الخميس 4 يوليو 2024

كنت فى باريس يوم 23 يوليو

28-7-2017 | 13:29

للنجمة ليلي مراد

كنت في باريس يوم 23 يوليو سنة 1952 وكنت لا أزال موجودة في غرفتي بالفندق الذي نزلت فيه عندما دقت الساعة التاسعة والنصف مساء بتوقيت باريس، أي الثامنة والنصف بتوقيت القاهرة.

وكان هذا هو الموعد الذي تقدم فيه إذاعة القاهرة نشرتها الإخبارية المسائية، فأحببت أن أستمع إلي أخبار مصر ولم أكن قد عرفت بعد خبر الانقلاب التاريخي الكبير الذي وقع بمصر في الصباح الباكر من ذلك اليوم ولم أكد أستمع لإذاعة القاهرة حتي فغرت فمي دهشة وعجبا.

سمعت بيانا يقول إن مصر قد استهدفت في فترتها الأخيرة لموجة من القلق والاضطراب، وان الرشوة والفساد قد عمت البلاد، ولذا تولي الجيش تطهير البلاد مما هي فيه.

ان الذين قدر لهم أن يسافروا خارج مصر، هم أدري الناس بقيمة يوم 23 يوليو سنة 1952.

ذلك اننا حين كنا نضطر في الماضي للسفر خارج مصر، كنا نشعر بخجل شديد حين نذكر جنسيتنا. ذلك أننا لم نكن نتصفح جريدة أو مجلة أجنبية، إلا وتطالعنا فيها فضائح ومخاز عن الملك السابق، فكان الأجانب يعيروننا بأننا نقبل أن يظل بأرضنا مثل هذا الرجل. وكانوا يتهموننا بالجهل، وأننا لا نزال نعيش في ظلال سلاطين ألف ليلة وليلة!

فلما سمعت البيان الذي أعلن قيام الجيش المصري بثورته المباركة، طرت فرحا ولم أنم ليلتها لأنني لبثت أفكر في معني البيان ومحتوياته وصدرت صحف باريس وفيها أنباء حركة الجيش المصري والخلاف مع فاروق، وكانت كل جريدة تعلق علي الانقلاب بما يتراءي لها فلم أصل مما قرأته فيها إلي رد شاف عما إذا كان فاروق سيظل علي عرشه، أم ستطهر البلاد منه.

وفي الساعة السابعة من مساء 26 يوليو، نقلت محطة الإذاعة في باريس نبأ تنازل فاروق عن عرشه، وطرده من الأراضي المصرية.

ولأول مرة منذ وجودي في باريس شعرت بأنني يجب أن أفخر بمصريتي بعد أن طرد من كان سبب تسويء سمعة مصر وأهلها.

وغادرت الفندق الذي أقيم فيه، وأخذت أسير في شوارع باريس وأدخل ملاهيها ومجتمعاتها رافعة رأسي إذ كنت أينما سرت أسمع عبارات الاطراء والتقدير والفخر لرجال جيش مصر الذين أمكنهم أن يقوموا بمثل هذا العمل الضخم الجبار.

الكواكب 363 - 15 يوليو 1958