كتبت : أمانى ربيع
يبدأ الحب مثل نسمة رقيقة، ويكبر كعاصفة قوية.. يتكرر ذلك المشهد منذ القدم فالذى يراقب قصص الحب وهى تولد، ويتابع تطورها من برعم صغير إلى وردة متفتحة قد تفاجئه النتائج. وما يخيف فى قصص الحب أن مشاعر الرجل تتبدل كل عشر سنوات، كما تقول الدراسات العلمية، وربما وقع الرجل فى فخ «المراهقة المتأخرة »! المهم أنه حين تبدأ معارك الزمن والحب الأبدية، يحاول كل منهما الفوز وترويض الآخر لصالحه، فهل يستطيع الزمن تغيير الحب؟ أم يكون الحب قادرا على الحياة الناعمة والخالدة؟ إنها ثنائية الزمن والحب.. والبقاء للأقوى!
البداية من الدراسة التى أجراها د. إيريك إريكسون بجامعة ميتشجان على أكثر من خمسة آلاف ثنائي متزوج لفترات متفاوتة الطول، بهدف معرفة كيف تتطور نظرتهما مع مرور الوقت، فكانت النتيجة أن نظرة الرجال تتغير بشكل أسرع، بينما تتجه المرأة إلى الثبات في معظم الوقت، ولاحظ د. أريكسون كذلك أن نظرة الرجل ليست الوحيدة التي تتغير، بل إن مواصفات المرأة التي يريدها تختلف حسب مراحل عمره من العشرينات إلى الستينات، فما يفضله الرجل في امرأة وهو في عمر الثلاثين يختلف عما يريده منها عندما يصل إلى عمر الخمسين.
ففي سن الشباب، ومع بداية العشرينات لا يكون النضج النفسي قد اكتمل، ويكون إدراك معنى الحب غير مكتمل، لذا يركز الرجال في هذا السن على جمال الشكل والقوام، ويأتي العقل والأخلاق في المرتبة الثانية وربما لا يأتي على الإطلاق، لأن الاندفاع الجنسي في تلك المرحلة يكون أكبر، ويطغى على ما سواه.
أما في سن الثلاثين فيزداد النضج، ويصبح الرجل أكثر واقعية، وفي تلك المرحلة سيبحث عن امرأة تتمتع بالنضج العقلى، لذا يختار من لها اهتمامات خارجية بعيدة عنه، وهذا لا يلغي عنصر الجمال في قائمة تفضيلاته واختياراته، ولكنه لا يأتي في المرتبة الأولى، وفي هذا السن يميل الرجل أكثر للمرأة المرحة الذكية التي تتحدث معه، وتناقشه، وتتعامل معه كصديق، ويفضلها امرأة عاملة.
مراهقة متأخرة
وعندما يصل الرجل إلى سن الأربعين ينزع عنه كل المخاوف السابقة، ويحاول تعويض ما فاته في شبابه، وهي المرحلة التي نسميها «المراهقة المتأخرة »، فالرجل يحب الانطلاق بعيدا عن المخاوف المادية والاجتماعية، وتكثر في تلك المرحلة حالات الطلاق أو الخيانة، وقد نجد الرجل يبتعد عن زوجته طمعا في امرأة ليست جميلة ولكنها ذات جاذبية حسية، تشعل شغف المغامرة داخله، وتشعره بالحماس، وتنشر في حياته الطاقة الإيجابية، لأنه في تلك المرحلة يكره الروتين الذي يتمثل في تكرار احتياجات ومطالب أسرته.. إنها مرحلة البحث عن التغيير. وحين يصل إلى سن الخمسين يصبح الرجل أكثر هدوءا.. يكره
الشجار، ويبحث عن المتعة مع رفيقة تعتني به، ويحب الاختلاط بالناس، فيفضل زوجة اجتماعية رصينة تشعره بالدفء، ويصبح الجمال أو الجاذبية الحسية أمرين لا أهمية لهما.
ويفضل الرجل في الستين أن يرى زوجته امرأة موفورة الصحة مما يعطيه الإحساس بالشباب، كما يميل إلى الكلام معها، وأن تكون صديقة له ولا تهتم إلا به، حينها يكون أشبه بالطفل.
العشرة الطيبة
ويعلق د. محمود أبو العزايم استشاري الطب النفسي علي الدراسة قائلا: التغيير سنة الكون وأمر طبيعي حتى في الزواج، وإذا كانت العلاقة بين الزوجين منذ البداية مبنية على أساس المودة والرحمة فلن يؤثر ذلك التغيير كثيرا، ومن الطبيعي أن يمر الزواج بمراحل مختلفة مع الوقت، ومن يتغير مع زوجته لتقدمها فى السن أو من تشكو من زوجها لأنه لا يرضيها ماديا فهما يعانيان من النقص، لأن العشرة الطيبة تجعل المرء يتقبل شريكه كيفما كان، والأهم العلاقة الطيبة، لأنه أحيانا قد تتغير معاملة الزوج لزوجته ربما لينبهها لإهمالها إياه، وإذا أصبحت الزوجة مادية فهي تبحث عن اهتمامه.
وداعا للخجل!
وترى د. سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن بعض الرجال يتسمون بالأنانية ولا يبحثون في المرأة عن الحب بقدر اهتماهم باحتياجاتهم التي تتغير مع الوقت تبعا لتغير احتياجاتهم، ففي عمر الشباب يشعر الرجل بقوته وعنفوانه ويبحث عن الجميلة، وفي الثلاثين ومع أعباء الحياة يريد من تشاركه المسئولية وتسانده، وفي الأربعين يعوض ما فاته مع امرأة جذابة.. وهكذا، لذا يجب على الرجل والمرأة أن لا يدعا احتياجاتهما محركا لعواطفهما، لأن الحب الحقيقي بمرور الوقت يتحول إلى صداقة وعِشرة، ويجب على الزوجين أن يتصارحا بتطلعاتهما وألا يخجلا من التحدث في أي شيء من أجل علاقة صحية وحب لا يتغير بمرور الوقت.