السبت 23 نوفمبر 2024

مقالات

الطريق إلى النهضة: (التعليم)

  • 7-9-2022 | 16:02
طباعة

عندما بدأ ديجول حكم فرنسا بعد تأسيس الجمهورية الخامسة لم يسأل إلا عن التعليم والقضاء، وقال إنهما الركائز الأساسية لبناء دولة متحضرة.

ولقد بدأت الدولة عملية إصلاح التعليم الأخيرة منذ عام 2018 لتكون على محورين. الأول هو بناء المستقبل ويستهدف الطالب منذ بداية دخول المدرسة وحتى نهاية التعليم الأساسي والمحور الثاني هو عملية تحسين التعليم وهي للطالب الذي تخطي الصف الأول الإبتدائي بالفعل ولن يستفيد من عملية الإصلاح مكتملة . والغرض من العملية باختصار كما أوضح وزير التعليم السابق حينذاك هو القضاء على الحفظ والتلقين وقياس مهارات الطالب بطريقه مختلفة.

     وإن نظرنا إلى التعليم في مجمله، سنجده أصبح تعليمًا صوريًا لا تطبق فيه المعايير السليمة في التعليم سواء من ناحية المناهج أو من ناحية التأهيل  البدني والنفسي والثقافي، حتى المدارس الأجنبية، فالغالبية العظمي منها تحاكي التعليم الأجنبي محاكاة صورية، وما يقال إنها تعتمد على البحث والتفكير هو كلام صوري.

فمثلا عندما يطلب من الطالب البحث في موضوع معين فيقوم الطالب بفتح محرك البحث جوجل وقص ولصق كل ما يقابله بدون فهم الآليات البدائية للبحث العلمي وتجنب ما يسمي بالغش الأكاديمي، ولهذا لا يستفيد الطالب من موضوع البحث لأنه لم يتعلم كيفيه البحث. 

ونعود إلى تجربة الإصلاح الأخيرة التي نحن بصددها الآن. فلكي تكتمل تلك التجربة وتكون فعالة تحتاج الدولة إلى اتخاذ عدة إجراءات

أولها القضاء التام على ظاهرة الدروس الخصوصية والتي حولت التعليم إلى سلعة الهدف منها الربحية بصرف النظر عن الجودة، ثم الاهتمام الفعلي بالمعلم والذي هو عصب العملية التعليمية وذلك من تدريب وتأهيل وتعويض مادي مناسب. وقد صرح رئيس الجمهورية من قبل أن تحسين مستوي المعلم ماديا يتطلب إعادة النظر في باقي وظائف المجتمع. ونحن نعلم أن هذا بالطبع يمثل عبئًا كبيرًا على ميزانية الدولة، لكنني أرى أنه يجب أن يستثني المعلم من الكادر الحكومي مثل القاضي وأستاذ الجامعة   لأنه وبدون معلم فلا نهضة ولا تنمية، وكل ما يبذل من جهد سيذهب هباء في سنوات قليلة في ظل جيل لا يستطيع أن يدرك أو يفكر أو يعي أو يعرف كيف يحافظ على ما وصل إليه ويشارك فيه ويطوره.

كما أنه يجب تقليل الفجوة بين التعليم الحكومي والتعليم الأجنبي، ونعلم أن ذلك يحتاج إلى إمكانيات كبيرة أيضا ولكن شعبنا المصري العظيم الذي استطاع أن يوحد جهوده من قبل في مشروعات كثيرة لم تعتمد على ميزانية الدولة، يستطع أن يكررها ثانية ولا أهم من التعليم أولا وقبل أي شيء آخر  وهو الطريق الذي بدأت الدولة بالفعل في البدء في تنفيذه.     

ثم إنه يجب أيضا الرقابة على التعليم الأجنبي في مصر ولا نقول أن هذا التعليم لا يخضع لإشراف الحكومة فلا شأن لنا به، حيث أن أولادنا مسؤوليتنا في النهاية وليس عيبً أن نحاكي الغرب ولكن بشكل حقيقي فعال.                                         

وليس التعليم الأساسي فقط هو ما يحتاج إلى إعادة هيكلة وإنما التعليم العالي اصبح كارثة أكبر بداية من المناهج المطلوب تحديثها لتتواكب مع تطورات العصر في كل مجال وصولًا إلى كارثة الجامعات الخاصة والتي تتيح الطالب دخول جامعة هو غير مؤهل لها من الأساس، هذا بخلاف عدم وجود اختبار قدرات قبل التعليم الجامعي لأن المجموع وحده غير كاف لتحديد استعداد الطالب ليكون طبيبًا أو مهندسًا أو خلافه. وينعكس كل ذلك بطبيعة الحال على الكفاءة والإنتاج في المجالات المختلفة وبدون ذلك كيف نبحث عن النهضة الصحية والثقافية والاقتصادية  لجيل غير مؤهل من الأساس علميًا فالبدايات الخاطئة لا تؤد إلا إلى نتائج خاطئة.

دكتوراة في إدارة الأعمال

الاكثر قراءة