إن تشجيع ودعم الطفل على الاستقلال، وتحمُّل المسئولية أمرٌ ضروري، وحيوي، ينبغي أن يركز عليه الوالدين أثناء تربية الطفل وتنشئته، وتقول الدكتورة ميرفت ميرغني، مدرس مناهج وطرق تدريس تربية الطفل، أن كثيرًا ما يواجه الوالدين مشكلات مع الأطفال بسبب عدم تحمل المسؤولية، ومن الأخطاء الشائعة الاعتقاد بأن تعويد الطفل على الاستقلالية وتحمُّل المسؤولية يكون في سن المراهقة، والتي تعد من أصعب المراحل في عمر الطفل، ولكن يبدأ التدريب والممارسة في مرحلة الطفولة المبكرة، التي يميل فيها الأطفال إلى تقليد الكبار، فيما يقومون به من أعمال، لذا فالقدوة الحسنة، وتقديم نموذجًا جيدًا واستخدام الأنشطة المناسبة، يمكن تنمية المهارات الاستقلالية، ويصبح الطفل مستقبلًا شخصًا ناضجًا، ومسؤولًا يتحمل نتائج أفعاله، ويتقبل المحاسبة عليها، كما يكون لديه تقديرًا لذاته ويُقيم علاقات اجتماعية ناجحة.
وأشارت "ميرغني" إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار التوقيت المناسب الذي يتوقع فيه الوالدين من أطفالهم الصغار إنجاز المهام والمسؤوليات المعينة، والأسلوب الذي يُعامل به الطفل في هذه المرحلة، ومراعاة عمره الزمني ونموه الجسمي والصحي، فمن الخطأ البدء فى مرحلة مبكرة بمهام كبيرة وشاقة للطفل، وعقابه إذا لم يُنجزها أو مساعدة الوالدين للأطفال فترة طويلة على القيام بواجباتهم المنوطة لهم.
وتضيف "ميرغني" أنه هناك بعض الاستراتيجيات التي تساعد على تنمية الاستقلالية، وتحمل المسئولية عند أطفالنا منها:
أولًا: أن يتم توضيح معنى الاستقلالية وتحمّل المسئولية بشكل مبسط للطفل يكون مناسبًا لعمره.
ثانيًا: درّب وشجّع طفلك على أداء بعض المهام البسيطة مثل ارتداء ملابسه بنفسه، اختيار لعبه وهوايته المفضلة، ومكان قضاء وقت فراغه، أو أداء بعض المهام المنزلية البسيطة.
ثالثًا: اهتم بأن يأخذ الطفل زمام المبادرة في حل أحد المشكلات البسيطة التي تواجهه.
رابعًا: اختيار التوقيت المناسب لتكليف الطفل بمهام محددة، وعدم المبالغة في حجم توقعاتنا من الطفل، فيكفي أنه حاول واجتهد، ومعرفة أيضًا متى يكون مستعدًا لمهام أكبر منها.
خامسًا: توفير بعض الألعاب البسيطة التي تتطلب أن يقوم بها الطفل بمفرده لأنها تعزز ثقته بالذات، وتزرع في داخله بذور الاستقلالية.
سادسًا: تعزيز السلوكيات الاستقلالية للطفل بسلوكيات إيجابية من الوالدين، سواء بشكل لفظي مثل كلمات ممتاز/شاطر/ أثق دائما بك وبتصرفك، أو بشكل معنوي مثل التصفيق /الاحتضان، أو بشكل مادي رمزي مثل ستيكر / بسكويت /لعبة /مشاهده برنامجه المفضل.
سابعًا: تجنب الوالدين السلوكيات السلبية مثل الحماية الزائدة، والتسلط والتدخل في شؤون الطفل فلا يتخذ قرارًا بنفسه بما يناسب عمره، وقيام أحد الوالدين أو كلاهما بواجبات ومهام الطفل عوضًا عنه، وعدم إعطاءه الفرصة للتصرف في كثير من أموره مثل حل واجباته المدرسية، واختيار أصدقائه فننشئ بذلك طفلًا قليل الإحساس بالمسئولية، غير واثقًا بنفسه ومعتمد على الآخرين.
وبالتالي فإن الوعي، ومعرفة الأسس التربوية السليمة لتربية الأطفال وتطبيقها، والتفريق جيدًا بين الحب والتساهل، وبين الحزم والتسلط حتى نربي أطفالنا التربية الرشيدة، وننشئ جيلًا يتمتع بالاستقلالية، وتحمل المسئولية والصحة النفسية الجيدة، ويكون عنصرًا فعالًا في مجتمعه.