الأربعاء 26 يونيو 2024

صاحب السعادة

27-7-2017 | 17:56

كلنا عاوزين سعادة

بس ايه هى السعادة

و لا ايه معنى السعادة

قوللى يا صاحب السعادة

قوللي.. قوللي..

أخشى مبالغة، لعلى على خطأ وجانبنى الصواب، مود البلد وحش، من الوحاشة، مود غاضب، ناقم، يتلاشى الأمل سريعا أو ما تبقى منه صريعا تدوسه عجلات الغضب، وينسج اليأس المخيم خيوطه العنكبوتية يكاد يزهق الأرواح.

الحزن ساكن فينا وفيها ليل نهار، مفيش خبر حلو ولا كلمة حلوة ترد الروح المتعبة، كله غم فى غم، كل هذا الغم، نادى الأمل يكاد يغلق أبوابه، نحلم بصبح.. وما الإصباح منك بأمثل، وكأن هناك روحاً شريرة سكنت البلد، غضب، زهق، شكوى، وقلق معشش فى البيوت، والقرف بادٍ على الوجوه، اللى نبات فيه نصبح فيه، غار ماء الرضا بعيدا، السخط يتترى على السنة كانت تلهج بالحمد.

كيف تبخر الأمل بخر الماء من بحيرة السد فى ظهيرة صيف قائظ، كيف جفت قطرات الندى من على ورق الشجر الأخضر، صارت أشجار الوطن تنزف أوراقها الصفراء، تذروها الرياح، خريف مقيم، لماذا تأخر الربيع طويلا عن حدائق الوطن، لماذا حل الصيف صادما بحرور، عرق لزج لا يحتمل، روحى فى مناخيرى كما يقولون؟!.

الحلقة الشريرة التى تمسك بخناق الوطن تحكم قبضتها، تخنقنا، تردينا يأسا، تبرحنا ألما، تعذبنا، تضنينا، اللى نبات فيه نصبح فيه، غم فى غم، كل هذا الغم، إرهاب ودماء وأشلاء نفوس بشرية، وكلاب عقورة تنهش فى عرض الوطن، كراهية وبغض، تناحر وتلاسن، كوكتيل، قلة أدب وقلة ذوق وقلة حياء، لا أحد يحمد أو يعرف للحمد طريقا، لا أحد يشكر ويلهج لسانه بالثناء، كله شكوى وتبرم وزهق وقرف وإحباط وتحبيط وتثبيط وقنوط من رحمة الله.

رحمتك يا رب، مضى زمن كان الحمد على القليل، والصبر على الكثير، وحامدين وشاكرين، وبلة ريق بكلمة أو نظرة أو إشارة عابرة فى الطريق، واصطباحة حلوة، صباحو فل، صباحو قشطة، ونهارنا نادى، وياحلو صبح، ياحلو طل، والحلوة دى قامت تعجن فى الفجرية، وذهب الليل وطلع الفجر، وركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها.

يا الله غارت ماء الرضا بعيدا، ونشعت مياه الصرف الصحى، اصفرت وجوه، واسودت وجوه، وجهك أسود ليه يا عكر، ووشه يقطع الخميرة من البيت، ونفخ فى كير النفوس، ودخان وقابلية للاشتعال، وعصبية ونرفزة، وشايل طاجن سته، وناخر مناخيره كالشكمان ينفس دخانا، وحد دايس له على طرف، وبارم ديله، وطالع زرابينه، يا عم فكها، الله يرحم والدى ووالدك كان بياكلها بدقة وشاكر وحامد، وشربة ميه، ويناجى ربه، اللهم دمها واحفظها من الزوال، والبركة فى القليل، وقول يا باسط، وتبات نار وتصبح رماد، وكان دعاء الصالحين، يا خفى الألطاف نجنا مما نخاف.

ماذا جرى للمصريين الطيبين، جرى كتير، واللى جرى ما يتحكى ولا يتقرا فى كتب التفسير النفساوى والتحليل الاجتماعى، نحن فى أمس الحاجة إلى «كونصلتو» من صناع السعادة لتشخيص الحالة، الاكتئاب الوطنى العام الذى نمر بمنعطفه النفسى خطير، وأعراضه بادية على الوجوه مارة فى الشوارع ذاهلة، سكارى، حيارى، تحس الناس مخنوقة قوى، مش مستحملة حكة على المناخير لتثور وتغضب وتحطم وتقتل، الغضب الذى يعتور الناس يتركهم أسرى لشائعات خبيثة تورثهم اليأس والقنوط من إصلاح الحال والأحوال.

حتى الأمل يضنون ببصيصه على الناس، انظر إلى وجوه المتكلمين فينا فى فضائيات الليل وآخره، يشخطون وينطرون، يضنون بالكلمة الحلوة، حتى صاحبة السعادة لم تعد سعيدة، انظر إلى وجوه المسئولين، لا تراهم أبدا مبتسمين، ضاحكين مستبشرين، شايلين الهم، كل واحد منهم شايل طاجن سته أم أبوه، ويوزع علينا من سخطه وغضبه، يعاقبنا على الحياة، عيشوا عيشة أهاليكم، الفواتير أداة تأديب وتهذيب وإصلاح، البرنامج كده، كل هذه الزيادات فى بروجرام واحد.

عبسا وعبئا، لا ترى من غالبية المسئولين إلا وجوهًا شاحبة فى الكوارث والنكبات، وسوى لمحات تخبو سريعاً من قبيل الإنجازات تجهض سريعاً يلفها موج السخط العام، نادراً ما تجد مسئولاً مرحاً، ابن بلد، شاطر فى تصدير الأمل، قطعية واحدة جميعا متبرمون، ولسان حالهم، على قلق كأن الريح تحتى، قطيعة تقطعنى جبت سيرة الناس الطيبين!. 

راجع تصريحات كبار المسئولين خلال شهر مضى، خلال سنة مضت، خلال سنوات كرت من عمر الوطن، جميعها فى كل الوزارات والهيئات تتحدث بلسان واحد، خسائر خسائر، وعجز فى الموازنات، واضطرار للاقتراض، ومن كان لسانه طويلاً يحملنا الخسارة، وبالمرة اتهامات بالفساد والإفساد وعدم العمل وكثرة الخلفة والإنجاب، احنا السبب.

جيد الواقعية فى الطرح الموضوعى للمشكلات التى تتهددنا، لكنهم بربطة المعلم حافظون لكتاب اليأس، كلمة كلمة، جملة جملة، سطرا سطرا، صفحة صفحة من الجلدة للجلدة، وكأنه دستور حياة، لا نطلب منكم ضحكاً على الذقون، ودعنا هذا، وعارفين وفاهمين، المواطن ابن حنت أريب، ومتحمل، وشايل الهم، ولكن سياسية احلبوه احلبوه لن توفر ما يقيم أود الموازنة، تشفيط الحنفيات ميملاش قرب، لم يبق فى الضرع لبن، تكاد تنبجس الدماء، الناس تعبت وملت من الملل، نسمة طرية ترطب النفوس، حتى العلاوة الاستثنائية خطفها غراب الأسعار.

وبيننا نفر عاملين عليها، ينفخون فى الكير، يتبضعون الغضب، ويتصنعون الحنية، ويتمثلون دور المنقذ، ويشيرون فيديوهات التسول ليستنفروا ثائرة جموع الجموع، والحكومة سادرة فى خططها المؤلمة، ترهن المستقبل بسداد فواتير الماضى، طيب والحاضر، اليوم وغد، يا خوف فؤادى من غد.

السعادة مش فلوس، ارجع لمونولوج إسماعيل ياسين أعلاه، واسمعه على يوتيوب، السعادة أن يشيع الأمل فى النفوس، وسعادة النفوس بالرضى، وأمامكم شعب قنوع، وبيبوس يده وش وظهر، ومستورة والحمد لله، وماشية، واحنا أحسن من غيرنا، وربنا يديمها ويحفظها من الزوال، حمدا لله على نعمة الأمن، وجربنا الخوف والخشية على الصغار مهددة فى أعشاشها وغلقنا الأبواب، الأرضية مهيأة لمن يغرس أشجار الأمل، ولكن هناك من يصدّر الإحباط واليأس والقنوط، السعادة تبنى صروحاً والإحباط يهدم صروحاً!! 

تبقى فين هى السعادة

قوللى يا صاحب السعادة..

قوللى قوللي