الثلاثاء 16 ابريل 2024

تجارب مضيئة في تاريخ الحياة الحزبية

مقالات16-8-2022 | 10:26

شهدت الحياة الحزبية في التاريخ الحديث والمعاصر بالمنطقة، تجارب هامة أضاءت الطريق أمام الشعوب ومهدت لتحررها فكريا بنشر مفاهيم الديمقراطية والحرية، وناهضت الديكتاتوريات والقوى الاستعمارية وأيضا الجماعات التي تخلط الدين بالسياسة أو تسعى للتغيير القسري بالسلاح.

في مصر؛ نذكر ظهور الحزب الوطني مع زعيمه مصطفى كامل الذي توفي في 1908 ليخلفه محمد فريد، وكان كامل مدافعا قويا عن حق مصر في الاستقلال وفضح جرائم الاستعمار البريطاني في محافل دولية أبرزها باريس.

كذلك حزب الوفد الذي قاده سعد زغلول وثارت معه قوى الشعب المصري في 1919 ونتج عن نضاله دستور مصر عام 1923 ، ومعه كان حزب الأحرار الدستوريين وغيره، حتى ظهور الاتحاد الاشتراكي ومنظمة الشباب التي احتوت كل الملتفين حول ثورة يوليو 1952 وقادتها وأولهم الزعيم المصري خالد الذكر جمال عبد الناصر.

كذلك في كردستان العراق؛ ظهر الحزب الديمقراطي الكردستاني وأسسه الزعيم الخالد الذكر مصطفى بارزاني عام 1946 ، لأجل الديمقراطية وبناء دولة المؤسسات والتعايش والتأخي بين القوميات المختلفة، وناضل وضحى من أجل أهدافه النبيلة، بعد وضع الحرب الكونية الثانية أوزارها ونمو الشعور القومي لدى الشعوب المضطهدة في منطقة الشرق الأوسط.

في 16 أغسطس من ذلك العام رفع الحزب شعار "الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان" إيمانا من قائده بالديمقراطية وحق الشعب دولة مدنية بعيدا عن العنف والحروب، فقدم خلال تاريخه العديد من الملاحم البطولية والتضحيات لترسيخ التعايش السلمي واستقرار البلد، وقدم الآلاف من الشهداء في هذا السبيل بعد تنكل الأنظمة العراقية السابقة بحقوق الكرد، ما أدى إلى ثورة 11 أيلول/سبتمبر عام 1961 .

هذه الثورة رغم اندلاعها في كردستان إلا أنها سرعان ما التفت حولها الجماهير العراقية بكافة قوميتها وأطيافها الدينية والمذهبية، لإيمانهم بعدالة القضية وبناء عراق ديمقراطي.

عانى الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال مسيرته المشرفة العديد من المشكلات والعداءات على الصعيدين المحلي والإقليمي، إلا أن حكمة مؤسسيه وقيادته السياسية تغلبت على مل ذلك، فأجبر النظام العراقي عام 1970 على توقيع اتفاقية 11 من آذار/ مارس والاعتراف بالحقوق القومية والثقافية للشعب الكردي ضمن العراق، إلا أن تنصل النظام من الاتفاقية حال دون تنفيذها.

رسخ الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال مسيرته النضالية علاقاته بالعديد من الدول والهيئات العالمية وخاصة الدول العربية وفي مقدمتها جمهورية مصر العربية التي استقبلت الزعيم الكردي مصطفى بارزاني في أكتوبر عام 1958 حيث رحب به الزعيم جمال عبدالناصر في القاهرة وكانت هذه بداية لترسيخ العلاقات العربية الكردية.

واليوم يقف الحزب الديمقراطي بقيادة الزعيم مسعود بارزاني مهتما بالعلاقات العربية والدولية منفتحا على العالم كله ساعيا لأجل عراق فيدرالي تعددي ينعم بالتطور والاستقرار والأمان،

ويدعو زعيمه مسعود بارزاني كل قادة العراق لأجل الشعور بالمسؤولية وحل المشكلات لصالح المواطنين، كما يكرر رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني دعوته الأطراف المختلفة إلى الحوار في أربيل للخروج بالعراق من هذا المأزق، وهو نفس نداء المكتب السياسي للحزب.

وكذلك يؤكد رئيس مجلس الوزراء مسرور بارزاني حل المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل على أساس الدستور لما فيه مصلحة العراق و مكوناته.

العرب والكرد وكافة القوميات والعرقيات ستجد بينهم محبي السلام والتسامح والتآخي، والمنادين بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، وتلك سمات شعوب تجمعها أفكار قومية تؤمن بالتعددية ولا يفرقها عدو أو مستعمر، وستظل أحزابها السياسية متمتعة بالحس الوطني مناضلة لأجل الحق والعدل والسلام.