يمثل عنصر التمويل العملية الأصعب والأكثر إلحاحًا في مشروعات المناخ حول العالم، ولتوفير التمويلات اللازمة تحتاج الدول إلى التوافق مع الرؤى الخاصة بمؤسسات التمويل العالمية والحصول على تصنيفات ائتمانية تؤهلها لإصدار سندات دولة خضراء والحصول على تمويل أخضر.
جاء ذلك خلال ورشة عمل التصنيفات الائتمانية السيادية والسندات الخضراء المستدامة، ضمن فعاليات منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF2022 في نسخته الثانية.
وقال دون باسكال مبيانج وزير الدولة لصحة الماشية ومراقبة جودة الأغذية بجمهورية غينيا الاستوائية إن إفريقيا تتلقى أقل نسبة في العالم من التمويلات الموجهة لمشروعات التكيف مع التغير المناخي وهي نسبة 3% فقط، بما يعادل 150 مليون دولار سنويًا، وهي في حاجة للمزيد، مشيرًا الى أن القطاع الخاص يضخ نسبة 86% منها.
وأكد أن أفريقيا حتى الآن تتعرض للآثار المناخية الوخيمة، وهو ما يتطلب حشد الجهود العالمية والمساهمات حتى يمكن تخفيض نسبة الكربون وفقا لما يطمح اليه الجميع.
وأضاف أن السياق الاقتصادي العالمي يعج بالمخاطر الشديدة وخاصة التضخم، بالرغم من الجهود المبذولة لافتا إلى الحاجة إلى المؤسسات المالية من أجل ضخ الأموال لأفريقيا، وهو أمر لابد ان يُطرح للمناقشة، فهناك مصارف عديدة ، ولكن للأسف الشديد لا تقوم بالأنشطة اللازمة لدعم اقتصادات الدول الهشة.
ونوه بأنه مع أخذ الكارثة الاقتصادية التي نجمت عن كوفيد 19 في الاعتبار، والتحدي الكبير الذي تواجهه القارة المتعلق بالتصحر والفيضانات، نجد أن التغير المناخي أثر كثيرًا على القارة وبسببه عجزت كل الأنشطة التي تجري الآن عن مواجهة هذه المخاطر.
وأردف قائلا "إن دولتنا تبنت استراتيجية مناخية للتخفيف من هذه الآثار؛ شملت وضع الإطار القانوني والتشريعي، حيث قامت الحكومة بتعديل القوانين المنظمة للأمور المتعلقة بالمناخ عام 2018، ومنها منع تصدير الخشب الناتج عن قطع أشجار الغابات، بحيث تستخدم الشركات هذا الخشب في التصنيع المحلي بدلا من تصديره، فهذه ثروة لبلادنا، وكان علينا أن نحمي هذه المناطق الحيوية التي تشكل نسبة 13.5 % من مساحة البلاد ، كما أوجبت هذه الاستراتيجية الحكومية أن تخصص الحكومة في ميزانيتها جانبا لمجابهة الآثار الوخيمة لتغير المناخ، لكنه أوضح أن الإجراءات الخاصة بمواجهة الآثار المناخية تكلف أموالا باهظة على المدى الطويل مما يؤثر على الاقتصادات الوطنية.
واختتم كلمته بتوجيه الشكر لكل من يعملون على الإعداد لمؤتمر COP27 في نوفمبر المقبل بشرم الشيخ، وإلى الحكومة المصرية التي تولت تنظيم منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي Egypt-ICF2022 واجتماع وزراء المالية والاقتصاد والبيئة الأفارقة، وكل أولئك الذين بذلوا جهودًا ملموسة من أجل عقد هذا المنتدى المهم بالحكومة المصرية.
وقالت هونج باتيرسون المدير المالي ومدير العمليات في صندوق المناخ الأخضر، إن الصندوق يركز على التمويل المتعلق بالمناخ وإدماج القطاعين العام والخاص وتوسيع نطاق تمويل الأسواق الخضراء في البلدان النامية.
وأضافت أن أول مشروعات الصندوق بدأت في 2015 بأكثر من 10 مليارات دولار عبر تمويل تشاركي، مع بدء التمويل المتعلق بقضايا المناخ من المؤسسات المختلفة للوصول إلى استثمارات مستدامة.
وأوضحت أن هونج باتيرسون، إن الصندوق يقوم بالتمويل المشترك ويساعد على استدامة المشاريع والعمل مع الشركاء للتصميم وبناء القدرات وتقديم المساعدة الفنية اللازمة، مضيفة أن الصندوق مستمر في العمل والتحول تجاه قضايا المناخ، ولديه المرونة المتعلقة بالأصول وجودة الائتمان ومصادر التمويل، مع النظر إلى مجالات محفزة تمويلية والعمل عليها في الأسواق الناشئة.
وقالت هونج باتيرسون، إن الدول النامية لديها معوقات فيما يتعلق بسوق السندات الخضراء وتواجه معوقات تتمثل في الحاجة إلى بنية تحتية داعمة للائتمان وبيانات تقييم المخاطر والكثير من العمل لتوسيع نطاق التمويل وإصدار السندات الخضراء، مع أهمية توفير الشفافية لإصدار هذه السندات.
وأضافت أن البنوك العاملة في البلدان النامية يمكنها النفاذ إلى رأس المال الدولي والحصول على تمويلات كبيرة لتنفيذ التحول ومعالجة قضايا المناخ والوصول إلى التكيف والصمود، موضحة أن الصندوق يعمل على تعزيز السندات الخضراء وابتكار أنواع أخرى، وإنشاء صندوق يخدم أكثر من 6 بلدان.
قالت إليزا باريسي نائب رئيس مؤسسة موديز للتحليلات، إن المؤسسة تركز خلال وضع التصنيفات على الإصدارات والقروض السيادية على عدد من المحاور على رأسها العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة، مشيرة إلى أن تلك العوامل الثلاثة تمثل نواحي استراتيجية لوضع التصنيفات والتقييمات الائتمانية للدول والحكومات.
أضافت في كلمتها أن واحدًا من العوامل التي تركز عليها التصنيفات كذلك هي مشاركة القطاع الخاص، وقدرة القطاع العام والحكومي على الوفاء بالتزاماته للقطاع الخاص، وقدرة الأخير على تسييل الأصول الخاصة به والحصول على المستحقات بسهولة.
واستعرضت عدد من المناطق وفق تصنيفها الائتماني مشيرة إلى منطقة الصحراء الكبرى الإفريقية هي الأقل من ضمن (دول إفريقيا والشرق الأوسط) في تصنيفها الائتماني، قال جيمس سيوارد كبير المسئولين الماليين بخزانة مجموعة البنك الدولي إن الاستطلاعات التي أجراها البنك افادت بأن هناك حاجة إلى تيسير الائتمان عبر إصدار السندات الخضراء والمستدامة والاجتماعية.
وأوضح أن السندات الخضراء والاجتماعية والمستدامة بلغت قيمتها الإجمالية 1.14 تريليون دولار عام ٢٠٢١ وهي بذلك تعادل ضعف معدلات عام ٢٠٢٠. كما توقع أن تتخطى قيمة إصدارات السندات الخضراء والاجتماعية والمستدامة ١.٥ تريليون دولار للعام الجاري ٢٠٢٢.
واضاف أن السندات الخضراء تشكل الجانب الأكبر من إجمالي سندات GSS (السندات الخضراء والاجتماعية وسندات الاستدامة) بنسبة بلغت ٦٠٪ من إجمالي الإصدارات، حيث بدأت إصدارات الدول السيادية للسندات الخضراء والاجتماعية والمستدامة GSS عام ٢٠١٦، لافتا إلى أنه رغم أن هذه الكيانات السيادية لا تمثل سوى شريحة صغيرة من سوق السندات الخضراء والاجتماعية والمستدامة GSS، إلا أن معدلات الفائدة الخاصة بها ارتفعت سريعا.
وأشار إلى أنه بدءًا من أبريل عام ٢٠٢٢، أصدر ٣٨ دولة حاصلة على تمويل سندات بمبالغ تراكمية وصلت إلى ٢٣٧ مليار دولار. وفِي عام ٢٠٢١ وصلت قيمة إصدارات الدول السيادية من السندات إلى ١١٤ مليار دولار، والتي تعادل تقريبا ثلاثة أضعاف القيم الصادرة عام ٢٠٢٠ ، والبالغة ٣٥ مليار دولار.
وأجرى البنك الدولي استطلاعان في بداية عام ٢٠٢٢، توصل من خلالهما إلى أن ٢٤ دولة من بين ٣٢ دولة تبحث إصدار السندات السيادية الاجتماعية والخضراء والمستدامةGSS، وأن سبعة منها تعتزم إصدار هذا النوع من السندات قبل نهاية العام الجاري ٢٠٢٢.
ورصد الاستطلاعان أن هناك إقبال وتفضيل من الدول السيادية لإصدار سندات GSS بأنواعها الخضراء والاجتماعية والمستدامة، وأن تفضيلات الإصدارات من جانب الدول تتماشى مع تفضيلات المستثمرين المسجلة من قبل في استطلاعات البنك الدولي. كما اوضح الاستطلاعان أن ٢٥ دولة تتطلع نحو إصدار السندات الخضراء، وأن ٢١ دولة تتطلع لإصدار المستدامة، و٢٠ دولة ترغب في إصدار السندات الاجتماعية، وأن ستة دول تعتزم إصدار السندات الزرقاء وأن ستة دول تعتزم إصدار السندات المرتبطة بالاستدامة، وواحدة تعتزم إصدار الصكوك.
من جانبها أكدت شيرين شرقاوي، مساعد وزير المالية للشئون الاقتصادية، إن مصر أعدت رؤية 2030 التي تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة وتتوافق مع رؤية أفريقيا 2063 إلى جانب استراتيجية الطاقة المتجددة 2035 حيث تستهدف الدولة الوصول بالطاقة المتجددة لـ 42% بحلول تلك الفترة فيما تسجل النسبة حاليًا 20%.
وأكدت مساعد وزير المالية، أن 30% من استثمارات مصر تتجه نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وتعمل الدولة على رفع تلك النسبة إلى 50% خلال الفترة المقبلة.
وأشارت إلى أن مصر بدأت في سبتمبر 2020 إصدار أول حزمة من السندات السيادية الخضراء بقيمة 750 مليون دولار بهدف تمويل 15 مشروع يدعم البيئة وأهداف المناخ ومن بينها مشروع المونوريل ومحطة مياه الضبعة.
وفي مطلع 2022 حصلت مصر على أول تمويل سيادي أخضر بقيمة 1.5 مليار دولار واستعرضت الخطوات التي يجب التركيز عليها حيث تتقاطع بين الكثير من المشروعات بين وزارات مختلفة في نفس الوقت إلى جانب ضرورة التوافق مع المعايير العالمية بما يمكنها من جذب الاستثمارات الأجنبية والتعرف على التأثيرات البيئية للمشروعات وتوفير تلك المعلومات من قبل جهات محايدة تعد الدراسات اللازمة لضمان الحصول على التمويل المطلوب.
استطردت "للقيام بتلك المشروعات قمنا بتشكيل لجان وزارية مشتركة كان منها لجنة مشتركة بين الكهرباء والإسكان والمالية والنقل والبيئة والتخطيط لاختيار هيكل الاستشاريين للاستعانة بهم لوضع إطار للحصول على تمويل سيادي أخضر بما يضمن نجاح الطروحات للسندات السيادية والقروض الخضراء، وتم التأكيد على موافقة المشروعات الخاصة بنا مع مؤسسة أسواق المال العالمية (ايكما ICMA)
ثم بعد الحصول على التمويلات والشروع في تنفيذ المشروعات قامت المالية بطرح التقرير الخاص بالمشروعات ونسب الانفاق على كل المشروعات سواء للتمويل الأولي أو إعادة التمويل وغيرها كما يعرض الفوائد البيئية على كل مشروع
وأكدت على أن عمليات الطرح معقدة وتحتاج تدريب الكثير من الكفاءات التي تتفهم إمكانية اعداد مثل تلك المشروعات وفق الاعتبارات العالمية ولضمان موافقتها مع توجهات مؤسسات التمويل العالمية.
وقال غابرييل يوريو غوانزاليس، نائب وزير المالية والائتمان العام في المكسيك، في مداخلة عبر الفيديو كونفرانس، إن المكسيك لديها منهجيات مختلفة فيما يتعلق ببعض الأسواق، وفي 2019 قررت التركيز على التمويل المستدام القائم على الأسواق ويعالج قضايا تغير المناخ والتحديات الاجتماعية في ظل بعض الالتزامات والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية للتحول المناخي.
وأضاف نائب وزير المالية المكسيكي، أن بلاده تواجه بعض الفجوات الاجتماعية مثل انخفاض نسبة مشاركة المرأة إلى 6% والشباب 4% ومع وجود هذه الفجوات الاجتماعية قررت الحكومة النظر إلى الاستدامة من منظور أوسع لتدشين نموذج تمويل مستدام قائم على الأسوق، لا سيما في ظل بعض التحديات في العالم بشأن التمويل والحاجة إلى سد الفجوة بين الأعمال والبنوك المحلية من جهة والبنوك الدولية والجهات الفاعلة ومقدمي التمويل.
وأوضح أن المكسيك نظرت إلى الأسواق الناشئة وكيف يمكنها الوصول إلى التمويل، ووضعت منهجية تعتمد على 5 ركائز الأولى هي القطاع العام من الجهات والممارسات التي تعمل على أجندة الاستدامة ومنهجيات متعلقة بأهداف الاستدامة والركيزة الثانية هي نسب الكربون والانبعاثات والوصول لنموذج تمويل مستدام من خلال النظام المالي، عبر وضع بعض التشريعات والامتثال لأهداف التنمية المستدامة.
وأضاف أن الركيزة الرابعة والخامسة أن قطاع التمويل بالمكسيك قطاع رئيسي ويمكن حشد التمويل له للتخفيف ومواجهة التغير المناخي وسد الفجوات الاجتماعية.
وقال نائب وزير المالية المكسيكي، إن المكسيك أعدت إطاراً لإصدار سندات خضراء في السوق الأوروبي، الذي يمثل أكثر من 81% من الديون السيادية، مشيراً إلى الإصدار أيضاً في الأسواق الدولارية وليس منطقة اليورو فقط.
وقال خواكين جوجو رئيس الحلول السيادية العالمية في بنك سيتي، إن هناك تأثير سلبي على السندات الخضراء، نتيجة فيروس كوفيد-19 ووجود حالة من عدم التوازن في الأسواق. وأضاف أن السندات الخضراء كانت في الأسواق منذ فترة ولا بد من الوضع في الاعتبار إن هناك أزمة في السندات الخضراء والمناخ بشكل عام.
وأوضح رئيس الحلول السيادية العالمية في بنك سيتي، أنه إذا لم يكن هناك تحول أخضر لن يكون هناك تمويل، ولا يزال التمويل الأخضر في المراحل الأولى لاستكشافه وبحدوث ذلك سيتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
وأكد خواكين جوجو أن التقييم السيادي للدول مهم للغاية للمستثمرين ولا بد أن يتماشى مع التقييم من السندات الخضراء.