بقلم – أحمد أيوب
قد يصيب مصر بعض الوهن المؤقت، قد تعانى ضعفا فى بعض مؤسساتها، قد تضيق شرايين اقتصادها بفعل ظروف طارئة، أوضغوط خارجية أو ألاعيب تجار لا يرعون ضمائرهم، أو أفعال طابور خامس يسعى كالأفاعى بين المواطنين؛ تنفيذا لأجندات كارهة لمصر، لكنها سريعا ما تعود عندما تجد الفرصة لتسترد عافيتها وتستعيد قوتها وتسطر من جديد إنجازًا يخرس الكارهين، هذا يقين يسكن كل مصرى يحب هذا البلد ويسرى عشقه فى عروقه، قد نتعب من ظروف بلدنا، قد نئن من غلاء الأسعار التى لا مبرر لها، قد نعانى من بعض الفاسدين، أو قلة فرص العمل، لكن تبقى مصر فى عقيدتنا دولة بلا مثيل، بلد نباهى بها العالم كله، نفخر بالانتماء لها، وفى عز الغضب من ظروفنا لو كتب علينا القتال من أجلها ما ترددنا لحظة .
نموت نموت وتحيا مصر, فى عز الضيق يطل الأمل من كل مكان فى مصر، ومهما طال ليل مصر فشمس نهارها أقرب من حبل الوريد، مصر ليست صورة نرسمها أو اسمًا ننطقه، أو مكانًا يمكن أن نغادره، وإنما هى كيان ارتبط به الوجدان، روح لا نتنفس بدونها، دم من فصيلة خاصة لا نحيا بغيره، مصر لم تكن لأبنائها يوما بلد جحيم ولن تكون، لم تكن يوما بلدًا للفوضى والإرهاب ولن تكون، نعلم جميعا أن الإرهاب مرض عارض ومصر قادرة على التخلص منه، كما الأسعار أزمة نتحملها ونشكو منها، لكنها لن تطول وعلاجها بأيدينا ونحن قادرون على كبح جماحها.
هذا اليقين الذى يسكننا نحتاج أن ننقله لكل الأجيال الجديدة التى تلاعبت بعقولهم فئات الكارهين وحملات التشويه التى تستهدف بلدنا بهدف إسقاطها، يصورون لشبابنا أن بلدهم أصبح جحيماً، والمعيشة فيه مستحيلة، يقدمونها لهم فى صورة الدولة الكئيبة الغارقة فى الأزمات وتصارع الموت، لعبة حقيرة خلاصتها أن تنجح مؤامرتهم ويتسلل الإحباط إلى شبابها لتسقط مصر أو على الأقل تظل تعانى الإرهاق.
صديق جاء يشكو لى فجعته من نجله المقيم بإحدى الدول الخليجية ويعانى البطالة منذ شهور، لكنه يرفض العودة لمصر بدعوى أنها أصبحت جحيمًا والحياة فيها لا تطاق، ما يؤلم صديقى أن هذا ليس كلام نجله ولا فكره عن بلده، ولكنها حالة التشويه التى يتعرض لها الوطن فى الخارج وتعمل عليها آلات إعلامية ضخمة، وتركز بالأساس على الشباب المصرى بالخارج لتخلق بداخلهم خوفًا ورعبًا من العودة إلى بلدهم أو ضخ دولار واحد فيها، بدعوى أنها لم تعد آمنة، بل دولة على شفا حفرة الانهيار وظروفها الاقتصادية والسياسية والأمنية غير مستقرة.
بعيدا عن فجعة صديقى الحزين على ما وصل إليه حال نجله، فاللعب على انتماء الشباب المصرى والإصرار على الطعن فى قوة بلدهم واضح للجميع، سبقته منذ فترة حملة حقيرة لتحريض الشباب المصرى على التهرب من التجنيد عبر نشر مئات الأكاذيب والشائعات والفيديوهات المفبركة عن سوء معاملة المجندين فى القوات المسلحة، لكن الشباب المصرى ضرب المثل فى الرد على هذه الشائعات وقطع ألسنة من يقودون هذه الحملات الخبيثة بالتزاحم على طوابير التجنيد والتنافس بروح وطنية على الالتحاق بالكليات العسكرية، يقينا فى عمليات إسقاط الدول لا تنتهى المباريات بالضربة القاضية، وإنما تحتاج إلى نفس طويل واستعداد دائم ويقظة طول الوقت وسلاح لا يغفل، خاصة أن العدو ليس سهلا وما ينفقه ليس قليلا وأدواته محترفة تخريب.
وبعض الشباب المصرى المقيم بالخارج بعيد عن بلده ولا يعرف كثيرا عما يجرى بداخلها بفعل جريمة التقصير التى نرتكبها فى حقه، ونتيجتها أن شبابنا فى الخارج أصبح لقمة سهلة لكارهى مصر ويسهل اللعب عليه بوسائل مختلفة, الأمر جد خطير ويحتاج سرعة فى التحرك والمواجهة، فأخطر ما يمكن أن يواجه الدولة ويهز كيانها أن يفقد شبابها الحماس لها أو يحدث شرخ فى انتمائهم.
مطلوب كما قال الرئيس السيسى في مؤتمر الشباب تحركًا مكثف من كل الجهات المعنية بالشباب، سواء السفارات أو الوزارات المرتبطة بملف المصريين فى الخارج أو وسائل الإعلام، مطلوب مواجهة سريعة وحاسمة لهذا الإستهداف أو الرصاصة التى يريدون إطلاقها فى قلب مصر من خلال شبابها.
مطلوب منا فى الإعلام أن نفتح أبواب الأمل، أن نزيد جرعة التفاؤل وأن نقدم للمصريين فى الخارج بل وللعالم كله مصر الحقيقة التى نراها ونحبها.
أن نؤكد لهم بالصوت والصورة والفعل أن مصر هى الأمان الذى عاد بفضل أبنائها وجهد جيشها وشرطتها وتماسك شعبها.
أن مصر هى المشروعات الكبرى التى تنشأ فى كل شبر على أرضها لتستوعب شبابها وتواجه كابوس البطالة الذى يهدد مستقبلهم.
أن مصر هى التى تحارب الإرهاب منذ سنوات، نيابة عن العالم كله، ولم تسقط ولم “تنهار” كما انهارت دول وسقطت عروش وجيوش.
أن مصر ليست جحيمًا كما يحاولون تصويرها وإنما مستقبل يستوعب أبناءها ويحميه جيشها القابض على جمر الوطنية، رغم كل ما يتعرض له من حملات وهجوم عات يستهدف تماسكه ووحدته.
مصر الخير القادم والأمل الباقى للمنطقة كلها، مصر الصامدة الباقية رغم أنف الحاقدين, ولن تسقط بل سيسقط أعداؤها, وسيلطخ العار من يتآمر عليها من المحسوبين عليها, ممن أكلوا خيرها ويطعنونها فى ظهرها