الإثنين 13 مايو 2024

في ذكرى رحيله الـ16..نجيب محفوظ يكشف أسرار «شلة الحرافيش المثقفين»

نجيب محفوظ

ثقافة30-8-2022 | 16:12

عبدالله مسعد

تحل اليوم الذكرى السادسة عشر لرحيل الأديب العالمي نجيب محفوظ، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 2006، ولد نجيب محفوظ في حي الجمالية بمحافظة القاهرة، في الحادي عشر من شهر ديسمبر لعام 1911.

ويعد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا، أحد أشهر الروائيين والكتاب المصريين، وهو العربي الوحيد الحائز على جائزة نوبل في الأدب، بدأ حياته الدراسية بدخوله الكُتاب ثم أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي، وبدأ شغفه واهتمامه يزيد بالأدب العربي، والتحق بجامعة فؤاد الأول "القاهرة" سنة 1930م، وحصل على ليسانس الفلسفة، وبدأ بعدها في إعداد رسالة الماجستير.

كتب نجيب محفوظ خلال مسيرته أكثر من 50 رواية ومجموعة قصصية، من أشهرها: الثلاثية "بين القصرين- قصر الشوق- السكرية"، حديث الصباح والمساء، خان الخليلي، الحرافيش، بداية ونهاية، الكرنك، اللص والكلاب، زقاق المدق، ثرثرة فوق النيل، ميرامار، الشحاذ، أفراح القبة، رادوبيس، العائش في الحقيقة وغيرها الكثير.

حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل في الأدب عام 1988 وكانت الجائزة سببا في انتشار وترجمة أدبه عالميا، كما حصل على قلادة النيل العظمى في العام نفسه، إضافة إلى العديد من الجوائز مثل جائزة كفافيس 2004، وسام الجمهورية في عام 1972، جائزة الدولة التقديرية في الآداب 1968، وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1962، أيضا جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 1957، وفي عام 1946 حصل محفوظ على جائزة مجمع اللغة العربية عن رواية "خان الخليلي"، جائزة وزارة المعارف عن "كفاح طيبة" عام 1944، جائزة قوت القلوب الدمرداشية عن رواية "رادوبيس"في عام 1943، بالإضافة إلى ذلك حصد دروع التكريم وشهادات التقدير والمداليات والدكتوراة الفخرية من مختلف الهيئات والمؤسسات والجامعات.

وكان لنجيب علاقات بالوسط الثقافي ومن فيه ومن بين هذه الصداقات، علاقته بالفنان صلاح جاهين والذي تعرف عليه بعد تكوين شلة الحرافيش بوقت طويل، ولكنه ما إن انضم إليها حتى واظب على حضور جلساتها إلى أن اقترن بزوجته الثانية، وذلك حسب ما ذكره رجاء النقاش في كتابه  صفحات من مذكرات نجيب محفوظ، ولفت أديب نوبل، إلى أن شلة "الحرافيش" اعتادت على ما أسماه بظاهرة "الأعضاء غير الدائمين" الذين يواظبون لفترة من الزمن ثم ينقطعون أو الذين ينضموا في مواسم معينة ثم يختفون بقية السنة مثل الدكتور لويس عوض وأحمد بهاء الدين، وأضاف: "وعندما مات صلاح جاهين بالطريقة المأساوية التي نعرفها حيث يقال أنه ابتلع كمية كبيرة من الحبوب المهدئة قضت عليه، حزنت وتأثرت لوفاته". 

وعن علاقته بتوفيق الحكيم يحكي محفوظ قائلا: ارتبطت بتوفيق الحكيم وجدانيا وروحيا، اكتشفت مقهى بترو بالإسكندرية وأسست فيه ركن الحكيم، وقد بدأت هذه العلاقة في العام الذي صدرت فيه رواية "زقاق المدق" أي عام 1947، وكان توفيق الحكيم أبرز نجوم الأدب وقتها، وذهب نجيب محفوظ إلى توفيق الحكيم في مقهى "اللواء" والتي كان مقرها في مواجهة البنك الأهلي المصري وجلس معه في حضور المترجم محمود إبراهيم دسوقي.

ويقول محفوظ عن تلك المقابلة: " ولما كان لقاؤنا الأول في القاهرة في نهاية صيف 1974، فلم يكن هناك بد من مرور عام كامل قبل أن التقي بالحكيم في الإسكندرية في شهر سبتمبر 1948، في الطريق إلى المقهى الذي يجلس عليه الحكيم في سيدي بشر اكتشفت مقهى أجمل وأنسب اسمه بترو، كما أنه كان أقرب إلى البيت الذي يسكن فيه الحكيم، وعرضت عليه أن ننتقل إلى هذا المقهى وننشئ ركنا نسمية ركن الحكيم ووافق".

لم تنقطع علاقة نجيب محفوظ بتوفيق الحكيم حتى آخر مرة زاره في المستشفى عام 1987، قبل وفاته بأيام، وكانت حالة "الحكيم" متدهورة جدا، حتى أنه كاد لا يتعرف على زواره، يضيف "محفوظ": "ويبدو أنه أصيب بضمور في عروق رأسه أثرت على ذاكرته، وهي شبيهة بالحالة التي أصابت الأستاذ أحمد بهاء الدين وعندما خرجت من حجرة توفيق الحكيم بالمستشفى قلت لمرافقي خلال الزيارة، الدكتور محمد حسن عبد الله، إنني لم يحدث أن تمنيت الموت لأحد من قبل، ولكن حالة الحكيم جعلتني لا أتمنى له الحياة بهذا الشكل". 

وأكد "محفوظ" أن علاقته بتوفيق الحكيم كانت حميمية للغاية، وكان يأتمنه على أسراره الشخصية والعائلية، حيث حكى له قصة فشل ابنته "زينب" في زواجها الأول، واعترف له بأنه – أي محفوظ-  السبب في اكتشاف الأسباب الحقيقية لفشل زواجها، حيث ذهبت "زينب" مع اختيها من أمها لمشاهدة فيلم "السراب" المأخوذ عن رواية "محفوظ" وفوجئن بأن "زينب" تبكي أثناء عرض الفيلم، وضغطن عليها لمعرفة أسباب البكاء، وعلمن بمشاكلها مع زوجها، فعلم "الحكيم"بالأمر، وأحضر زوجها وأقنعه بالانفصال.

وعن شلة الحرافيش وسبب التسمية يقول محفوظ: إن الأدب هو السبب الأساسي للنشأة، فمن خلال مجموعة من الشبان فازوا بجائزة وزارة المعارف في مطلع حياتهم الأدبية تكونت الحرافيش، وضمت؛ عادل كامل وأحمد باكثير ويوسف جوهر ومحمد عفيفي وتوطدت صداقتهم بعد أن أنشأ عبدالحميد جودة السحار "لجنة النشر الجامعين" وطلب من نجيب محفوظ الاتصال بهذه المجموعة لينشروا أعمالهم من خلال هذه اللجنة، ووافقوا جميعًا على العرض باستثناء محمد عفيفي الذي قرر طبع مؤلفاته على نفقته الشخصية، كما رفض يوسف جوهر لأنه وجد عملية النشر عن السحار غير مجزية من الناحية المادية.


وأوضح نجيب محفوظ أن الأدب كان السبب الرئيسي لنشأة الحرافيش، فمن خلال مجموعة من الشبان فازوا بجائزة وزارة المعارف في مطلع حياتهم الأدبية تكونت الحرافيش، وضمت؛ عادل كامل وأحمد باكثير ويوسف جوهر ومحمد عفيفي وتوطدت صداقتهم بعد أن أنشأ عبدالحميد جودة السحار "لجنة النشر الجامعيين" وطلب من نجيب محفوظ الاتصال بهذه المجموعة لينشروا أعمالهم من خلال هذه اللجنة، ووافقوا جميعًا على العرض باستثناء محمد عفيفي الذي قرر طبع مؤلفاته على نفقته الشخصية، كما رفض يوسف جوهر لأنه وجد عملية النشر عن السحار غير مجزية من الناحية المادية.

وأكد نجيب محفوظ أن الفنان أحمد مظهر هو أحد مؤسسي "شلة الحرافيش"، بل إنه صاحب هذه التسمية، مضيفًا: "فكما قال لي إنه قرأ هذا اللفظ الحرافيش في كتاب تاريخ قديم، وأعجبه اللفظ فأطلقه على شلتنا لأنه معبر عنها، فالحرافيش تعني الصعاليك، وكنا نحن أقرب إلى هذا المعنى بالفعل، ومظهر بالإضافة إلى ذلك هو من أكثر الفنانين الذين التقيت بهم ثقافة واحترامًا وحبًا للحياة وللوطن".

وعن الخلافات التي حدثت بين أديب نوبل ويوسف إدريس قال محفوظ وفي حوار فريد من نوعه، أجرته مجلة "المصور" بعد يوم واحد من تشييع جنازة يوسف إدريس نُشر في 9 أغسطس 1991، "في القصة القصيرة أعتبر يوسف إدريس ندًّا لي، وفي أحيان كثيرة يتفوق". أما عندما سأل الكاتب الصحفي محمد الشاذلي، نجيب محفوظ عن اللغط الذي ثار عقب الجائزة وعن حقيقة احتجاج وغضب يوسف إدريس، أجاب محفوظ بثلاث حقائق جاءت على النحو التالي:

أولًا: رغم كل ما أثير فلم يكن يمر أسبوع إلا ونتبادل حديثًا في التليفون، يشرح لي أقواله، ويصفّي كل ما يكون قد وصل لي وعلق في نفسي أو أسأتُ فهمه، دائمًا كنّا على صلة تليفونية متصلة.

ثانيًا: ليس عندي استعداد للغضب من يوسف إدريس بصراحة، لماذا؟ لأن يوسف إدريس عصبي، والعصبي يجب عليك أن تعامله في هذا النطاق، خصوصًا أنه يندفع جدًّا ثم يروق، ولا يثبت على حالته العصبية، ويندر أن ترصد في قلبه حقدًا أسود، فقد أتسامح مع يوسف إدريس في خطبة طويلة، على حين لا أتسامح مع غيره في جملة واحدة.

ثالثًا: حملة يوسف إدريس الأساسية كانت ضد لجنة جائزة نوبل وليست ضدي، وكما بلغني فإن البعض خدعه، ولم يصوِّر له الأمور على حقيقتها، أبلغوه أخبارًا خاطئة على مدى سنوات عن احتمالات فوزه، وأصبح كل عام ينتظرها، وهكذا كان يوسف إدريس يفكر في جائزة نوبل أكثر من اللازم، وكان يسافر من أجلها، ويُجري اتصالات، ولذلك صُدم من اللجنة وليس منّي، ولذلك عندما صفّيت المسألة بعد الدردشة وأحيانًا كلمات خاطفة، في النهاية لم يبقَ شيء يُغضبني حقيقةً.

Dr.Radwa
Egypt Air