الثلاثاء 21 مايو 2024

وزير الأوقاف : من يفهم الإسلام يدرك تغير الفتوى حسب المكان والزمان

جانب من الفاعلية

أخبار28-8-2022 | 16:36

دار الهلال

أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة أن من يفهم الإسلام فهما صحيحًا يدرك أن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان والحال.

جاء ذلك خلال افتتاح وزير الأوقاف ورئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد الخشت دورة اللغة العربية الثانية للأئمة بمركز المؤتمرات بالمدينة الجامعية بجامعة القاهرة، اليوم، بمشاركة 50 إماما.

ويأتي انعقاد الدورة في إطار اهتمام وزارة الأوقاف برفع كفاءة جميع العاملين بها في مختلف المجالات، والتوسع في برامج التدريب النوعي التراكمي المستمر، وفي ضوء اهتمامها باللغة العربية وأهميتها في صقل لغة الأئمة والخطباء، وفي إطار التعاون المشترك بين وزارة الأوقاف وجامعة القاهرة من خلال تنفيذ بروتوكول التعاون الذي تم توقيعه بين الجانبين للإعداد الجيد والتدريب المستمر.

وعقدت الدورة التي تستمر حتى الخميس المقبل، بحضور الدكتور عبد الله التطاوي المستشار الثقافي لرئيس الجامعة، والدكتور جمال الشاذلي نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والدكتور أحمد درويش عضو مفوضية اللغة العربية بجامعة القاهرة، والدكتور معتز سيد عبد الله مساعد رئيس الجامعة لشئون أعضاء هيئة التدريس والعاملين، والمهندس أحمد تركي أمين عام الجامعة، والدكتور عبد الله حسن مساعد الوزير لشئون المتابعة، والدكتور السيد مسعد وكيل وزارة الأوقاف بمديرية أوقاف الجيزة، وعدد من السادة أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة وقيادات وزارة الأوقاف.

وفي كلمته، هنأ وزير الأوقاف رئيس جامعة القاهرة بالتقدم الملحوظ الذي شهدته جامعة القاهرة في الآونة الأخيرة، مقدمًا خالص الشكر والتقدير على حفاوة الاستقبال وإقامة هذه الدورة بجامعة القاهرة، مشيدًا بالنخبة من علماء جامعة القاهرة الذين تم اختيارهم ليحاضروا في هذه الدورة، مؤكدًا أن مصر الآن في أزهى عصور احتضان الفكر الديني الوسطي المستنير، وتحمل لواء التجديد في العالم كله.

وبين وزير الأوقاف - في محاضرته - أن الحكيم من يأخذ الناس بالأيسر ويأخذ نفسه بالأحوط، كما أكد أن أخطر أنواع الاستعلاء، الاستعلاء بالدين أو بالعلم أو بالعبادة، وتحدث وزير الأوقاف عن اللغة والهوية، وأهمية اللغة العربية في فهم النص.

وأوضح وزير الأوقاف أن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف، فنزل مراعيًا بعض لهجات القبائل، ولهذا نظائر منها: قوله تعالى: "سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ" بدون واو في الموضعين: "وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ"، فجاءت الواو مع العدد الثامن على لهجة من يأتي بالواو مع العدد الثامن، ومنها قوله تعالى في سورة التوبة: "التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ"، فجاءت الواو مع العدد الثامن، ومنها قوله تعالى في سورة التحريم: "عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا"، فذكرت الواو أيضًا مع العدد الثامن، وهي مع هذا تفيد التنويع؛ لأن النساء إما ثيباتٍ وإما أبكارًا، ولا مانع أن تفيد التنويع مع واو الثمانية أيضًا.

وأشار إلى أن كون أبواب الجنة ثمانية وأبواب جهنم سبعة يدل على أن رحمة الله (عز وجل) أوسع من غضبه، يقول الحق سبحانه وتعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"، فإذا كان هذا خطاب الله تعالى لعباده المسرفين فما بالنا بخطابه لعباده المؤمنين.

وأوضح أن ما كان راجحًا في عصر قد يكون مرجوحًا في عصر آخر أو حالة أخرى، وأن تنظيم شؤون حياة الناس في أكثر جوانبها فيه متسع كبير لمراعاة طبيعة الزمان والمكان، وأن الشرائع قد راعت تحقيق مصالح البلاد والعباد، فحيث تكون المصلحة المعتبرة فثمة شرع الله، وأهل العلم والفقه على أن باب الاجتهاد لم ولن يغلق، إذ لم يخص الله بالفكر والاجتهاد قوما دون قوم أو زمان دون زمان، ولا بد من مراعاة واقع الناس، يقول ابن القيم (رحمه الله): "ومن أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف أعرافهم، وعاداتهم، وأزمنتهم، وأمكنتهم، وأحوالهم،

وقرائن أحوالهم، فقد ضل وأضل"، ويقول ابن عابدين (رحمه الله): "إن المسائل الفقهية إما أن تكون ثابتة بصريح النص، وإما أن تكون ثابتة بضرب من الاجتهاد والرأي، هناك ثوابت وهناك متغيرات، وكثير من هذه المتغيرات يبنيه المجتهد على ما كان في عرف زمانه، بحيث لو كان في زمان العرف الحادث، أي في زماننا لقال بخلاف ما قاله أولًا"، ولهذا قالوا في شروط الاجتهاد: إنه لا بد من معرفة عادات الناس، فكثير من الأحكام تختلف باختلاف الزمان والمكان.

من جانبه، أكد الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة أن التطوير للخطاب الديني وليس للدين نفسه، فنحن لا نقترب من الثوابت، وإنما حديثنا في المتغيرات وفهمنا للنصوص.

وخلال افتتاح دورة اللغة العربية الثانية للأئمة بمركز المؤتمرات بالمدينة الجامعية بجامعة القاهرة، اليوم، أهدى الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة درع الجامعة إلى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وذلك تقديرًا لجهوده في مجال الدعوة وتجديد الخطاب الديني ونشر الفكر الوسطي، كما أشاد رئيس جامعة القاهرة بأداء الأئمة والواعظات في المساجد مؤكدًا أنه قد شهد تطورًا كبيرًا.

ووجه وزير الأوقاف الشكر لرئيس جامعة القاهرة على هذه الدورات المتميزة سواء في مجال اللغة العربية أو في مجال الإعلام أو في مجال علم النفس وعلم الاجتماع، في إطار التعاون المتميز بين وزارة الأوقاف وجامعة القاهرة.

وقد عُقدت المحاضرة الأولى لدورة اللغة العربية للأئمة بجامعة القاهرة، بعنوان "درء الأخطاء المحيطة باللغة العربية" وحاضر فيها الدكتور أحمد درويش عضو مفوضية اللغة العربية بجامعة القاهرة، بحضور الدكتور جمال الشاذلي نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والدكتور عبد الله التطاوي المستشار الثقافي لرئيس الجامعة، والدكتور السيد مسعد وكيل وزارة الأوقاف بمديرية أوقاف الجيزة، وعدد من قيادات وزارة الأوقاف وأعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة.

وفي محاضرته، أكد الأستاذ الدكتور أحمد درويش، أن اللغة العربية كنز يجب المحافظة عليه، وأنها اكتسبت فخرها وسلكت طريقها للخلود بأن اختارها الله لتكون لغة القرآن، فهي لغة عريقة وهي لغة ننتمي إليها ونعيشها، وتعد واحدة من اللغات الكبيرة على المستوى الجغرافي والتاريخي، والتي تتربع بين أقدم اللغات المعروفة حتى الآن، وهي لغة لم تعرف الموت في وقت من الأوقات كما حدث مع غيرها.

وأشار إلى أن اللغات تشبه الكائنات الحية، في مسيرتها وفي عمرها صحة ومرضًا، لافتًا إلى أن بعض اللغات قد تنتهي وتموت، وبعض اللغات قد تتجدد وتعيش، مؤكدًا أن اللغة العربية هي إحدى اللغات الأكثر انتشارًا، واستخدامًا في العالم، إذ يتكلم بها ما يزيد على 400 مليون نسمة، ويتوزع متحدثو العربية بين المنطقة العربية وعديد من المناطق الأخرى المجاورة، وهي إحدى اللغات الرسمية الست في منظمة الأمم المتحدة.

ووجه النصح إلى الأئمة بأن يحافظوا على لغتهم وأن يجتهدوا في البراعة فيها، مؤكدًا أن فهم القرآن الكريم والنصوص الشرعية فهمًا صحيحًا يتوقف على إتقان اللغة العربية.