يتوجه السويديون إلى صناديق الاقتراع غدا في انتخابات تشريعية تشهد منافسة شديدة بين يمين على استعداد للعودة إلى الحكم بدعم لأول مرة من اليمين المتطرف، ويسار يسعى للفوز "بأربع سنوات إضافية".
وفي ظل استطلاعات للرأي تتوقع له الحلول لأول مرة في تاريخه في المرتبة الثانية، بات حزب ديموقراطيي السويد القومي والمعادي للهجرة في موقع يسمح له بمساعدة اليمين على العودة إلى السلطة، بعدما ظل لفترة طويلة منبوذا على الساحة السياسية.
وتحظى الاشتراكية الديموقراطية المنتهية ولايتها ماجدالينا أندرسون، أول امرأة رئيسة للحكومة في السويد، بأكبر نسبة من الثقة بين الناخبين للبقاء في منصبها، متقدمة بفارق كبير على خصمها المحافظ من حزب المعتدلين أولف كريسترسون (32%).
لكن الموضوعات التي هيمنت على الحملة الانتخابية كانت تدعم حظوظ المعارضة اليمينية، كالإجرام وتسوية الحسابات الدامية بين العصابات، ومشكلات الاندماج، والزيادة الحادة في فواتير الطاقة وغيرها.
وقال باتريك أوبرغ أستاذ العلوم السياسية في جامعة "جوتيبورج" :"إن التضخم ازداد بشدة، وكذلك الإجرام وعمليات إطلاق النار، وهي عوامل يفترض أن تصب لصالح المعارضة اليمينية، لكن المنافسة شديدة للغاية في الوقت الحاضر".
ويبقى الفارق ضئيلا في نوايا الأصوات بين التكتلين الجديدين المحتملين، وهما تكتل "الاشتراكيين الديموقراطيين" و"الخضر" وحزب اليسار وحزب الوسط إلى يسار الساحة السياسية، وتكتل المعتدلين و المسيحيين الديموقراطيين والليبراليين و ديموقراطيي السويدم إلى اليمين.
وتشير آخر استطلاعات الرأي التي تبقى في غاية التقلب، إلى حصول تكتل اليسار على 49,1% إلى 50,1% من الأصوات، مقابل 49,2% إلى 19,9% لليمين واليمين المتطرف.
وأدت الانتخابات الأخيرة عام 2018 إلى أزمة سياسية طويلة واستمرت المفاوضات أربعة أشهر، قبل التوصل بمشقة إلى تشكيل حكومة أقلية بقيادة الاشتراكيين الديموقراطيين.
ورأى يان تيوريل أستاذ العلوم السياسية في جامعة ستوكهولم ان هذه المرة يمكن القول إن إحدى المجموعتين ستحصل على غالبية لكن من المستحيل استنادا إلى استطلاعات الرأي معرفة أي من الإثنتين.
ولفت أندرس ليندبرج، وهو كاتب افتتاحية في صحيفة /أفتونبلاديت/ اليسارية، إلى أن خروج ديموقراطيي السويد تدريجيا من عزلتهم وظهور الحزب كالتشكيل الأول ربما في اتحاد أحزاب اليمين هما "نقطة تحول هائلة للمجتمع السويدي".
وكان الحزب المنبثق من مجموعة من النازيين الجدد عند تشكيله في أواخر الثمانينيات، يراوح عند نسبة 1% من التأييد قبل أقل من عشرين عاما ولم يدخل البرلمان إلا في 2010.
وتمكن بفضل خطاب معادٍ للهجرة ودفاعه عن دولة الرعاية الاجتماعية التقليدية، من كسب تأييد طبقات العمال والمتقاعدين وذوي المهارات الضعيفة، وبصورة رئيسية بين الرجال، مستغلا موجات الهجرة الضخمة إلى السويد التي قاربت 500 ألف مهاجر منذ عشر سنوات، مما يمثل حوالى 5% من المواطنين.
وقال ليندبرج "إن الإجرام والهجرة موضوعان يحتلان مقدم الساحة، في حين نرى إذا ما نظرنا إلى التاريخ، أن الانتخابات السويدية لطالما كانت تدور حول دولة الرعاية الاجتماعية والاقتصاد والوظائف" مشبها هذا التبدل "بحركة صفائح تكتونية".
وقتل 48 شخصا بالأسلحة النارية في البلد منذ مطلع العام، وسط حرب عصابات تسيء إلى صورة البلد.
وفي إحدى المناظرات بين أندرسون وكريسترسون، قطع كلاهما وعدا بالتحرك حيال هذه الآفة لوالدة فتاة في الثانية عشرة قتلت قبل عامين برصاصة طائشة.
ويتولى الاشتراكيون الديموقراطيون، الحزب الأول في السويد منذ الثلاثينات، الحكم منذ عام 2014 في هذا البلد الذي باشر آلية دقيقة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وسيتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في الأول من يناير القادم.
ونجحت ماجدالينا أندرسون خلال عشرة أشهر من توليها السلطة في نوفمبر الماضى بعد انسحاب سلفها شتيفان لوفن من الحياة السياسية، في إعطاء زخم جديد لحزبها تحت شعار "سويدنا يمكنها تحقيق المزيد" و"أربع سنوات إضافية".
وقال يان تيوريل "الكثيرون يثقون بها كرئيسة للوزراء، بما في ذلك بين الذين لا ينوون التصويت للاشتراكيين الديموقراطيين".
وبعدما كان الانضمام إلى الحلف الأطلسي حتى الآن خطا أحمر للاشتراكيين الديموقراطيين، أقنعت معسكرها بأن الغزو الروسي لأوكرانيا يبرر تقديم طلب انضمام مسرّع، بعدما حرصت السويد على البقاء خارج التحالفات العسكرية منذ قرنين.
وبعد ست سنوات على تشديد حزبها موقفه حيال الهجرة، صعّدت أندرسون نبرتها بشأن الاندماج، مقرة بفشل في العديد من الأحياء ومعتمدة خطّا معارضا لقيام غيتوات برفضها ظهور ما سمّته "صوماليتاون".
وتشير آخر استطلاعات الرأي إلى حصول الاشتراكيين الديموقراطيين على 26,4% إلى 29,5% من التأييد، وهو ما يقارب أدنى مستوى تاريخي لهم قدره 28,3% عام 2018، متقدمين على ديموقراطيي السويد (19,8% إلى 21,0%) والمتعتدلين (16,2% إلى 18,0%).
وفي حال مني المعتدلون بهزيمة ثانية خلال أربع سنوات، فسيكون هذا بمثابة حكم على أولف كريسترسون، في حين أن فوز الحزب يفتح له الطريق لتولي رئاسة الوزراء، إنما مع يمين متطرف في موقع قوة.
وقال يان تيوريل "إذا حل ديموقراطيو السويد في المقدم، لا أعتقد أنه سيكون بإمكانهم الدخول إلى الحكومة لأن الأحزاب الأخرى (اليمينية) لا تريد ذلك، لكن ثمنهم سيكون أعلى".