تحل علينا اليوم اليوم الذكرى الـ98 على ميلاد أنيس منصور، الذي اشتهر بالكتابة الفلسفية عبر ما ألّفه من إصدارت، ولد أنيس في 18 أغسطس 1924 في إحدى قرى محافظة الدقهلية، حفظ القرآن كله وهو في سن التاسعة عند كتاب القرية، كان له في ذلك الكتاب حكايات عديدة حكى عن بعضها في كتابه عاشوا في حياتي، كما كان يحفظ آلاف الأبيات من الشعر العربي والأجنبي.
استكمل أنيس منصور دراسته الثانوية في مدينة المنصورة، كان الأول على كل طلبة مصر حينها، استكمالًا لتفوقه في صغره، اشتهر بالنباهة والتفكير المنطقي السليم، وهذا تتمة تفوقه في السنين السابقة، التي اشتهر فيها بالنباهة والتفوق حتى أنه إذا جاءت حصص اللياقة البدنية كان المدرسون يقولون له - كما ذكر هو في كتابه عاشوا في حياتي: (بلاش كلام فارغ انتبه لدروسك ومذاكرتك الأولاد دول بايزين)، لأنهم كانوا يرون فيه مستقبلاً باهراً وشخصية فريدة.
وفي يوم من الأيام كان يتحدث أنيس منصور مع صديقه عن كتب العقاد والملخصات التي كتبها أنيس لتلك الكتب، سأله صديقه لماذا أنت تكره المنصورة هكذا؟.
فرد منصور: أكرهها؟ أنا لم أكتب ذلك..
فأشار له صديقه إلى "مجلة المنصورة الثانوية" ووجد مقالا بقلمه، واندهش كثيرا لأنه لم يتذكر أنه كتب مقالا كهذا، ولكنه تذكر أن أستاذ اللغة العربية طلب منه أن يكتـب مقالين أحدهما: أحب المنصورة .. والثاني: أكـره المنصورة .. وكتب أنيس المقالين ولكنه أستاذه أحب الذي كـرهه.. وكره الذي أحبه !
وقال له صديقه بإندهاش: لقد تعجبت كثيرا عندما قرأت هذا المقال، لماذا تقول أنك تكره المنصورة.. وكل شئ فيها.. والناس أيضا؟
فأجابه منصور برد فلسفي بعض الشئ: أصعـب سـؤال . الحقيقـة ؟ أيـة حقيقة؟ حقیقتى .. حقيقتـك .. حقيقـة النـاس .. حقيقة الأشياء .. حقيقـة مـا بيننـا.. الأرض .. السـماء .. النجـوم .. الماضي .. المستقبل .. حقيقة ؟ سـؤال كبير مطلوب من إنسان صغير أن يرد عليه .. عن كل تاريخ الفلسفة الذي درست منـه القليـل هو محاولة للإجابة عن هذا السؤال .. ولا جواب واضحا.. ولا رأى مؤكد.. ولا حقيقة واحدة.. ولكن ألـف.. مليـون بـعـدد النـاس وأحوالهم العقليـة والوجدانيـة ومصالحهم ومخاوفهم وآمالهم .. وأديانهم وألوانهم الحقيقة كل هؤلاء.. أو ليست هؤلاء!
ياه.. أيـن ذهبت ؟ أين ذهبوا بـك؟ أيـن أخـذوك؟ أيـن تـخـلـوا عـنـك؟ أيـن تـركـوك؟ أيـن أضاعوك؟.
لهذا أنا كرهت المنصورة .