الأحد 19 مايو 2024

ذكريات حرب رمضان 9

2-8-2017 | 16:54

بقلم : إقبال بركة

وشهد شاهد من أههلم .. كل من عاصر حرب العاشر من رمضان لا يمكن أن ينسى مشهد الضابط الإسرائيلى عساف ياجورى قائد لواء مدرع الذى أسره النقيب يسرى عمارة بالشرطة العسكرية، ومن حسن الحظ أن عساف ياجورى كتب قصة أسره بعد عدة سنوات، رأيت أن أشرك قرائى فى استعادة تلك اللحظات الخالدة بقلم واحد من قادة الحرب الإسرائيليين دون تدخل منى سوى بهدف التلخيص.

كتب العقيد عساف ياجورى:

منذ وصول الجنرال آدان - في الساعة 800 صباح اليوم واستلامه قيادة النطاق الشمالي من جبهة قناة السويس ـ وأنا أخوض مع قواتي معارك متصلة في محاولات مستمرة لإيقاف تقدم المصريين وضرب قواتهم التي عبرت القناة وطوقت بعضها حصون خط بارليف، لم تهدأ هذه المعارك لحظة واحدة، وقد تركت بصماتها على قواتي وفقدت خلالها الكثيرين من زملائى, وبسبب عنف هذه المعارك لم نجد وقتا للحزن على هؤلاء الزملاء الذين سقطوا قتلى.

الاثنين 8 أكتوبر 1973، الساعة الثانية ظهرا، أرابط مع قواتى داخل المنطقة التي حددها لى الجنرال آدان شرق الفردان، وصلت إلينا أوامر الجنرال بالهجوم في اتجاه الفردان تنفيذا لأوامر الجنرال جونين بشن الهجوم المضاد العام على جبهة سيناء .

وكان نصيب لوائى هو قطاع الفردان حيث تحددت مهمتى بالوصول إلى كوبرى الفردان والاستيلاء عليه وقد كنا نسميه "حزايون" وذلك إحياء لاسم الحصن المجاور له والذي فقدناه في أول أيام الحرب.

في الساعة 14:30 بدأت دبابات ومصفحات لوائى بالانطلاق بأقصى سرعة لإثارة سحب من الغبار تحجب عن العدو حجم قواتى ولإحداث الارتباك في صفوفهم ـ فأنا أعلم جيدا طبيعة هؤلاء المصريين وضعف تماسكهم وانهيارهم السريع.. وظل تقدم اللواء على مساحة عرضها 3 كيلومترات، وبنفس السرعة العالية ووفقا لتقارير عناصر الاستطلاع ستكون الفرقة المصرية المواجهة لى والمكونة من المشاة صيدا سهلا لدباباتى المنطلقة بعنف والتي توجه الآن كميات هائلة من النيران تغطى بها المنطقة كلها .

اخترقنا النطاق المحدد ولا توجد مقاومة تذكر للعدو, وفتحت الاتصال اللاسلكى بالجنرال آدان وبادرنى بالسؤال في قلق عن موقف لوائى، قلت له ضاحكا "إن كل شىء على ما يرام و دباباتى تدوس الجنود المصريين الذين أربكهم الهجوم ولم تظهر حتى الآن محاولة لصدنا" .

لم أكد أنتهى من اتصالى بآدان حتى أبلغتنى الدبابات الثلاث الأولى بوصولها إلى مقربة من ضفة القناة، في نفس هذه اللحظة حدث ما لم يمكن في الحسبان إطلاقا، لقد انقلبت الدنيا رأسا على عقب، إن المصريين قد أوقعونا في كمين محكم، كيف ضبطوا أعصابهم ونيرانهم طوال هذا الوقت ؟ لا أعلم!

لقد أنصبت مدافعهم علينا بنيران مذهلة الكثافة والدقة في التحكيم كما لو كان ضابط مدفعية مصري يقف فوق دبابتى لضبط وتوجيه نيران مدافعهم، وقفز جنود المشاة من حفرهم التي اختبأوا فيها واندفعوا نحو دباباتنا بصواريخهم القاتلة.

الدبابات تنفجر، والجنود والضباط يقفزون منها، يصرخون ويبحثون عن مكان يهربون فيه، رشاشات المصريين تسكت هذه الصرخات، اكتملت حلقة الكمين باشتباك عدد من دباباتهم في ضرب إحدى كتائب اللواء التي لم تكن قد تعرضت لمثل الضرب العنيف الذي تعرضت له الكتيبتان الأخرتان، وكانت الدبابات المصرية تحارب بكفاءة عالية وكان قتالها متفوقا وباسلا، أعصابى خانتنى تماما.

وإلى الأسبوع القادم لنستكمل الملحمة