دامت بين الفنانة صباح وزوجها الفنان أنور منسي ساحر الكمان حياة هنيئة وربطتهما مودة شديدة نتج عنها ابنتهما هويدا، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فدبت بينهما الخلافات التي أدت إلى الانفصال، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل طلب منسي حضانة ابنته لتعيش في رعاية أسرته، لكن صباح فازت بحضانة هويدا تطبيقا للقانون، وتدل تلك المواقف على عدم الارتياح بين صباح ومنسي .. حتى جاء اللقاء الأول بينهما بعد طلاقهما .. نروي تفاصيله من خلال عدد الكواكب الصادر في 27 أغسطس 1957.

 

بعدما تشعبت النزاعات بين صباح ومنسي بعد انفصالهما كان من المستحيل أن يلتقيا، لكن مادامت هناك بقايا حب مع الأمل الذي يداعب دائما القلوب، فقد وافق أنور منسي على أن يلتقي بصباح، حتى وإن كان اللقاء صامتا، يختلس فيه كل منهما إلى الآخر بعض النظرات، وحدث ذلك عندما علم أنور منسي بنية صباح في إجراء بروفة على أغنية لها على أنغام الفرقة الماسية، وكان منسي ضمن أفرادها.

 

ففي 22 أغسطس 1957 بدأ الموسيقار محمد عبد الوهاب إجراء بروفات للفنانة صباح، باستوديو الأهرام، وعندما حضرت صباح إلى حديقة إستوديو الأهرام كان شغلها الشاغل هو وجود أنور بين أفراد الماسية، فكانت أول نظرة ألقتها على الصف الأول لعازفي الفرقة، فوجدت أنور منسي بين زميليه محمود القصبجي وأحمد الحفناوي.

 

جلس منسي بقميصه الأسود الأنيق، وبنطلونه الأبيض، ليعزف لزوجته السابقة لأول مرة بعد انفصالهما، ومرت الدقائق الأولى ثقيلة .. حاول منسي أن يتغلب على الموقف بإشعال سيجارة من أخرى .. أما صباح فقد راحت تمر بعينها على الورقة الزرقاء لتقرأ كلمات الأغنية مرة بعد أخرى.

 

ارتدى الموسيقار عبد الوهاب بدلة صيفية خفيفة تناسب الحر، وبدأ يلقي تعليماته للفرقة التي تنصت بإعجاب إلى نغماته التي تعبر عن لحن جديد لصباح .. وبعد قليل أعطى عبد الوهاب للفرقة إشارة بدء التسجيل، فراحت صباح تشدو بصفاء وروعة .. وراح أنور يعزف بإبداع وبراءة .. كان اسم الأغنية "مقدرش أودعك"، ويقول مطلعها: "كانوا ياخدوا نور عيوني .. كانوا جوه النار رموني .. دا والله أهون عليّ من إني أودعك .. وتغيب قدام عنيا ومقدرش أرجعك" .. وبددت الأنغام القلق والتردد ولفت المكان بجو شجي، واستمرت البروفات والتسجيل ثلاث ساعات كاملة.

 

بقي أن نؤكد أن الأغنية كانت ضمن أغاني فيلم "إغراء" الذي أنتجته الشركة المؤلفة من الموسيقار عبد الوهاب والمخرج بركات، وقامت صباح بالبطولة أمام شكري سرحان، وأخرج الفيلم حسن الإمام .. أما عن الإسم الأول للفيلم فكان فجا وتم تغييره .. نرصد الأسرار في مقال لاحق عن اسم الفيلم وكواليسه والوجه الجديد الذي شارك في الفيلم لأول مرة.