الخميس 16 مايو 2024

«جسر لندن سقط»| بعد وفاة إليزابيث الثانية.. رحلتها في البلاط الملكي

الملكة إليزابيث

عرب وعالم8-9-2022 | 20:48

بسمة أبوبكر

الملكة "إليزابيث أليكسندر ماري"، كانت الملكة الدستورية لستة عشر دولة من دول الكومنولث، وترأست كنيسة إنجلترا، وهي أطول ملوك بريطانيا عمراً، وأطولهم جلوسا على العرش دام لـ70 عامًا تقريبًا، وُلدت إليزابيث في لندن وتلقَّت تعليمًا خاصًّا في منزلها، وبعد ارتقاء والدها العرش تلقت إليزابيث الواجبات العامة على عاتقها في أثناء الحرب العالمية الثانية، وانضمت هناك للعمل في الخدمة الإقليمية الاحتياطية.

نشأتها

"إليزابيث" هي الابنة الأولى للملك جورج السادس، ووالدها هو الابنُ الثاني للملك جورج الخامس والملكة ماري، ووالدتها هي الابنة الصغرى للأرستقراطي الاسكتلندي كلود باوز ليون الإيرل الـ14 لستراثمور وكينغورن. 

وُلدت"إلبيزابيث" في الساعة الثانية وأربعين دقيقة صباحاً بتوقيت جرينيتش في اليوم 21 من شهر إبريل بمنزل جِدّهَا لأمها في لندن بشارع بروتون بمدينة مايفير. وتم تعميدها على يد رئيس الأساقفة الإنجيلي "كوزمو جوردون لانج" في كنيسة خاصة بقصر بكنغهام في يوم 29 من شهر مايو، وسُميت إليزابيث نسبة إلى والدتها، وكانت عائلتها المقربة منها تناديها بـ"ليليبت"، ونسبت إليها الصحافة العامة زياراتها الدائمة لجدها النملك جورج الخامس في أثناء مرضه عام 1929م، كما سجل كُتاب السيرة دورها في رفع معنوياته ومساعدته على الشِّفاء، وتلقت إليزابيث تعليمها في المنزل تحت إشراف والدتهما والمربية الخاصة ماريون كراوفورد، وركزت الدروس الَّتِي كانت تتلقاها على التاريخ، واللغة، والأدب، والموسيقى.

تقربها من العرش

في أثناء فترة حكم جدّها، كانت إليزابيث هي المرشحة الثالثة لتولي العرش، بعد عمها الأمير إدوارد، وأبيها دوق يورك. وبالرغم من أن ميلاد إليزابيث في الصالح العام، إلا أنه لم يكن من المُتوقع وصولها للحكم؛ وذلك لأن الأمير إدوارد كان لا يزال شاباَ، وعندما توفى جدها، جورج الخامس، في 1936م وخلفه عمها، أصبحت إليزابيث هي المرشحة الثانية للخلافة من بعد أبيها. وفي وقت لاحق من ذلك العام، تنازل إدوارد الثامن عن العرش بعد رغبته في الزواج من واليس سمبسون دوقة وندسور، وهي امرأة مطلقة، مما تسبب في خلق أزمة دستورية في المملكة المتحدة وبريطانيا العظمى. وبالتالي، أصبح الملك جورج السادس، والد إليزابيث، هو ملك بريطانيا العظمى، وأصبحت إليزابيث هي الوارث المفترض.

وتلقت إليزابيث دروسًا خاصة في التاريخ الدستوري على يد هنري مارتن، نائب مدير جامعة إيتون، وتعلمت اللغة الفرنسية من خلال سلسلة من المربيات الفرنسيات الناطقات باللغة. وتم تشكيل حركة الفتيات المرشدات خصيصًا لكي تتمكن إليزابيث من تحقيق التواصل الاجتماعي والاختلاط مع بنات من نفس عمرها، وهي أول حركة تُشكل في قصر بكنغهام، وصارت لاحقًا عضوًا في منظمة من المنظمات التوجيهية.

عائلة "إليزابيث"

وفي عامي 1934م و1937م، قابلت إليزابيث زوجها المستقبلي الأمير فيليب مونتباتن دوق إدنبرة، وهما قريبان من خلال كريستيان التاسع ملك الدنمارك، كما أنهما قريبان من خلال الملكة فيكتُوريا كذلك، وعند مقابلتهما في الكلية الملكية البحرية في دارتموث في يوليو 1937م، اعترفت إليزابيث بأنها قد وقعت في حبه، رغم أن كان عمرها آنذاك ثلاثة عشر عام فقط، ومن بعدها بدءا في تبادل الخطابات. وتم الإعلان رسميا عن خطوبتهما في يوم 9 يوليو 1947م. 

وكان هناك الكثير من الاعتراضات على خطوبتهما؛ وذلك لأن وضع الأمير فيليب المالي آنذاك كان سيِّئاً، هذا غير أنه وُلد بالخارج وأخواته البنات متزوجات من نبلاء ألمان ذوي صلة بالنازية. 

وقبل الزواج، تخلى فيليب عن ألقابه الملكية التي قد حصل عليها من اليونان والدنمارك، وتحول من الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية إلى الكنيسة الأنغليكانية، وصار الملازم فيليب مونتباتن آخذاً كنية عائلة والدته البريطانية، وقبل الزفاف فقط، صار دوق إدنبرة ومُنح لقب صاحب السمو الملكي، وتزوجا في 20 نوفمبر عام 1947م.

وأنجبت إليزابيث أول موالِيدها، الأمير تشارلز، في 14 نوفمبر 1948م. وقبل ذلك بشهر، كان الملك قد بعث لها بخطابات يمنحها فيها إجازة لأطفالها باستخدام ألقابه الملكية ليعيشوا كأمراء وأميرات، ولولا ذلك ما كان حصل أبنائها على مثل هذه الألقاب؛ نظرا لأن والدهما ليس أميراً ملكياً. وأنجبت إليزابيث ثاني مولود لها ،الأميرة آن في عام 1950م.


إعتلاء "إليزابيث" عرش بريطانيا

وبعدما تدهورت الظروف الصحية للملك جورج السادس خلال عام 1951م، ومن هنا بدأت إليزابيث تظهر بشكل متكرر مكانه في المناسبات العامة. حتى أنها عندما قامت بجولة في كندا، وقامت بزيارة للرئيس الأمريكي هاري ترومان بواشنطن العاصمة في أكتوبر 1951م، كان يحتفظ مارتن تشارتريز، السكرتير الخاص لإليزابيث، بإعلان وصولها للعرش في حالة وفاة الملك أثناء تواجدها في تلك الجولة خارج البلاد. 

وفي أوائل عام 1952م، جهز فيليب وإليزابيث للقيام بجولة إلى أستراليا ونيوزيلندا عن طريق كينيا. وفي يوم 6 فبراير من عام 1952م، وبعدما عادت إليزيبيث وزوجها فيليب إلى قصر سقانا لودج بكينيا، بعد ليلة قضوها في فندق ترتوبس، جاءهم خبر وفاة الملك. نقل فيليب هذا الخبر للملكة الجديدة. وطلب منها مارتن تشارتريز أن تختار اسم خلال فترة حكمها، كما يفعل الكثير من الملوك والباباوات، ولكنها فضلت أن تبقى إليزابيث كما هي.

 وبعد ذلك، تم الإعلان عن الملكة الجديدة في كل الممالك التابعة لبريطانيا وبسرعة عاد الحزب الملكي المملكة المتحدة. وانتقلت هي ودوق إدنبره إلى قصر بكنغهام.

ومع وصول إليزابيث للعرش، كان من الأرجح أن تحمل العائلة الملكية اسم الزوج، لتصبح عائلة مونتباتن، وذلك تماشيا مع العرف السائد وهو أن تحمل المرأة اسم زوجها بعد الزواج، ولكن فضل ونستون تشرشل، رئيس وزراء المملكة المتحدة، والملكة ماري، جدة إليزابيث لأبيها، الاحتفاظ باسم وندسور، وبناءً على ذلك، أصدرت إليزابيث فرمان، في 9 إبريل 1952م، بإبقاء اسم وندسور على العائلة الملكية، الأمر الذي أزعج دوق إدنبرة كثيراً، وبعد وفاة الملكة ماري في 1953م، وبعد استقالة تشرشل في 1955م، حمل فيليب وأبنائه الذكور، الذين لا يحملون أي ألقاب ملكية، لقب "وندسور مونتباتن".

واستمرت التحضيرات لحفل تتويج الملكة الجديدة، رغم وفاة الملكة ماريّ في 21 مارس؛ فكان هذا طلبها قبل أن تتوفى؛ أن يتم الحفل في موعده المُحدد له في 2 يونيو 1953م، وبالفعل أُقيم الحفل في الميعاد في دير وستمنستر كما هو مُرتب له، باستثناء تصوير وعرض، ولأول مرة على شاشات التليفزيون، العشاء السري والمسحة المقدسة (وهما طقوس دينية في المسيحية)، وصنع نورمان هارتنل فستان إليزابيث الذي حضرت به حفل التتويج وبناءً على طلبها، طرزهُ بزهور ترمز إلى كل دولة من دول الكومنولث.

خطة "جسر لندن"

مصطلح "جسر لندن"، هو "الكود السري" لخطط كشفت عنها صحيفة "The Guardian" في تقرير لها نشر في 2017 تناولت ما سيحدث عند وفاة الملكة إليزابيث الثانية، وأشارت الصحيفة، إلى أن هذه الخطة وُجدت في الأصل منذ ستينيات القرن العشرين، وتم تحديثها عدة مرات على مر الأعوام.

وقد جاءت الخطة كالتالي: 

الخطة

-السكرتير الخاص للملكة ، السير إدوارد يونج ، أول من يعلم

-سيتصل برئيس الوزراء وإبلاغه بكلمة السر "جسر لندن سقط"

-سيقوم مركز الاستجابة العالمية التابع لوزارة الخارجية بإخطار 15 حكومة خارج المملكة المتحدة حيث تتولى الملكة رئاسة الدولة ، و 36 دولة أخرى في الكومنولث

-سيتم إبلاغ نقابة الصحفيين ، لتنبيه وسائل الإعلام العالمية

-يقوم رجل يرتدي ملابس الحداد بتعليق ملاحظة ذات حواف سوداء على بوابات قصر باكنجهام

- ستنشر وسائل الإعلام قصصها وأفلامها ونعيها المعدة مسبقًا

-الكوميديا تلغى لما بعد الجنازة

-سيتم إغلاق بورصة لندن ، مما قد يكلف الاقتصاد المليارات

-سيتم استدعاء مجلسي البرلمان وسيجلسان في غضون ساعات من وفاتها ، ويقسمان الولاء للملك الجديد

الخلافة

-سيخاطب الملك تشارلز الجديد الأمة مساء وفاتها

-سيتم دعوة جميع أعضاء مجلس الملكة الخاص إلى مجلس الانضمام ، حيث سيتم إعلان تشارلز ملكًا

-خلال الأيام التسعة التي تلي وفاتها ، ستُقام إعلانات طقسية وتجمعات دبلوماسية

-سيقوم الملك تشارلز بجولة في أربع دول: إنجلترا واسكتلندا وويلز وأيرلندا

الجنازة

-سيأتي الرؤساء والعائلات المالكة من جميع أنحاء العالم إلى لندن

-سيكون هناك عرض عسكري من قصر باكنجهام أسفل المركز التجاري ومرورًا بالنصب التذكاري

-سيذهب التابوت إلى قاعة وستمنستر لمدة أربعة أيام وستفتح الأبواب للجمهور لمدة 23 ساعة في اليوم ، يتوقع خلالها أن يأتي نصف مليون شخص لرؤية الملكة

-بعد تسعة أيام من وفاتها ، ستقام الجنازة في عطلة البنوك الوطنية ، بعد قداس الكنيسة والطقوس التذكارية في جميع أنحاء المملكة المتحدة

-في الساعة 9 صباحًا ، ستضرب ساعة بيج بن وستنتقل الجثة من وستمنستر هول إلى وستمنستر أبي زبعد ظهور التابوت مرة أخرى ، يسحبه 138 بحارًا على عربة مدفع خضراء

-ستبقى البلاد في حالة حداد لمدة ثلاثة أيام أخرى على الأقل

وفاة الملكة "إليزابيث"الثانية 

توفيت الملكة "إليزابيث الثانية" ملكة بريطانيا، اليوم 8 سبتمبر 2022، عن عمر يناهز 96 عاماً، حسبما أعلن قصر باكنغهام، وقال القصر في بيان رسمي "في سلام، أسلمت الملكة الروح في بالمورال بعد منتصف اليوم".

وكانت الملكة "إليزابيث" تصارع المرض وتخضع للإشراف الطبي في قلعة بالمورال في اسكتلندا، بحسب بيان لقصر باكنغهام، ويأتي ذلك بعد أن أعرب الأطباء عن قلقهم إزاء حالة الملكة الصحية.

وقال بيان باكنغهام: "إثر تقييم لحالتها الصحية صباح اليوم، يعرب أطباء الملكة عن قلقهم على صحتها، ويوصون بأن تبقى قيد الإشراف الطبي"، وأضاف القصر أن الملكة "مرتاحة في قصر بالمورال".

يأتي هذا الإعلان بعد إلغاء الملكة، 96 عاما، اجتماعا افتراضيا لمجلس مستشاريها الخاص، اتباعا لنصيحة الأطباء لها بالراحة، وكان اخر ظهور للملكة يوم الثلاثاء 8 سبتمبر 2022، في إسكتلندا، واقفة على قدميها والتُقطت لها الصور وهي تبتسم في أثناء تنصيب رئيسة الوزراء الجديدة "ليز تراس".