الزواجُ الحقيقيُّ ليس مجرد خِطبة (خُطوبة) وخروجه والتقاط بعض الصور تحت المطر، أو أن تأكل آيس كريم في شهر ديسمبر، لكي تُنشر- بعد ذلك- عبر وسائل التواصل؛ حتى يقال: إن البنت مطلوبة وعرسانها يتصارعون على أبواب بيتها، وليست الخطوبة إثباتا حقيقيًا ولا فعليا بأن ذلك الشاب قد بلغ من تحمل المسئولية غايتها. وحقيقة القول إنه لا يمكنني أن أغفلَ أو أنكرَ أنَّ لتلك المرحلة خصوصيتها في حياة الجادين والجادات.
ومن ثم فالزواج الحقيقي يعني تحمل المسئولية تجاه أسرة جديدة وأنت العائل لها، الزواج يمثل تحدِّيًا كبيرًا قبل أن ينحصر معناه وقيمته في ليلة جديدة وجميلة، فأنت وحدك مسئول ولا أحد غيرك تجاه زوجة لها حقوق عليك، وعليها واجبات أمامك، ولو أراد ربُ العالمين أن يكرمك بقناديل تضيء لك هذا البيت الجديد -وهم الأطفال- فهنا تتغير معادلة الحياة ومفرداتها ،إذ ستتضاعف المسئولية أضعافًا كثيرة، فهؤلاء الأطفال كنتَ أنت سببا- بعد إرادة الله عز وجل- في وجودهم في هذه الحياة، فلهم متطلبات وحقوق لا تُنكر ولا تسقط بالتقادم أهمها: الاحتواء والاحتضان ويسبق ذلك كله التربية الحسنة ليكونوا أعضاء صالحين في المجتمع.
وعلى الشابة أن تتحرى الدقة في الاختيار، وكذلك الشاب عليه أن يتمهل، فلا أظن أن من يتزوج مرة في هذه الأيام يمكنه أن يعيد تلك التجربة من جديد لأسباب عدة، ما بين نفسية واجتماعية ومادية.
الزواج بمثابة الحضن الأمين والملاذ الدافئ للعلاقات، فعليكَ وعليكِ عدم اللهث وراء الشكل والشكليات الزائلة، بل البحث والتقصي عن الأصل، فالمنبت الطيب والجذر الأصيل هما بمثابة الضامن، بمشيئة الله - في أحايينَ كثيرةٍ - لخروج سيقان وفروع طيبة، ومن بعدهما تنبت الأوراق، ثم تأتي في النهاية تلك الثمار المنتظرة، فإن كنت تريد أن يكون لكَ ولكِ ثمار طيبة، فعليكم أيها الشباب الجُدد أن تتمهلوا وتتريثوا في الاختيار؛ وذلك لأن مرآة الحب- كما يقال- عمياء، وتلك المرآة لا تتجلى ولا تشتدُّ حِدةُ بصرِها إلا في المواقف الصعبة والتحديات المتتابعة التي تواجه الطرفين بمرور الوقت.
فمن يخطب فبها ونعمت، ومن يتزوج فبها وأكرم بالنعم، ومن يربي أبناءه تربية حسنة فإنه - والله- بها ولها وإليها غاية النعم. وفي نهاية المطاف وغاية القول والمقال (كلكم راعٍ).