حذر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، من عودة المقاتلين الأجانب من سوريا والعراق، ومن العمليات الإرهابية التي ينفذونها في دول المنشأ العائدين إليها، وذلك عقب الرسالة التي وجهها "الفرنسي الأسود"، أحد أبرز القياديين الأجانب في التنظيم الإرهابي بتلعفر، الذي يعتبر الآن الآمر الناهي في صفوف المسلحين لأوروبا، متوعدًا إياها بشن "حرب قادمة" عليها.
وتابع المرصد أن حادثة هجوم شخص بسكين على زبائن في "سوبر ماركت" بمدينة هامبورج، شماليَّ ألمانيا؛ ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين قبل اعتقاله، ربما تأتي في هذا الإطار، خاصة في ظل التقارير التي تشير إلى وصول عدد المقاتلين الأجانب الذين غادروا ألمانيا للقتال في سوريا والعراق إلى أكثر من 900 شخص.
وأضاف مرصد الإفتاء إلى أن خطورة "الذئاب المنفردة" تكمن في كونهم غالبًا من الأشخاص العاديين ممن لا يثيرون الشكوك في سلوكهم وحركتهم اليومية، لتنتقل العمليات الإرهابية من العمليات الواسعة للتنظيم إلى الأفراد، فيما يمكن اعتباره محاولة من التنظيم لمواجهة مشكلة التمويل وعدد المقاتلين، إضافةً إلى التراجع الشديد في عدد القيادات الميدانية من الجيل الأول للتنظيم، الذين قتلوا في المعارك أو تمَّت تصفيتهم.
وأوضح مرصد الإفتاء أن تنظيم داعش الإرهابي في ظل الهزائم المتكررة والخسائر الهائلة التي تكبدها في العدة والعتاد يلجأ إلى وسائل بديلة لإظهار قوته وتأثيره، وذلك من خلال مخاطبة الشباب من أصول عربية إسلامية ممن يعيشون في الغرب خاصة من الجيل الثالث، وكذلك من الشباب الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا، ليكونوا ذئابًا منفردة في مجتمعاتهم؛ مما يمثل صعوبةً في متابعتها رغم إجراءات المراقبة البشرية والتقنية.
ولفت المرصد إلى أن واقع الخطر الذي تفرضه الذئاب المنفردة، يؤكد حاجة دول العالم أجمع إلى مشروع متكامل لمواجهة ظواهر التطرف التي باتت أكثر تطورًا من آليات متابعتها وملاحقتها، مشددًا على ضرورة متابعة جميع التنظيمات المتطرفة وليس التركيز على تنظيم إرهابي دون آخر؛ بما يجعل هذه المواجهات والاستراتيجيات التي تتخذها دول العالم غير ذات جدوى.
ودعا المرصد جميع دول العالم إلى مراجعة السياسات الأمنية والدفاعية وتشديد الإجراءات على حدودها البرية والبحرية وفي موانيها الجوية أيضًا بما لا يدع مجالًا لتسلل مقاتلي داعش أو غيره من التنظيمات المتطرفة، خاصة أن هؤلاء المقاتلين أصبحوا على دراية بسلوك طرق ملتوية واستخدام وثائق سفر مزورة للعودة إلى أوطانهم، فضلًا عما يحملونه من أفكار متطرفة وأساليب مخادعة يمكنهم بها جذب المزيد من العناصر لتشكيل خلايا صغيرة تعمل على تنفيذ عمليات انتحارية وإثارة القلاقل في تلك الدول.
كما دعا مرصد الإفتاء دول العالم إلى تطوير المزيد من استراتيجيات تعطيل التطرف العنيف، وأن تعمل على احتواء العناصر المتطرفة العائدة من مناطق الصراع بدلًا من إلقاء القبض عليهم أو محاكمتهم، حيث ينبغي توجيههم إلى الرعاية النفسية والتأهيل المجتمعي، مؤكدًا أن دول العالم بحاجة إلى توسيع أدوات التعامل مع المقاتلين العائدين إلى بلدانهم.