قال فضيلة الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إنه لا يخفى على أحد أنَّ الشريعة الإسلامية قد سبَقت كافَّة الشرائع في اهتمامها بالأسرة اهتمامًا عظيمًا، فهي الركن الأساسي في تكوين المجتمع، وعماد بقاء الأمة، ولم يقتصر هذا الاهتمام بها بعد نشوئها وإنما قبل ذلك، فشجع الشباب من الجنسين على الزواج ووضع أسسا لاختيار الزوج والزوجة، وشجع على تسهيل أمور الزواج، والتلطف في المهر لمساعدة الذكور على الزواج، كما وضع القواعد الأساسية للمحافظة على كيان الأسرة، وحمايتها من التفكك والانهيار، وتحقيق السعادة والمودة السكينة المنشودة من الزواج.
وأضاف وكيل الأزهر في كلمته التي ألقاها نيابةً عن فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في احتفال وزارة الصحة باليوم القومي للسكان، أن "الرسول عليه الصلاة والسلام تحدث عن القضية السكانية في وقت لم تكن فيه زيادة سكانية، حيث أجاز العزل بين الزوجين بالاتفاق فيما بينهما، وأن تنظيم الأسرة جائز شريطة الاتفاق بين الرجل والمرأة"، منوهًا إلى وجود دراسات بجامعة الأزهر حول تلك المسألة لمن يريد التأكد منها ، مستدلا بما ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يعزلون عن نسائهم وجواريهم في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ذلك بلغه ولم ينهَ عنه، فقد أخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَنْهَنَا». فكأنه يقول: فعلنا العزل في زمن التشريع، ولو كان حرامًا لم نقرَّ عليه.
وحدد وكيل الأزهر نقاطا جوهرية تعوق عملية تنظيم الأسرة ومنها رفض بعض المتشددين لشرعية تنظيم الأسرة من خلال تمسكهم بظاهر بعض النصوص الشرعية دون فهم لها أو استنباط لأحكامها مع وضوحها وضوح دلالتها ، وقد رد عليهم فضيلة الإمام الأكبر حين سأله السيد الرئيس في أحد اللقاءات هل تنظيم الأسرة حرام أم حلال ؟ فأجاب شيخ الأزهر، أن تنظيم الأسرة حلال، مؤكدا أن شيخ الأزهر قالها ثلاثا للتأكيد، وأراد أن يقطع النزاع ليزيل الخلاف، وليساعد الجهات المعينة التي تعمل علي تنظيم الأسرة. منوهًا إلى أن شيخ الأزهر تعرض لنقد من المتشددين الذي يعارضون تنظيم الأسرة اعتمادا على فهم خاطئ لنصوص شرعية .
وأشار وكيل الأزهر إلى أن ثقافة تنظيم الأسرة والسكان في مصر تحتاج إلى تغيير فهي ليست ثقافة مرتبطة بوقت محدد غير مستمر تظهر أحيان وتختفي أحيانا أخرى، مطالبا بضرورة أن تكون ثقافة تنظيم الأسرة مستمرة وغير مرتبطة بالوقت، وذلك من أجل السيطرة علي الزيادة السكانية التي تمثل عبئا على الدولة، موضحا أن مسئولية مواجهة الزيادة السكانية لا تقع على وزارة الصحة وحدها وانما مسؤولية عامة تقع على جميع المؤسسات التي يمكن أن تسهم في التعريف بمخاطر تلك المشكلة وتحد منها فكريا وثقافيا، مؤكدا استعداد الأزهر الشريف، للتعاون مع كافة الجهات والوزارات المعنية في هذه المسالة.
وأوضح وكيل الأزهر أن الشريعة الإسلامية نظمت الأسرة بطريقة علمية وجعلت الوقت بين عملية الإنجاب والأخرى يسهم في الحد من هذه الظاهرة ، فمرحلة الحمل تسعة أشهر و مرحلة الرضاعة التامة عامين كاملين قال تعالي ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) وقال (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا) أي ما يقرب من ثلاث سنوات بين كل طفل ، فثقافة تنظيم الأسرة في حد ذاتها هي ثقافة وقتية كما حددتها الشريعة التي جعلت بين الطفل والأخر ثلاث سنوات أو يزيد حسب ظروف ومتطلبات الأسرة. قائلا إننا بحاجة إلي تضافر الجهود من أجل، من العمل علي تنظيم الأسرة، والتصدي للثقافة الخاطئة التي يحاول البعض ترويجها والتي تقول إن التنظيم يكون على الفقراء فقط وهذا خطأ كبير فالتنظيم عام للجميع للغني والفقير على السواء.