الأحد 2 فبراير 2025

مقالات

الإرهاب المعاصر (1)

  • 14-9-2022 | 12:36
طباعة

الإرهاب الإلكتروني

أصبحت التكنولوجيا من أولوياتنا في حياتنا اليومية، وأصبح الهاتف المحمول هو الصديق الحميم لكل منا، فهو أمين أسرارنا ومسير عقولنا، ومنا من يستخدمه بشكل إيجابي وآخر سلبي أدي إلى ظهور أساليب غير آدمية ناتجة من أشخاص بلا عقل ولا قلب أدت إلى ظهور ما يسمى بالجريمة الإلكترونية، ومع انتشار العنف واستحلال إراقة الدماء انتقل هذا الفيروس إلى التكنولوجيا وظهرت جريمة الإرهاب الإلكتروني، فاتجه الإرهابيون إلى استخدام الأساليب التكنولوجية في ارتكاب جرائمهم وأصبحت أكثر خطورة من الجرائم التقليدية التي ترتكب بالسلاح.

وبدأ الإرهاب الإلكتروني بجريمة معلوماتية هدفها السرقة والكسب المالي، ثم تطور إلى جريمة إرهابية إلكترونية بدوافع مختلفة مُحدثة أضراراً بالغة في الأرواح البشرية وتدمير البنية التحتية بكافة أنواعها للدول المســتهدفة وتجنيد وتمويل الإرهابيين، والتهديد أو المساس بأمن الدولة القومي وكيانها ومؤسساتها.

ويُعد الإرهاب الإلكتروني من المفاهيم المعقدة والخطيرة لاعتبارات عدة، منها ما يتصف بالتعقيدات الفنية الناجمة عن ثورة التقنيات والمعلومات، ومنها ما يتصل بقدرة الجماعات الإرهابية علي استغلال وسائل الاتصال الرقمي في الوصول إلي شرائح متعددة ومختلفة من البشر لنشر فكرها المتطرف، فمفهوم الإرهاب لم يعد ذلك المفهوم الضيق الذي يحدده الزمان والمكان، بل أصبح يشكل تهديداً للدول والمجتمعات علي مستوى أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويندرج هذا النوع من الإرهاب ضمن صور الجريمة المنظمة العابرة للحدود.

فهو يقوم على استخدام التكنولوجيا بشكل سلبي مُتعمد ويرجع سبب ظهور تلك الجرائم إلى عدة أسباب منها نُدرة التكاليف فهو لا يحتاج في ارتكابه إلى العنف والقوة، بل يتطلب وجود حاسب آلي متصل بالشبكة المعلوماتية، كما أنه يتسم بكونه جريمة إرهابية متعدية الحدود وعابرة للدول والقارات.

وتتمثل مظاهر الإرهاب الإلكتروني في تبادل المعلومات الإرهابية ونشرها من خلال الشبكة المعلوماتية، وإنشاء المواقع الإرهابية الإلكترونية مثل موقع وطني نيوز الإخباري الذي أنشأه تنظيم داعش الإرهابي، وتدمير المواقع الإلكترونية والنظم المعلوماتية، والتهديد والترويع والتجسس الإلكتروني، وسرقة بيانات ومعلومات سرية تتعلق بأمن الدولة، وهدم قواعد الحكومة الإلكترونية للدولة.

وكان رد الدولة المصرية على تلك النوع من الجرائم بإصدار عدة قوانين أهمها القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب والذي بمقتضاه عاقب كل من أنشأ أو استخدم موقعاً على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين، كما عاقب كل من دخل بغير حق أو بطريقة غير مشروعة موقعاً إلكترونياً تابعاً لأية جهة حكومية، بقصد الحصول على البيانات أو المعلومات الموجودة عليها أو الاطلاع عليها أو تغييرها أو محوها أو إتلافها أو تزوير محتواها الموجود بها بغرض ارتكاب جريمة من الجرائم السابقة أو الإعداد لها بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنين.

وقد أظهرت إحصائية لأبرز جرائم الإرهاب الإلكتروني في العالم منذ عام 2011 وحتى مارس من هذا العام، أن عددها في تزايد مستمر خلال الأعوام السابقة، وخاصة عام 2020 حيث بلغت عدد الجرائم 135 جريمة تقريباً، لذا كان لزاماً على دولتنا الحبيبة مواجهة هذا الخطر اللعين بقوانين سريعة وحاسمة تُعاقب مرتكب تلك الجرائم وتكفل من خلالها الدولة للمواطنين سُبل الراحة والطمأنينة للعيش في بيئة أمنه دون خوف أو ذُعر.

 

** دكتوراه في القانون الجنائي

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة