أكد رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي اليوم أن بلاده تسعى للحصول على مساعدة القوى الغربية في تحقيق طموحها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" من خلال إقناع الحكومات المترددة بالاعتراف باستقلال البلاد والضغط على صربيا لحل التوترات المستمرة منذ عقود بشأن إقامة دولتها.
جاء ذلك في مقابلة أجراها كورتي مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، نُشرت في عدد اليوم، قبيل بدء فعاليات قمة مرتقبة مع رئيس صربيا ألكسندر فوتشيتش في بروكسل، برعاية الممثل السامي للشئون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل.
وكانت كوسوفو قد أعلنت استقلالها من جانب واحد عن صربيا في عام 2008. ومنذ ذلك الحين، اعترفت أكثر من 100 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة ومعظم أعضاء الاتحاد الأوروبي، بكوسوفو كدولة مستقلة. لكن العديد من دول الاتحاد الأوروبي والناتو - ومنهم إسبانيا واليونان وقبرص وسلوفاكيا ورومانيا - لم تفعل ذلك بعد.
وتواصل بلجراد النظر إلى كوسوفو، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 90 في المائة من الألبان العرقيين وأقل من 10 في المائة من الصرب، على أنها مقاطعة تابعة لصربيا، وتقول إن إعلان استقلال كوسوفو انتهك اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه في نهاية حروب يوغوسلافيا السابقة في التسعينيات من القرن الماضي، والتي تدخل فيها الناتو وقصف بلجراد في عام 1999. فيما يهدد التوتر بين الدولتين بانتظام بتقويض الاستقرار في منطقة البلقان.
وقالت “فاينانشيال تايمز”، في هذا الشأن، إن قضايا عادية على ما يبدو أدت إلى اندلاع أعمال عنف بين الجانبين، كان آخرها الشهر الماضي، عندما اشتبك الصرب مع الشرطة بعد أن قالت بريشتينا إن لوحات الترخيص الصربية لم تعد قانونية لمواطني كوسوفو، بمن فيهم الصرب. كما طُلب من الأفراد الذين يدخلون كوسوفو من صربيا استخدام بطاقات هوية مؤقتة صادرة عن بريشتينا. بينما زعم كورتي، في لقائه مع الصحيفة، بأن الاشتباكات تحمل بصمات الحكومة الصربية، التي نفت بدورها تورط بلجراد.
ويوم أمس، قال الاتحاد الأوروبي إنه "يجب على الطرفين وضع حد فوري للأعمال العدائية المتبادلة والتصريحات الخطيرة والتصرف بمسئولية" قبل بدء المحادثات في بروكسل هذا الأسبوع.
ومن المقرر أن يلتقي كورتي، الذي تحدث إلى "فاينانشيال تايمز" قبل أن دعا الاتحاد الأوروبي إلى إنهاء استخدام الخطاب التحريضي، بفوتشيتش يوم الخميس المقبل، حيث سيبحث الطرفان خارطة طريق لحل وضع كوسوفو والروابط الثنائية. وقال كورتي إن أي قرار يجب أن يركز على الاعتراف المتبادل بدولته، وأن ذلك "لن يكون العنصر الوحيد. لكنه محور أي محادثات ".
ودعا كورتي صربيا إلى تنحية القومية جانبًا، وأضاف:" هنا، تكمن مشكلة بلجراد. فهم يُصرون على تحقيق الأحلام القديمة، التي أصبحت كوابيس لجيران صربيا وللشعب الصربي أيضًا".
وتابع: أن "التناظر في حقوق الأقليات..بما يشمل نفس الحقوق للصرب في كوسوفو ولمواطني كوسوفو في صربيا - من شأنه أن يحارب القومية بشكل أفضل”، معتبرًا أن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا أظهرت بشكل واضح الولاءات المتضاربة في البلقان.
وقال: بينما كانت كوسوفو من بين أوائل الدول التي انضمت إلى العقوبات ضد روسيا، فإن لصربيا علاقات وثيقة مع موسكو، ورغم أن بلجراد أيدت عدة تصريحات للأمم المتحدة تدعم سيادة أوكرانيا بعد بدء العمليات العسكرية، إلا أنها رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا وأصرت على الحفاظ على علاقات وثيقة مع الكرملين.
ويقول محللون- في هذا الشأن- إن الصرب يشعرون بالاستياء تجاه الغرب بسبب تدخل الناتو في حرب كوسوفو 1998-1999 واعتراف بعض الحكومات بكوسوفو وسلسلة من قرارات المحاكم التي وجدت أن إعلان الاستقلال يتماشى مع القانون الدولي.وحول هذا الأمر، قال كورتي إن هناك خطرًا واضحًا من تورط روسيا في العلاقات بين صربيا وكوسوفو، مما قد يزيد من فرص نشوب صراع.
وقال:" نحن قلقون ولكننا لسنا خائفين. وكيفية تطور الوضع سيعتمد إلى حد كبير على موقف وضغط الديمقراطيات الغربية على بلجراد."
وفي رد مكتوب على حوار كورتي للفاينانشيال تايمز، قال بيتار بيتكوفيتش، المسئول الأعلى في الحكومة الصربية لشئون كوسوفو، إن بلجراد تنتهج "سياسة وطنية وأمنية مستقلة، من خلال التعاون بطريقة متوازنة مع كل من الشرق والغرب".
وأضاف أن الهدف النهائي لبلجراد يتمثل في نيل عضوية الاتحاد الأوروبي، غير أن كوسوفو ورئيس وزرائها كانا يدفعان بأجندة خاصة تحت "ذريعة" حرب أوكرانيا.