السبت 15 يونيو 2024

اختارها لتقديمه على المسرح .. لبنى عبد العزيز: عشقت عبدالناصر فأمنت بمبادئ الثورة

28-7-2017 | 13:57

حوار : محمد سعد

هي رمز من رموز الفن ، عاصرت عددا من الأحداث المهمة التي مرت بها مصر وعلى رأسها ثورة 23 يوليو المجيدة التي آمنت بمبادئها وعبرت عنها في أعمالها الفنية واختارها عبد الناصر بنفسه كي تعمل مذيعة بالتليفزيون وهو ماحدث بالفعل ، ولكن طالتها نيران الثورة فتم القبض على زوجها والتحقيق معه ، ولم يجبرها على أن تمتنع عن حب ناصر وثورة 52 ، فما شهادتها وذكرياتها عنهما ؟

التفاصيل تكشف عنها الفنانة الكبيرة لبنى عبد العزيز في حوار خاص مع الكواكب .

بعد مرور 65 عاما على ثورة 23 يوليو ماذا تبقى في ذاكرتك عنها ؟

أتذكر أنه في بداية الثورة كان هناك قلق وخوف لأننا لم نكن نعلم ما مصيرنا وما الذي سيحدث ، لكن بشكل عام كانت تعم فرحة كبرى على كل الناس ، وكان يقال إنه انقلاب عسكري لكن اتضح أنه انقلاب اجتماعي وفكري ، وقد شعرنا أن الفقير سيحصل على حقه وأنه ستزال الفروق الطبقية الرهيبة وأنه لن يكون هناك جوعان وغيره شبعان ، هذه المبادئ التي لم نكن نألفها قبل الثورة ، فقد كنا نرى أيام الحكم الملكي سيطرة الطبقة الارستقراطية وقهرها للطبقة الفقيرة ولم تكن الطبقة الوسطى موجودة بشكل كبير، فتقريبا كان هناك فقير وغني فقط ، وقد استطاع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في تحقيق حب واحترام كل الناس ليس في مصر فقط ولكن في كل البلاد العربية وفي العالم أجمع ففي الفترة التي عشتها بأمريكا كانوا دائما يسألوني عنه وخاصة السيدات الأمريكيات كن معجبات جدا بشخصيته فقد كان نجما كبيرا وليس مجرد رئيس دولة ، وقد عشنا في ظل حكمه سنوات طويلة، وأذكر يوم وفاته حزنت جدا وصدمت عندما علمت بالخبر من التليفزيون الأمريكي حيث كنت أقيم هناك مع زوجي وقتها حيث كان هناك اهتمام كبير بخبر وفاته من كل وسائل الإعلام الأمريكية على مدار24 ساعة فقد امتد تأثيره لكل العالم وليس فقط في البلاد العربية مثل يوغسلافيا وفينسيا فقد كانت آراؤه مبهرة وملهمة لكل العالم فقد استطعنا في عهده أن نتحرر من الاستعمار وكانت ثورة على كل ظالم وكل حاكم مستبد فقد كان ناصر وطنياً جدا ، وكانت خطاباته وأحاديثه جاذبة لنا ونتفاعل معها بكل وجداننا وكنت وما زلت من أشد المعجبين به ، وأذكر أنه ذات مرة طلبوا مني في الجامعة الأمريكية أن أقوم بتقديمه على المسرح في زيارته للجامعة وفي الزيارة الثانية له طلب هو شخصيا أن أقوم أنا بتقديمه ، وقد قام بمصافحتي ومنحني «نيشان» وكان يقول عني إنني "شقية" رغم أنني لم أكن كذلك ، وهو صاحب فكرة أن أقوم بتقديم البرامج التليفزيونية وبالفعل قمت بعمل برنامج بعنوان "الغرفة المضيئة" وكان من إعداد الكاتب الصحفي مفيد فوزي وقمت بعمل أكثر من برنامج آخر ثم سافرت إلى أمريكا وقد كانت شركة "رمسيس نجيب " تحتكرني في ذلك الوقت ورفضت ظهوري على شاشة التليفزيون ولكني لم أستطع رفض طلب الرئيس جمال عبد الناصر الذي أحببت الثورة من أجله.

أين كنت يوم 23 يوليو 1952 وكيف استقبلت خبر قيام الثورة ؟

كنت وقتها أدرس في المرحلة الثانوية وكنا في رحلة مدرسية خارج مصر ولم نعلم بما حدث إلا بعد أن نشرت الجرائد التفاصيل ففرحنا جدا وقمنا بعمل احتفال كبير على الباخرة ، ورغم أنني كنت صغيرة وقتها لكن كنت واعية سياسيا، وعندما عدنا إلى مصر تعرفنا على تفاصيل ماحدث ولمسنا الفرحة في قلوب المصريين ، ورغم أن هناك من يقول عنها اليوم انقلاب عسكري لكن نتيجتها كانت ثورة اجتماعية.

من وجهة نظرك ما أهم انجاز حققته ثورة 23 يوليو ؟

أعتقد أن أعظم ماحققته ثورة يوليو فكرة المساواة وتحقيق العدل والحرية بين كل الناس فقد أزالت الفرق الشاسع الذي كان موجودا بين الطبقات الاجتماعية ، وكذلك تأميم قناة السويس واستعادة هيبة مصر في العالم كله وشعرنا كلنا بقيمة مصر في كل دول العالم ، وقد نجح ناصر في جمع الشمل العربي وعمل وحدة مع سوريا ولكن لم تستمر ، وساهم في حرب الجزائر وحرب اليمن فقد كان طموحه تكوين امبراطورية عربية لكن الظروف لم تمكنه من تحقيق ذلك نتيجة لحدوث خلافات داخلية بين من قاموا بالثورة وكذلك الانهاك الشديد الذي أصاب خزانة الدولة بسبب الحروب الكثيرة التي خضناها ، لكن إلى اليوم وفي كل البلاد العربية ستجد صورة جمال عبد الناصر في البيوت والمحال التجارية ، فسيظل رمزا للزعيم العربي القوي الحر ، وكنت دائما أفتخر بأنني ناصرية رغم احترامي الشديد للرئيس الأسبق أنور السادات.

تعرض زوجك للاعتقال فما قصة ذلك ؟

بالفعل كنت في شهر العسل وتم القبض على زوجي د. إسماعيل برادة والتحقيق معه بسبب وشاية كاذبة من شخص لانعرفه روّج لأن زوجي يتحدث بشكل غير لائق عن ناصر والثورة ولم يحدث ذلك بكل تأكيد، وعندما تأكدوا من ذلك أفرجوا عنه في نفس اليوم بعد أن اتصل والدي بأحد القيادات في الجيش، وأعتقد أن جمال عبد الناصر ليس له يد في هذا الأمر وأن من حوله هم المسئولون عن ذلك ، والذي حدث بعدها أن زوجي وقد كان طبيبا وفنانا في نفس الوقت يعزف بيانو ويرسم وله معارض كثيرة وليس له أي اهتمامات سياسية عجل بسفرنا إلى أمريكا بعد هذه الواقعة .

عدد من الفنانين أضيروا من قرارات التأميم مثل محمد فوزي الذي أصابه المرض وتوفي بعد تأميم شركة صوت القاهرة التي كان يمتلكها فماذا تقولين عن ذلك ؟

أعتقد أن "شوطة" التأميم كانت خطئا كبيرا، وجمال عبد الناصر رغم كل تقديري وحبي له لكنه في النهاية بشر وبالتأكيد له أخطاؤه ، ولايوجد أحد يعمل إلا ولابد أن يخطئ ومن لا يعمل هو فقط من لا يخطئ ، وإنجازات عبد الناصر وما حققه تغفر له هذه الأخطاء خاصة أن من حوله كانوا يورطونه أحيانا في أشياء لا يقبلها ويكفي أنه من صنع لنا جمهورية اسمها جمهورية مصر العربية ولم ألمس تضرر الفنانين من قرارات التأميم لأنني كنت قد سافرت إلى أمريكا ثم عدت بعد 30 عاما لكني كنت اسمع وأنا هناك ما يحدث في مصر وعلمت أنه حدث "مطب" كبير للفنانات وسافر عدد منهم إلى لبنان لذلك زاد الإنتاج السينمائي اللبناني في هذا الوقت.

كيف أثرت ثورة يوليو على السينما المصرية ؟

من أجمل مميزات جمال عبد الناصر أنه كان يهتم اهتماماً شديداً بالفن ومؤمناً بدوره المؤثر في المجتمع لذلك كان يهتم بشكل شخصي بعبد الحليم حافظ وأم كلثوم وأعمالهما وهما أيضا كانا يحبانه وعملا أعمالا كثيرة من أجله، وقد كانت السينما مزدهرة جدا في هذه الفترة وأعتقد أنه كان العصر الذهبي للسينما المصرية وقتها وكذلك ازدهرت الإذاعة والتليفزيون ، وكلي أمل أن تهتم الرئاسة والحكومة الحالية بالسينما المصرية وأن ترفعها من البؤر الأسود الذي وقعت فيه .

ما أكثر فيلم قمت ببطولته يعبر عن مبادئ الثورة ؟

أعتقد أنه فيلم "أنا حرة" فقد كان ثورة على الملكية وقدمت من خلاله شخصية الفتاة المتمردة الثائرة على الأوضاع الاجتماعية والسياسية الظالمة وقد شاركت في توزيع المنشورات التي تحث على مقاومة الاستعمار ، وكذلك فيلم "وااسلاماه" الذي نبه من خطر أعداء الإسلام وأتمنى أن تحدث ثورة في الفن وأن يكون هناك من لديهم الضمير ويفكرون في عمل شئ من أجل الوطن ولتصحيح ثورة الإسلام في الخارج لأنهم في أوروبا وأمريكا يعتقدون أننا كلنا إرهابيون ، ولدينا القدرة المادية على إنتاج أعمال فنية جادة تساهم في تصحيح الصورة المشوهة عن طريق عمل إنتاج عالمي يتم الاستعانة فيه بخبرات عالمية ، لذلك يجب أن تتحمل الدولة دورها ولا أعلم ماسر الهبوط الذي حدث في وزارة الثقافة من بعد الوزير فاروق حسني فقد كنا نعتبر أنفسنا جنوداً في خدمة الوطن وقد سافرت لعدد من المهرجانات العالمية لرفع علم مصر عاليا في المحافل الفنية العالمية نتيجة لتشجيع ناصر لذلك كانت مصر أم الدنيا ورقم 1 على كافة المستويات في الوطن العربي وكان الفن المصري رائدا وملهما ، وكانوا ينتظرون الفيلم المصري بفارغ الصبر لذلك كان يمثل المصدر الثاني للدخل القومي بعد القطن المصري طويل التيلة أما اليوم فلم يعد هناك سينما ولا قطن .

أكثر من فنان جسد شخصية جمال عبد الناصر مثل الراحل أحمد زكي وخالد الصاوي وجمال سليمان فمن منهم الأنجح في ذلك ؟

للأسف لم أر أي منهم ولكني أعلم أن أحمد زكي كانت لديه قدرة هائلة على التقليد والتقمص وعموما كاريزما ناصر لا توجد عند أي شخص غيره لذلك أرى أنه من الصعب جدا على أي فنان تجسيد شخصيته فعيونه كانت بها لمعة تدخل القلب مباشرة وكنا لا نستطيع أن نرفض أى طلب له لأنه قائد للثورة وشخصية قوية جدا لن تتكرر.

من وجهة نظرك من هو صوت الثورة من المطربين؟

بالتأكيد عبد الحليم حافظ كان صوت الثورة الذي عبر عنها وكذلك عبد الوهاب كملحن ومطرب وأيضا أم كلثوم.