أعرب الكاتب البريطاني فيليب شورت عن اعتقاده أن أوروبا تواجه عراقيل جمة من أجل توحيد صفوفها ضد روسيا جراء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وأضاف الكاتب - في مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية - أن روسيا في نفس الوقت تسعي من خلال حرب أوكرانيا إلى إثبات عجز حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن التصدي لها، مؤكداً أن نجاح روسيا في تحقيق هدفها يتوقف على مدى صلابة الدول الغربية في توحيد إراداتها السياسية في مواجهة موسكو.
ويشير الكاتب أن العراقيل التي تواجه الدول الغربية في سبيل تبني موقف موحد تجاه العملية الروسية في أوكرانيا تتمثل في الارتفاع الرهيب في أسعار الطاقة بسبب العقوبات الغربية المفروضة على روسيا وقيام روسيا بتقليص إمدادات الغاز لقارة أوروبا.
ويرى الكاتب أن أحد أهم أسباب توحيد الصف الأوروبي هو الوقوف على الأسباب الحقيقية التي دفعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاتخاذ قرار الحرب في أوكرانيا والأهداف الحقيقية التي يسعي لتحقيقها من وراء تلك الحرب حتي يتسني للدول الغربية تحديد مفهوم النصر أو الهزيمة على هذا الأساس وكذلك معرفة ولو بشكل تقريبي متي ستضع حرب أوكرانيا أوزارها.
ويشير الكاتب إلى أن حرب أوكرانيا، مثلها في ذلك مثل أي حرب، سوف تنتهي يوماً ما ولكنها سوف تنتهي في ظل ظروف جغرافية غير مواتية تفرض على كل من روسيا وأوكرانيا أن تتعايشا كدولتي جوار وهي الظروف التي تفرض أيضاً على كلا الطرفين البحث عن وسيلة ما للتعايش جنباً إلى جنب.
ويرى الكاتب أن نفس الموقف ينطبق كذلك على العلاقات بين روسيا والدول الأوروبية حيث يحتاج الأمر إلى عقود طويلة حتي تندمل جروح المرحلة الراهنة بين الطرفين.
ويستطرد الكاتب موضحاً أن الدول الغربية تصورت في بداية العملية العسكرية في أوكرانيا أن الهدف من الحرب هو هدف استعماري حيث يسعي بوتين إلى استعادة أمجاد الإمبراطورية الروسية القديمة وأن أوكرانيا سوف تكون الخطوة الأولى في سبيل تحقيق هذا الهدف تعقبها خطوات مماثلة لضم إستونيا ولاتفيا للأراضي الروسية.
ويعرب الكاتب عن اعتقاده أن ما دفع الدول الغربية إلى تبني مثل ذلك التصور هو تصريحات بوتين التي يقول فيها أن انهيار الاتحاد السوفيتي يعتبر من أكبر الكوارث الجيوسياسية في القرن العشرين.
ويشير الكاتب إلى أن هناك أسبابا أخرى وراء قرار بوتين بالقيام بعملية عسكرية في أوكرانيا، موضحاً أن أهم هذه الأسباب هو إعلان حلف شمال الأطلسي عام 2008 ضرورة ضم أوكرانيا لعضويته، مستشهداً بما ذكره بيل بيرنز، سفير الولايات المتحدة في روسيا آنذاك، في رسالة سرية بعثها للبيت الأبيض محذراً من أن انضمام أوكرانيا لحفل الناتو يمثل "أكبر الخطوط الحمراء" بالنسبة لروسيا وأن جميع طوائف الشعب الروسي يعتقدون أن انضمام أوكرانيا للناتو يمثل تحدياً مباشراً للمصالح الروسية، وحذر كذلك أن تلك الخطوة في حال حدوثها لن تمر دون رد من جانب روسيا.
و يقول الكاتب أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاهلت تحذيرات بيرنز، ولم يلبث بوتين أن قام بالرد على مساعي الناتو لضم أوكرانيا بأن ضم شبه جزيرة القرم وساند حركة انفصالية في إقليم دونباس وتوج مساعيه تلك بالقيام بالعملية العسكرية في أوكرانيا في فبراير الماضي.
ويضيف الكاتب أن عملية توسيع عضوية الناتو تمثل فقط طرف جبل الجليد الذي يبدو طرفه فقط فوق سطح المياه بينما معظم أجزائه تختفي تحت السطح حيث إن بوتين لا يحسن الظن على الإطلاق بالدول الغربية ويتبني مواقف مناهضة للغرب ويرى أن واشنطن وحلفاءها يسعون دوماً إلى إضعاف قوة روسيا لحساب الغرب.
ويوضح الكاتب أن الهدف الحقيقي من وراء حرب أوكرانيا ليس فقط محاولة تحييدها والحيلولة دون ضمها لحلف الناتو ولكن إظهار الحلف بمظهر العاجز عن مواجهة روسيا.
ويختتم الكاتب مقاله مؤكداً أن نجاح بوتين من عدمه يتوقف على حجم المساندة التي تقدمها الدول الغربية لأوكرانيا في الفترة القادمة في ظل التناقص الحاد لواردات الطاقة الروسية للغرب والارتفاع الرهيب في تكلفة المعيشة في الدول الغربية ما قد يضع القارة الأوروبية تحت ضغوط كبيرة قد لا تتمكن من تحملها.