كتب : محمد الشريف
رغم أن الشريعة الإسلامية تبيح للمرأة أن تُضمِّن عقد الزواج ما بدا لها من شروطٍ على أن يتم الاتفاق عليها مع زوجها، وألّا تحل حراما أو تحرّم حلالا، ورغم أن لائحة المأذونين وعقود الزواج الحالية تعطيها ذلك الحق، إلا أنه لا تزال العديد من الفتيات المقبلات على الزواج لا يعرفن الحقوق التى كفلتْها لهن عقودُ الزواج الحالية.. وفى ظل تكتم المأذونين على تلك الشروط التى يمكن أن يتضمنها العقد، وعدم تعريف الزوجين عليها قبل عقد القران، باتت هذه الشروط فى طى النسيان ولا تستخدمها إلا القليلات من المقبلات على الزواج.
في السطور التالية نستعرض الشروط التى يمكن أن يتضمنها عقد الزواج، ونحاور عددا من المأذونين حول أسباب عدم تعريف المقبلين على الزواج بتلك الشروط.
يهدف تضمين عقود الزواج الحالية خانة لإضافة أى شروط يتفق عليها الزوجان لحفظ حقوق المرأة فى التعليم والعمل، وتمكينها من فهم أفضل لحقوقها وواجباتها القانونية، كما جاءت التعديلات الحالية استجابة لدعوات المنظمات النسوية بضرورة أن تتساوى حقوق المرأة في قانون الأحوال الشخصية مع ما كفله لها الإسلام من حقوق، خاصة وأن الأول لم يعترف قبل إصدار القانون الجديد ببعض الحقوق التى تضمنتها الشريعة الإسلامية.
وفى عام ٢٠٠٠ صدر قرار وزير العدل ١٧٢٧ بتعديل لائحة المأذونين ووثيقة الزواج الجديدة فى محاولة لإصلاح المشكلات الأسرية، بالإضافة إلى تعديل المادة رقم ٣٣ التى نصت على أنه من اختصاصات المأذون أو الموثّق لعقد الزواج أن يوقع أو يبصّم الطرفين، أو من ينوب عنهما بما يجوز لهما الاتفاق عليه فى العقد من شروط.
كما اشترطت هذه العقود أن يقدم الزوج إقرارا بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجا عليه أن يبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل، وقد نص القانون المنظم على أنه يعاقب الزوج الذي يدلى ببيانات غير صحيحة عن حالته الاجتماعية أو محال إقامة زوجته أو زوجاته بالحبس مدة لا تتجاوز 6 أشهر وغرامة لا تتجاوز 200 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما يعاقب الموثق الذي يمتنع عن الإخطار بالحبس مدة لا تزيد عن شهر وبغرامة لا تزيد عن50 جنيها، ويجوز الحكم بعزله من وظيفته أو وقفه عن عمله لمدة لا تتجاوز العام.
وأشار المشرع إلى أن الغرض من هذا الإقرار تمكين الزوجة الأولى من طلب الطلاق بسبب زواج زوجها بأخرى دون موافقتها بعد إثبات الضرر المادى أو المعنوى الذى لحق بها جراء الزواج الجديد، ولو لم تكن قد اشترطت عليه فى عقد زواجها منه ألا يتزوج عليها دون علمها، ويكون للزوجة الجديدة التى لم تعلم أن زوجها متزوج بسواها أن تطلب الطلاق بعد علمها بذلك.
الشروط الجديدة
وتتيح وثيقة الزواج الحالية إمكانية إضافة خمسة شروط على القديمة يخير الزوجان فى إدراجها، أولها: الاتفاق على من يكون له ملكية منقولات منزل الزوجية، والثانى: الاتفاق على من يكون له حق الانتفاع وحده بمسكن الزوجية فى حالتى الطلاق والوفاة، أما الشرط الثالث فهو عدم الموافقة على اقتران الزوج بإخطار الزوجة الأولى كتابيا، بينما تضمن الشرط الرابع الاتفاق على رصد مبلغ مقطوع أو راتب دورى يدفعه الزوج لزوجته إذا طلقها بغير رضاها، وجاء الشرط الخامس بالموافقة على تفويض الزوجة على حقها فى تسريح نفسها، وعليه يكون للمرأة الحق فى تطليق نفسها "حق العصمة"، بالإضافة إلى شروط أخرى كحقها فى التعليم والعمل.
رسوم مالية
أوضح محمد أمين البنجى، المأذون الشرعى بمنطقة عين شمس، أنه إذا رغبت الزوجة الاشتراط على الزوج فإنه يتم تضمين وثيقة عقد القران ذلك الشرط لأنها تحتوى على خانة لإضافة الشروط مكتوب فيها: يجوز للزوجين الاتفاق على أى أمور، بشرط ألا يكون الاتفاق على أمر يحل حراما أو يحرم حلالا، وأشار البنجى إلى أن الدولة تحصل على نسبة مالية حالة تسجيل الزوجة أى شروط مادية، فمثلا إذا تضمن العقد أحقيتها للشقة حالة الطلاق فيجب تحديد قيمتها وتحصل الدولة على نسبة من ٢.٥% إلى ٣% من ثمن الشقة كرسوم، ما يجعل العديد من الزوجات يتراجعن عن وضع أى شروط مادية، وكذا إذا أرادت تسجيل محتويات المنزل من مفروشات وأثاث بقيمة ٥٠ ألف جنيه مثلا فعليها دفع حوالى ١٥٠٠ جنيه كرسوم للدولة ما يعد غير منطقى لأن الشرط لم يتحقق بعد وقد يعيش الزوجان عمرهما كله فى حب دون الحاجة إلى اللجوء لتنفيذ ذلك الشرط.
غير مُلزمة
ويشير مأذون عين شمس إلى أن الشروط التى تتضمنها الوثيقة الجديدة ليست مُلزمة، فمثلا لو اشترطت الزوجة عدم اعتراض زوجها على سفرها للخارج فى الوثيقة وبدل رأيه بعد الزواج ومنعها من السفر فلا توجد جهة مختصة تحسم الأمر سريعا وتعيد للزوجة حقها المتفق عليه مسبقا، لكن فى هذه الحالة يكون على الزوجة أن تلجأ للقضاء برفع دعوى ضد زوجها بأنه خالف شرطا تضمنه عقد الزواج، وقد تستمر الدعوى فى المحاكم لسنوات، كأى قضية ترفعها الزوجة ضد زوجها.
تلاعب شفاهي وكتابي
ويؤكد المأذون محمد أمين أن عدد الزوجات اللاتى يفرضن شروطا فى العقد نسبة ضئيلة جدا، فرغم صدور القانون منذ ما يزيد على تسع سنوات إلا أنه حتى الآن تستخدمه الزوجة على استحياء، وغالبا ما يكون الشرط الذى تضعه حصول الزوج على موافقتها كتابيا قبل زواجه بأخرى، وأوضح أنه قد يتلاعب المأذون فى صياغة هذا الشرط لصالح الزوج، فحتى يتم تفعيله يجب أن يشار إلى حصوله على موافقة كتابية من الزوجة، وفى حالة عدم ذكر كيفية حصوله على تلك الموافقة فإنه يدعى حصوله على موافقتها شفهيا، وعندها يجب على المرأة أن تثبت عكس ذلك إذا أرادت أن تستعيد حقها وهو أمر يصعب تحقيقه.
حالتان فقط!
أوضح أحمد حسن ندا، المأذون بمحافظة القاهرة، أنه منذ تطبيق وثيقة الزواج التى تسمح بوضع شروط فى بدايات القرن الحالى لم يأتِ إليه سوى زوجتين فقط ترغبان فى وضع شروط بعقد القران، واحدة منهما تنازلت عن شرطها أثناء كتابة العقد، أما الأخرى فكانت يتيمة واشترطت فقط أن يسمح لها زوجها بإكمال تعليمها بعد الزواج، وغير ذلك لم يقابل سوى تلك الحالتين.
وأشار ندا إلى أنه لا يلجأ إلى طرح الشروط على الزوجين، وأضاف: "إحنا ما ينفعش ننصح حد بكتابة الشروط، وأنا ما بطرحش فكرة كتابة الشروط، العروسان والأهل بيتفقوا على كل حاجة، ولو قلت لهم على الشروط ممكن تحصل مشكلة والجوازة ما تكملش".
تثير المشاكل
وقال سعد نوار، المأذون بشبين القناطر محافظة القليوبية، إنه من بين الزيجات الكثيرة التي وثقها بواسطة العقود الجديدة لم يتضمن أي عقد منها أية شروط، ويعتقد أن المسألة ليست ذات أهمية كبيرة وتساءل: "لماذا يتوقع الناس الحظ السيئ قبل وقوعه؟"، وأكد أنه يسأل أهل الزوجين عن أى شروط يريدان أن يتضمنها العقد، إلا أنه لا يثير تلك الشروط حتى لا تكون سببا فى إثارة المشاكل خاصة وأنه مأذون بمجتمع ريفى، مشيرا إلى أنه سيقدم فقط المشورة إذا طلب منه ذلك.