المنيا: وفاء عبد الرحيم
لعقود طويلة ظلت المنيا مصنفة على أنها محافظة إرهاب ومنبع للمتطرفين ، وفى زمن الجماعة الإرهابية اتهمها البعض بأنها إخوانية ، لكن هذه المحافظة المظلومة ببعض من ينتمون إليها من المتطرفين تدافع عن نفسها بالفن ومن خلال كلية الفنون الجميلة أحد أعظم كليات الفنون ، ليس على مستوى مصر فقط؛ بل على مستوى العالم فكلية الفنون الجميلة فى المنيا بها ثانى متحف على مستوى العالم يضم ٧٥٠ عملا يحكى سيرة الفن المصرى خلال المائة سنة الماضية.. كما أن أعمال أبنائها من المبدعين لا تُزين فقط ميادين المحافظة وإنما تمتد إلى المحافظات المجاورة، فالكلية تعد وكأنها قلعة للمواهب فى قلب الصعيد وأحدث هذه المواهب «مى عبد الله».
كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا تُعد الثالثة على مستوى الجمهورية وأنشئت عام ١٩٨٣، وتضم ٥ أقسام وهى «قسم العمارة والديكور الذى ينقسم لشعبتين، وقسم الفنون التعبيرية الذى يضم (فنون السينما والمسرح والباليه)، وقسم الجرافيك الخاص (بالطباعة وتصميم الكتب والمطبوعات والإعلانات وتصميم الشعارات وأيضا قسم التصوير (تصوير زيتى وتصوير جداري)، بجانب قسم النحت والذى ينقسم لشعبتين، الكلية بها ٣ أقسام للنحت الميدانى هى النحت البارز (جدارية وأسطح المعاينة)، والنحت الخزفى وهو مستحدث وخاص بفنون الخزف.. الكلية تخرج منها العديد من الأساتذة، الذين قامت على اكتافهم كليتى الفنون الجميلة بالأقصر وأسيوط.
الدكتور سامى أبو طالب عميد كلية الفنون الجميلة بالمنيا، أكد أن الكلية يوجد بها قسمان غير مسبوقين على مستوى كليات الجمهورية، وهما الرسوم المتحركة والترميم، نظراً لوجود مناطق أثرية كثيرة بالمنيا، كما يوجد مركز الإبداع للفنون، ومتحف غير مسبوق ويُعد المتحف الثانى على العالم، على الخريطة السياحية للمنيا ويضم ٧٥٠ عملا يحكى سيرة الفن المصرى خلال المائة سنة الماضية حتى الآن، منها ٢٥٠ لوحة وتماثيل وجرافيك معارة من مركز الفنون التشكيلية بالقاهرة والإسكندرية، والباقى نتاج ورش فنية لمصريين وأجانب على مساحة ٥ قاعات، كل قاعة ٥٠٠ متر مربع، تضم العديد من الأعمال الفنية لمدارس الفن المصرى المعاصر، ويوجد به أعمال لفنانين أجانب، وجارٍ إنشاء قاعتين كبريين لفن الكاريكاتير وفنون الميديا.. ونعمل لكى يصبح المكان مركزا مجمعا لمتاحف جامعة المنيا للعلوم والفنون.
أبو طالب يشير إلى أن الكلية لا تعمل بمعزل عن المجتمع، ونحاول ربط كل أقسام الكلية ومشاريع التخرج بدراسة المجتمع والبيئة، وأيضا فى رسائل الدكتوراه والماجستير نوجه الاهتمام بالتاريخ المصرى القديم، وقال: «ننظم الكثير من المعارض فى قاعات العرض للأساتذة والهواة، لافتاً إلى أن ظاهرة الإرهاب نتناولها فى أقسام الديكور والجرافيك والرسوم المتحركة من خلال الأفلام والمسرحيات، والتوعية سواء عن طريق أفلام دعائية أو مصورة أو ملصق إعلاني، كما أننا فى رسائلنا نراعى أن تصل للمجتمع بكل أطيافه، فكل القضايا المجتمعية نتناولها فى التصوير والأقسام الأخرى والنحت، فمثلاً هذا العام طالبة متميزة صممت نحتاً تحدث عن فناني الزمن الجميل خلال فترة الأربعينيات من القرن الماضي، وتم عرضه أمام مركز المؤتمرات فى جامعة المنيا، طلبت مدينة الإنتاج الإعلامى عمل نسخة منه بها، كما أننا تحركنا وقمنا على الفور بعمل تمثال لنفرتيتى بمدخل مركز سمالوط بدلاً من التمثال المشوه لنفرتيتي، والذى كان موضوعاً عند المدخل، وأثار ردود أفعال سيئة وضجة على المستويين المصرى والعالمي.
من جهته، قال الدكتور محمد جلال حسن نائب رئيس الجامعة لخدمة المجتمع وشئون البيئة، وأستاذ النحت وعميد كلية الفنون الأسبق، الكلية تجرى اختبار قدرات لاكتشاف الطلاب الموهوبين لرعايتهم وتنمية موهبتهم، مما يزيد الذوق الجمالى ويهذب النفس، فجميع الحضارات كانت مرتبطة بالعلم والفن فى وقت واحد، كما أن وجود كلية الفنون الجميلة بالمنيا غير الكثير، فلو أننا أجرينا دراسة للمحافظة قبل الكلية لوجدنا الفرق كبيرا، فأبناء وخريجو الكلية قاموا برفع الذوق على مستوى العمائر والفيلات والمحلات التجارية، ووجود الكلية وخريجيها أوجد الثقافة الفنية.
د. جلال هو من اشرف على مشروع التخرج للطالبة «مي» التى عملت مشروع التخرج لفناني الزمن الجميل، موضحاً أن «مى» عرضت كاريكاتيرا بشكل جميل، واقترحت أن يكون مشروعها للشخصيات، وقمت بتشجيعها وزملائها وأعطيتهم فرصا، ولأول مرة تخرج مشاريع الطلبة وتتجمل بها الجامعة.
الدكتور جلال يشير إلى مسألة فى منتهى الأهمية تتعلق بتقبل أهل الصعيد للفن والإبداع ويقول «طلاب كلية الفنون الجميلة والخريجون نجحوا فى إقناع الناس بأن الفن ليس حراما والتماثيل عمل فنى راقى، وصمت بنفسى تمثال بعنوان مصر الحاضر والماضى وضع فى مدخل مدينة المنيا، وصممت تمثالا لرفاعة الطهطاوى فى مدخل مدينة سوهاج ، والمواطنون اعجبوا بالتماثيل ولم يحطموها مثلاً لأنهم يحبون الفن الراقى.
أما الدكتور حمدى عبد الستار عضو هيئة تدريس بكلية الفنون الجميلة بالمنيا، فطالب بزيادة الميزانية لتوفير الخامات للطلاب، مؤكداً أنه منذ فترة كبيرة لا يوجد أى اعتراضات من الطلاب أو المجتمع الجامعي، والناس بشكل عام أصبحت تتقبل الأعمال الفنية، بدليل هناك الكثير من الأعمال التى تزين مساحات المنيا الجديدة.