقدم للحكومة خطة إنقاذ صناعة الغزل والنسيج، وكلهم ناقشونى واقتنعوا بالدراسة وتخرج مانشيتات الصحف ببدء خطة الإنقاذ ثم لا يتم شىء وأخيرًا استعانوا ببيت خبرة أمريكى لرسم خريطة طريق الإنقاذ!

أقول ذلك على خلفية اجتماع الرئيس السيسى مؤخرًا برئيس الوزراء وعدد من الوزراء لإنقاذ صناعة الغزل والنسيج وتطويرها والنهوض بها والبداية بزيادة الأرض المزروعة بالقطن. وهو الاجتماع الذى نأمل أن يكون البداية الجادة لإنقاذ هذه الصناعة الوطنية الأولى فى مصر والتى تسبق صناعة الحديد والصلب.

حتى مطلع السبعينيات كانت مصر تزرع ٢ مليون فدان بالقطن طويل التيلة وكانت تقدم من ٥٠ إلى ٧٠٪ من الإنتاج العالمى من هذا النوع. وكانت مصانع القطاع العام تقدم ٧٥٪ من الإنتاج والباقى للقطاع الخاص وحاليًا الوضع معكوس حيث استحوذ القطاع الخاص على ٨٥٪ من السوق، وأخذت أمريكا من بذور القطن طويل التيلة وخرجت بنوع “البيما “ وتراجعت مساحة القطن المزروعة لمائة ألف فدان!

إن مصر تمتلك خبرة عميقة وتاريخًا خالدًا فى هذه الصناعة الوطنية الأولى وكانت تمتلك أكبر بورصة للقطن فى المنطقة وتمتلك ٣٦ شركة ومصنعًا للغزل والنسيج التابعة للقطاع العام. وتمتلك كوادر ومهارة وعلامة تجارية لا نظير لها وكان الفلاح المصرى ينتظر موسم جنى القطن لتزويج أولاده وبناته ولكننا للأسف أهملنا هذه الصناعة لسنوات حتى خرجت من الخدمة!

إن القطن المصرى فى العالم لا يقل شهرة عن الأهرامات دون مبالغة وحتى يومنا هذا تجنى المصانع الخاصة الملايين من بيع وتسويق هذا المنتج رغم قلته ولا نبالغ عندما نقرر حقيقة أن بعض الدول المتقدمة تضع على منتجاتها من الملابس الجاهزة علامة أنها مصنوعة من القطن المصرى!

حسنًا فعل الرئيس عندما دعا لإنقاذ هذه الصناعة وزيادة المساحة المزروعة بالقطن، ونأمل أن تبدأ وزارة الزراعة فورًا فى استعادة عرش الذهب الأبيض طويل التيلة وفائق الطول. وأن تنهض وزارة قطاع الأعمال بمصانع المحلة ودمياط وكفر الدوار وشبرا وأن تعتبر هذه المهمة المقدسة لا تقل أهمية عن إنقاذ مياه النيل لأن استعادة القطن المصرى هو استعادة لاسم مصر كعلامة تجارية فى العالم كله، وكساء المصريين من ناتج ما زرعوه وصنعوه لأن خواص القطن المصرى العالمية وضعت بشأنها الأبحاث التى تشيد بها والتى جعلت منه منتجًا لا مثيل له بالعالم..

بسرعة فلنبدأ خطة الإنقاذ العلمية الجادة.