على مدى سنوات طويلة كنت أتابع بالكثير من الحب والشغف دورات مهرجان سماع الدولي للإنشاد الديني والموسيقى الروحية، و فى كل عام كانت هذه التجربة الفريدة لتوظيف فن السماع فى خدمة قضية نشر السلام فى جميع أنحاء العالم تتطور بشكل واضح وملموس وتضع مصر أم الدنيا في القلب والوجدان والعقل الإنساني بعيدا عن اختلاف اللغات والأديان والثقافات، وانصهر الجميع في منظومة واحدة تؤكد أن الإنسان هو الوطن والوطن هو الإنسان ، ولكن الاحتفال هذا العام كان له مذاق مختلف ، فقد خيمت عليه روح تجمع بين الحب والتواصل و السكينة ورقي الفن و ثقافة الموسيقي التي تؤكد علي ارتباط الفنان المبدع بالله الذي منحه هذه الهبة الربانية.
الفن يمكن أن يكون ممتعا بقدر ما هو مثقفا ، فليس من الضروري أن تكون الثقافة جامدة و متحجرة القلب و عندما تمتزج بالفن تتحول إلى نبضات قلب رقيقة تدغدغ المشاعر وتستولي علي القلوب ، كل هذه المعاني لمسها الجمهور الكبير الذي حرص كالعادة علي حضور فعالية مهرجان سماع السنوية ، و استطاع المبدع الكبير انتصار عبد الفتاح أن ينقلنا الي عالم يتأرجح بين روحانية الإنشاد و المرح الكامن داخل نغمات السماع.
شارك في حفل الافتتاح هذا العام مجموعة من الدول العربية والأجنبية قدمت مزجا فريدا بين الانشاد الديني الاسلامى و الانشاد الدينى المسيحي لتؤكد مرة أخرى علي أن قبول الآخر الأمر الطبيعي بينما يأتي رفضه كنغمة دخيلة علي سيمفونية الحياة ، و بدأ توالي تقديم الفرق المختلفة علي المسرح مثل فرق الاردن ، و السودان ، شماله و جنوبه ، أرمينيا ، الجزائر ، المغرب ، الهند ضيفة الشرف لنصل الي لحظة فريدة مع الأداء الرائع للفرقة الكندية التي جاءت من المطار الي حفل الافتتاح مباشرة و الهم هذا الأداء المتميز الفنان انتصار علي تنفيذ ورشة موسيقية علي الهواء و بدون سابق تحضير لها.
وشاركت كل الفرق مع كندا فى أداء فرقتها و كونت هذه الورشة شكل أكثر من رائع للتواصل الفنى بين الجميع ، اما المفاجأة الحقيقية فكانت مع الصوت الفلسطيني احمد دلول الذي سمعه الفنان انتصار قبل المهرجان و اختاره للمشاركة ممثلا فلسطين كما أعلن عن تبنيه لموهبته الفريدة و منحه اسم مطرب الأوبرا الإيطالي الاشهر علي مستوي العالم
" بافاروتي " ، ثم كانت المنافسة بين الفرقتين السوريتين حيث عاش الجمهور معهما نسمات الانشاد ممتزجة برائحة الورود فى طرقات سوريا ٠ و مع نهاية الحفل شارك الجمهور بانوار أجهزة الموبايلات مع نجوم السلام علي صوت المنشد الاندونيسي " نور " فى ترديد اغنية عن السلام لكل العالم .
كرمت الدكتورة نيفين الكيلاني وزير الثقافة رموز سماع الذين يتم اختيارهم كل عام بعناية شديدة فهم يستحقون بالفعل هذا التكريم و علي رأسهم هذا العام القديرة سميرة عبد العزيز ، الي جانب " مادالجيت سنغ" احد رواد التسامح مت مصر ، الفنان الاذربيجاني" عزيز حاجبيلي " ، الشيخ عبد الجولد محيسن من تونس ، الفنانة " صباح زيداني " صاحبة الصوت الرائع من المغرب ، القس انطونيوس ابراهيم عياد من مصر .
يقام المهرجان كل عام تحت رعاية وزارة الثقافة بكافة قطاعاتها ، وزارة السياحة ، وزارة الآثار ، وزارة الخارجية ، محافظة القاهرة ، مؤسسة حوار لفنون ثقافات الشعوب .
