الأربعاء 8 مايو 2024

عند السيد البدوي

مقالات13-9-2022 | 17:10

﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا•••الإنسان 7)
•••
(الوصفة سهلة.. وهايلة )
*
لكنا عكسنا نصفها • فاتنا قطار 8 ونص صباحًا نهرع لميكروباص ميدان رمسيس للوصول بعد ساعة ونصف، وآخر داخلي لعمارة بلفظ «الله أكبر».. ومحطة القطارات بطرازها القديم -من أوائل محطات مصر-، يتعامد عليها شارع 200 م على رأسه مسجد ومقام السيد البدوي.

(الله الله يا بدوي.. جاب الأسرى – أغنية في الحروب الصليبية ) 

بعرضه ومئذنتين قلميتين في الشرق (اتجاه القبلة)، ومثلهما في الغرب حول ثلاثة قباب •الكبيرة أعلى المقام وحولها اثنين أصغر• وساحة كبيرة داخل سور معدني، وبوابة أمنية ثم سور يحوط المداخل. 
 - خادم المسجد 
- نورتونا.. بس الدخول في مواعيد الصلاة فقط.
- جايين خصيصًا من القاهرة.
- عندكم الباشا استأذنوه.
واستقبلنا رئيس النقطة   
- تشرفونا بس ما تطولوش.

وصوت يسلم صوت •يسلم صوت بموافقة الباشا لما وصلنا لآخر صوت 

يجلس على دكة بعرض مستطيل معتم هادئ يسع 20 مصليًا.

سألت على مسافة (القاهرة – طنطا) وجدتها 90 كم، أكثر من 83 كم ونصف، فقصرنا صلاتي الظهر والعصر 
••

عبر الباب الخشبي العتيق دلفنا للصحن الفسيح وصناديق النذور. 

-متشكرين.. وأسفين على التأخير .

والمقام المغلف بحواجز خشبية منعونا من تخطيها أو التصوير بجوارها.

-أنتم صحفيين وفاهمين الأوامر.
 
نسرع خروجنا نجهض توتر رجال الأمن بملابسهم الملكية وخدام المسجد
••
نجول في شوارع ضيقة خالية •• مكدسة بملابس (جديدة ومستعملة)، وأدوات منزلية (ألومنيوم وبلاستيك)، وحمص وحلاوة المولد، ولديدة وحلاوة شعر، وحمامصي البدوي والفلاح للحلويات، والعطشان للعصير، ومطعم الجعان، وعربة فول مدمس
*
لو سمعنا نصيحة زميلنا جمال السنوسي وخبرته قطارات الدلتا ما أضعنا الوقت.  

يكتشف محمد خضير (الناقد الفني) تخفيضات صحفية بتذاكر الدرجة الثالثة في قطار توهمًا سرعة وصوله، فغفلنا عن معرفة تذاكر الدرجتين الأولى والثانية في قطار مكيف سبق قطارنا (قطار 18) المتأخر لساعتين.
••
يتمسكن صبي أبيض رقيق (اديني قطمة) من قطعة مخبوزات مع لبن رايب نتقوت بهما، نشفق عليه بمثلها •• وزميله 

ينبئني خبث عيونهما بردها للكشك ومناصفة سعرهما • ويكتم أنفاس مسافر بسيط بعلبة مياه غازية (اديني بق) أشفق على فزعه يبحث عن خمسة جنيهات يتيمة، أنبهه لاحتراف تسولهما يشير مشفقًا (خلاص بقى).
••
يزيح قطار الثالثة تكدس العائدين من أرزاقهم 

(نازلين على طول.. كفر الدوار – طوخ – بنها – قها) يتربع بعضهم بجلاليبهم في طراوة ما بين عربات الدرجات الفاخرة في توصيلة يومية سريعة لا تتحمل ثمن تذكرتي درجة ثالثة (وهي اليومية فيها كام) يتغافلهم الكمسارية أو يعيقهم الزحام.

لم أفهم شيئًا من ضجيج شوشرة ميكروفون المحطة بوصول القطارات أو تأخرها، وتابعت المنتظرين يمين القضبان يصعدون عكس تزاحم هبوط وصعود الركاب، يقتنصون مقعد أو موضع للوقوف أو الجلوس. 

ينصحنا موظف تذاكر الوردية الجديدة بانتظار قطارنا الشعبي الخالي بانقضاء الزحام، أو انتظار ساعتين لقطار مكيف. 
ينبهنا وبيده كارنيه الصحافة
 -  أديكوا اتعلمتوا حاجة.
(بعد سنوات الترحال مازلنا نتعلم.. يموت المعلم ولا يتعلم)
•••
يستنزفني عتاب المكالمات 
– نذر والله وحان موعده وفاءه 
-كنت تقول وجينا معاك
– الرحلة القادمة
يصور خضير غفوتي 
عجوز أنهكته مجرد زيارة طنطا والسيد البدوي 
••
- غشوميتنا ونصيحة موظف التذاكر ذكرتني عمدة (الليلة الكبيرة) بحماره الخشبي والعيال تزفه..
( مع السلامة.. مع السلامة يا أبو عمة مايلة). 

——-2

آمن مكان في القطار!
3 عصرًا محطة طنطا •• خط إسكندرية - القاهرة
••
 شباب بسطاء المظهر في رحلة عمل يومية على اكصدام عربات الدرجة الأولى، و دفء ممر وصلة العربات يحميهم من سياط رياح السرعة في المسارات المفتوحة يشبثون يمناهم به •• يرتكزون بيسراهم على الجدار لتوازنهم. 

إلى ومن القاهرة ومدن بحري

على باب الله •• بائعون سريحة•• مراسلة بالغالي والرخيص •• أرزقية بما يجود به الله يومًا بيوم المهم ألا يبيتوا بدون عشاء.

يعرفون بعضهم البعض•• يحجز أحدهم لرفيق •• ويعتذر لآخر.. يعاتب بعضهم البعض لأنه لم يعمل حسابه في المكان الذي لا يسع إلا اثنين، كل واحد على اكصدام صلب.

 مستكينون لتلقي تعنيفات وإهانات وصفعات رجال الأمن والسكة الحديد.

منكسرون يسعون ألا يلفتوا أحد 

حاولت محادثهم

 نظرات ذليلة محرجة•• يودون الاختفاء •• يتململون في تعليقاتهم المرعوبة ويهربون من إجابة ملاحظاتي الرفيقة رغم ابتسامة توددي.

(هتقف كده كتير - مبتخفش- هتنزل فين؟)

••هيهات 
يكمنون صامتون 
يتنفسون الصعداء بحركة القطار وبعادهم المؤقت عن أي سطوة أو سلطة  
أحرار في الهواء الطلق  
متحررون لحظيًا من رعب الملاحقة، يتحايلون على الوقت ليصلوا لمبتغاهم 
ورحلة تحايل جديدة في الدنيا وعلى الدنيا 
فيهم مكافح وهارب وخطر 
على أسنة خطر قطار الحياة.

Egypt Air