أصدرت مكتبة الشبكة العربية كتاب "موجبات تجديد أصول الفقه" لشوقي الأزهر.
ويعتبر الكاتب أن المسلمين أخذوا طريقهم إلى التدهور الحضاري منذ أزمان بعيدة حتى انتهى بهم المطاف إلى أن وجدوا أنفسهم أمام فجوة رهيبة بين واقعهم الاجتماعي وإسهامهم الحضاري من جهة، وبين الواقع العالمي الجديد بسائر تجلياته وأنماطه من جهة أخرى.
فقد بزغ الواقع المعاصر ونما في غفلة من المسلمين، حيث لم تكن أنماطه الاجتماعية والحياتية ومنجزاته العلمية والتكنولوجية من إنتاجهم وإسهامهم المباشر، بل لم تتطور معه مناهجهم المعرفية والفكرية.
كما يرى الكتاب، أن الوضع خرج عن السيطرة وأخذ المسلمون يعالجون القضايا معالجة تلفيقية على غير هَدْيٍ من منظومتهم القيمية الكبرى.
وأمام الفارق النوعي بل والأنطولوجي بين مجتمعات الأمس واليوم، لم يَعُد في وسع المناهج الفقهية والفكرية الموروثة أن تحقق أمرًا ذا بال في سد الهوة بين المنظومة القيمية الإسلامية كمثال منشود، والعالم المعاصر كواقع مشهود.
وقد دأبت جهود الإصلاح منذ ما يقارب القرنين من الزمن تعمل على ترقيع وضع الأمة الإسلامية في مختلف الميادين، ومنها ميدان علم أصول الفقه، باعتباره عاملًا مهمًا لتوجيه حركة الاجتهاد نحو صناعة الحلول لمعالجة تحدّيات العصر، والنهوض بالمسلمين من حالة التخلّف والتبعية إلى حالة التعمير والتأثير.
إلا أن ما انتهت إليه هذه الجهود لم يرقَ إلى مستوى ما يطرحه الواقع الحديث من إشكالات وتحديات على الفكر الديني، فَعَلَتْ في العقود الأخيرة أصوات داعية إلى استئناف التجديد الأصولي انطلاقًا من تشخيص دقيق لما يطرحه الواقع الجديد من تحديات على النموذج المنهجي الكلاسيكي والعقل الفقهي التقليدي.
وتقتضي هذه التحديات مراجعة جذرية للمنظومة الأصولية الموروثة، ووفق تشخيصها يفترض أن ينتهي الإصلاح الأصولي المنشود إلى غير ما انتهت إليه المحاولات السابقة من اقتراحات تجديدية محدودة.
وفي هذا النطاق، حاول مؤلف هذا الكتاب أن يحدّد موقع علم أصول الفقه من الإصلاح الإسلامي المعاصر وأهميّته في ترشيده، كما حاول تحديد العوامل التي تستوجب التجديد بعلم أصول الفقه في عصرنا الراهن متّخذًا مشروع الدكتور طارق رمضان في كتابه الإصلاح الجذري نموذجاً لهذا التجديد ومعقّبًا على هذا النموذج بشيء من التقييم والتحرير.