السبت 20 ابريل 2024

«في مطر عبد الرحمن الشرقاوي» - وإن ماجاش؟!

مقالات16-8-2022 | 12:03

(ليلة من الليالي فاتونا.. بصوت نجاة الصغيرة).. 
مساء الجمعة 16 يناير 1976 –عشرون عاما على صدور مجلة صباح الخير 17 يناير 1956- السنة الثالثة بأعلام القاهرة وأول عامي تخصص الصحافة).. 
منفردا في غرفتي بالمدينة الجامعية (بين السرايات ).. وسكون غياب سفريات إجازات خميس وجمعة، مضجعاً لتفحص العدد التذكاري.. وانبهار الوصف الإنساني لمبنى مؤسسة روز اليوسف الصحفية صعودا على السلالم مصاحبا سحر رشاقة قلم المبدع (صلاح حافظ ) ومع أجمل زهرات مما نشر في عمرها 
أدخرت القصة القصيرة (عشقي واهتمامي) للختام
(في المطر.. عبد الرحمن الشرقاوي (21-1987) نشرت 1956.. أتفحص.. أنقد بطري عظام كتابتي)
.. 
رعد مطر شتاء (أمنه ) بنت 16 عاما وكاد يفوتها (قطار عدلها) .. مرغمة بزعيق أمها ولقمة العيش المنتظرة أن تجمع سقط أشجار البرتقال من جنينة (شيخ البلد) تبيعه أمام مدرسة القرية تكمل فتات دخل أبيها وأخوتها الأربعة..

تستعطف الخفير (الشاذلي)القصير النحيل الوجه والبدن.. (قتال القتلة ) في صيف الذرة وخوفها من نظرته كلما رأى بدنها وها هو ملفوف مكسم بالتصاق جلبابها الغارق بالمطر لا يختلف عن أطماع وصال الناظر والمدرس، يأويها عشته ودفء حفرة النار وتجفيف ملابسها ويفتح لها هوة (عار البنات) يكافئها ببرتقال سليم طازج من فرع الشجر ووعد مقابلة والدها مساءا ليكتب عليها في الغد لتأتي ترعى شئونه لقمة تعملها.. هدمة تغسلها فقد تزوجا.. يتحمل إلقاؤها الطين على وجهه.. ما في راجل يقدر يعملها في البر كله وماينفعنيش غيرك!!
.. 
تهرب من انتحار الترعة مخافة نار الكفر بالله وبرودة المياه تجيب أمها عن القفة والبرتقال بأن شاذلي سيأتي بهما في الغد ليكتب عليها.. لأننا أتجوزنا..
تسألها الأم بواقعية 
وإن ماجاش؟!
.. 
وانتهت الصفحة
.. 
قلبت الصفحة التالية ألاحق رومانسية نهاية سعيدة.. ولم أجد شيئا !!!
بللت أصبعي أفك التصاقهما.. فلم يحدث!!
دققت في رقمها وجدته صحيحاً
فتشت آخر العدد على بواقي المادة الصحفية .. مافيش 
قلبت الصفحات من الغلاف للغلاف ولا تكرار في الملازم
تفحصت الفهرست بدقة وجدت الترتيب صحيحا!! 
.. 
أطبقت حوائط الغرفة الصغيرة على أنفاسي وهرب الأكسجين 
(أنازع) واقفا ألهث.. أين باقي الحدوتة؟!
أدور أسيرا في قفص حديدي
أجاهد للتخلص من خنقتي ودفعي للهاوية.. فأواجه
 ماذا بالفعل لو لم يجيء؟!
.. 
افتح الباب عن آخره.. أتسمع طرقات قدمي حافيتين على رصاص برد الممرات أبحث عن زميل أنفث قهري وغشومية تعالي عبقريتنا الصحفية القادمة على تقاعس منفذي العدد التذكاري
أخفف لهيب فكري .. وآلام عروق جبهتي وحرائق رمال عيني 
.. وإن ماجاش.. 
.. 
أيه ده يا شرقاوى.. أنا عملت لك حاجة؟!
.. 
ينقذني رأي عاقل.. القصة القصيرة تطرح قضايا جديدة تتجاوز تخدير الناس بحلول خيالية سهلة
.. 
وتمر الأيام (واليوم بسنة) يستقر عقلي في بحث الإجابات 
(وإن ماجاش )
سؤال.. له إجابة تفيق.. تنبه.. تحذر.. تدفع لحلول تنسف الرومانسيات ليفيق البشر 
.. 
مزقت قصصي وكشكولي الملون وجهاد خطي المنمنم 
(نقطة ومن أول السطر) 
.. 
شكرا عبد الرحمن الشرقاوي
أستاذنا العبقري.. 
..
2022 بعد 46 سنه.. أخلص من بين ركام كتب سور أزبكية رصيف التوفيقية والإسعاف.. مجموعته القصصية (أحلام صغيرة) الوحيدة (بين 52 مسرحية ورواية ودراسة) من سلسلة الكتاب للجميع عن دار الجمهورية.. خمسينيات القرن العشرين.. غلافها.. فتاة جميلة تحمل قفة برتقال.. قصتها الأخيرة (رقم 11).. 
(في المطر).. 
احتجزتها بأصبعي ضممتها صدري سارحا مبتهجاً بتفجر الذكريات وإعادة قراءتها في المساء بعيون جديدة وخبرة تتوقف أمام عميق المعاني والألفاظ
.. 
-دوى الرعد يهد السماء على رأسها 
-دعاء أمها أن يكفيها شر سكتها
-برد الوحل في قدميها الحافيتين كالرصاص 
-عشة من أعواد الذرة تتوسطها حفرة نار وخشب 
-ما دامت بشرفها لا شيء يهم 
-يضغط على يدها ويطلب الوصال 
-جلبابها في المطر يلتصق ببدنها الطويل الملفوف المكسم المرتعد 
-وجهها الرائق يضيء المكان 
_وحوحة 
-الرعد.. (جمل الشتاء يجرى وراء جمل الصيف)
-البرتقال من على فرعه 
-فتح أبواب الهاوية 
-تطلق الضحكات تحاول الإمساك بذرات شعاع الشمس
- ترتعش كأعواد البرسيم الغضة في الحقول
-عايز أتجوزك يا مقصوفة الرقبة 
-ثمرات البرتقال متناثرة وسط الخضرة ككرات النار
2
وأواصل المتعة في باقي مجموعته
(أحلام صغيرة).. 

11 قصة قصيرة مكتوبة (43-1956).. 
تبدأ بقصة (أحلام صغيرة) كتبت 1943.. عن أحلام الصبي القروي الفقير برحلة امتحان المرحلة الأدبية ببدلة جديدة أكلتها معزتهم فتأجل الحلم لعام قادم يستطيع الأب فيه شراء بدلة أخرى 
وآخرها( رقم 11 )قصة.. في المطر.. كتبت 1956
ولا يذكر تاريخ قصة أخرى إلا (الخادم ).. كتبت 22يوليو 1952 ليلة ثورة23 يوليو.. عن الفلاح الذى أصبح خادماً في القاهرة ثم صنايعي وثائر يرفض قهر العمدة ويوعى الأهالي فيثوروا 
.. 
الباقي بلا تواريخ يناقش 
-غيرة الزوج على زوجته المحبوبة
-مقام الشيخ بخيال الناس يستعينوا به على الظلم
-المثقف الثوري المبهر للتلميذة فتعشق وعيه
-مساخر جنود الحرب العالمية وانزلاقات بعض الضعفاء
-الحرب وصيد العقارب لأدوية للجنود 
-عشق القروي لهانم ويفزع بفارق العادات والتقاليد
-معاناة أنسان أوروبا من الحرب حتى بنات الهوى
-الفدائي يغير على شرف المصريات
(المجموعة بلا فهرست ولا تاريخ نشر ولا مسئول عن النشر) 
.. 
وتوقفت عند كلمات
-مصباح ريفي ينفث دخان أكثر مما يلقى الضوء
-يهتز بضوء شاحب مهزول كالأمل في بعض النفوس
عمه يرى الحمار أنفع للأسرة من عشرين خائباً مثله
-المفتش له فصاحة خاصة بما لم يعرفوه من قبل
(أحلام صغيرة)
.. 
-سيدى رجب يضرب (بسيف من نار) مئات الرؤوس
-كيف يطرده الباشا من الأرض الذى ليس له تحتها جسد ولا فوقها عرق الجبين 
-القرية حين تعتمد على بركاته لا يقف أمامها شيء 
(المعجزة)
.. 
-موظفون يحصلون بتعليم بناتهم على مصاهرات طيبة 
-أصبح لها كضوء النهار الذى ترى منه الدنيا
-مسكين معدوم الولد 
-برز نهداها فمنعها أبوها من المدرسة 
-بياض أيه؟!.. أحنا متجوزين جاموس 
_سعيدة بقى.. أحسن حد يشوفني معاك يفتكر بينا حاجه
-حياة الأسر التركية القديمة المنهارة 
-عندما يتهدد الناس الموت يصبح كل شيء مباحاً 
-الرقعاء اللذين يعتدون على الأعراض في المخابئ
(طالبة)
.. 
-الحرب خلت العقارب لها سعر.. وخلت البني آدم مالوش سعر 
-يكلم الحكومة لتنفي الولد حسان إلى الطور 
-شعر بجرح عظيم والولد يذكر اسم امرأته أمام الرجال
-ما يجبش برضه.. أضربه قدامك!
-كل قطعة فضة في لجام الحمار ( ببريزة ) بعشر عقارب 
-هزة وسطها وسط الإنجليز بمية جنيه تشترى فدان 
-الحنطور ركوبة أصحاب المزاج.. مش تقولي التاكسي
(العقرب)
.. 
-لا تستسيغ حيائي المتهالك 
-يثبت عينيه في عيني بصفاقه
- متاع شائق.. ممتنع على جائع.. ويلقى بنفسه أمام المتخمين 
(تجربة)
.. 
-نبرات تنبض سخرية مشحونة بالازدراء 
-قال للعمدة (لا) وتبعه الآخرون كأنها عدوى
-لا ينقص إلا أن يمرون أمام الدوار راكبين.. ويرفعون عيونهم وهم يتحدثون.. ويخلعوا الطواقي عن الرؤوس 
(الخادم)
.. 
-شيئا مبهما فيها سيطر على شيء مبهم به
_عينيها بريق إنساني شائق يشعرنا أننا نحب كل الناس 
-الدكتاتورية الصناعية تدفع العالم للجنون 
(أيام الرعب)
.. 
-أحاديث النساء تعبر الفضاء الضيق للحارة بكل الأسرار 
-أصحاب البيوت الواطئة يتحدثون عن الستر ويقترضون من بعض بلا كلفه
-ترسل المال في منديل مصرور 
-بحثوا عن عمل في المدينة ولم يعودوا للقرية أبدا
-بلدي اللي باكل فيها عيش 
سمعنا (طرقعة شبشبها ) وهى تدخل 
-بنات مصر بحرهم غويط 
-الجنود الإنجليز يخطفون أي فتاة تمشي وحدها 
-قصص الانتقام تبهره
-مرارة انحدرت عبر أجيال جعلت وجهه يبكي بلا دموع 
-أهو التعليم.. بيبرد الدم الحامي؟!
-بالمداس.. ضربتهم بالمركوب 
_لم يرفع رأسه أو ينظر في وجه أحد ولم تفتح زوجته شباكاً 
-ابن ناس يقتل من يرفض له طلباً
(بركة الفيل)