السبت 4 مايو 2024

الإرهاب المعاصر .. (3) نشر الأخبار الكاذبة


د . مي ممدوح قايد

مقالات24-9-2022 | 12:46

د . مي ممدوح قايد

الحقيقة ذئب صادق والشائعة كلب كاذب، فدائما الكلاب تعوي أمام الذئاب بينما هي لا تكترث لها، فالشائعة ما هي إلا ضباب منتشر يضلل طريق الحق، فلا شيء أسوأ من خيانة الأوطان سواء بالإرهاب الفعلي أو الإرهاب الإلكتروني، فكما أن الرصاص الغادر في واقع الحياة قد يغتال أفرادًا من شرفاء الوطن، فإن الأقلام الخائنة عبر الفضاء الافتراضي قد تهدم أمماً بتخريبها فلا تستطيع النهوض من مرقدها.

وللشائعة أشكال عدة منها (النشر أو الإذاعة أو العرض أو الترويج لأي أخبار غير حقيقية) فهي تعد من وسائل الحروب الحديثة لهدم الدول من الداخل، وتوجد أمثلة عديدة استهدفت تشويه إنجازات الدولة لفقد الثقة بين المواطنين والدولة، حيث تسعى الجماعة الإرهابية دوماً إلى ترويج الشائعات حول الاقتصاد المصري وهو على خلاف التقارير الدولية التي تنشرها المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية وأيضاً ترويج شائعة تأجيل الدراسة لتفشي فيروس جدري القرود وهو عارٍ تماماً من الصحة.

وتعد "المعلومات المضللة" ليست ظاهرة جديدة، فقد تم استخدام مصطلح "الأخبار الكاذبة" في الواقع في القرن التاسع عشر، ومع انتشار الإنترنت ووسائل الإعلام غيرت طريقة صياغتها وترويجها، فقبل ظهور الإنترنت كان الناس يميلون إلى تلقي أخبارهم من مصادر إعلامية موثوقة، ثم جاء الإنترنت فأتاح طرقًا جديدة لنشر الأخبار والمعلومات ومشاركتها والاطلاع عليها، كما يحصل العديد من الأشخاص الآن على الأخبار من وسائل التواصل الاجتماعي والمصادر الأخرى عبر الإنترنت، ولكن ليس من السهل دائمًا تحديد أي الأخبار موثوق وأيها كاذب.

وظهر منذ ثورة 2011 انتشار الأخبار والمعلومات الكاذبة التي تحرض الناس على الدولة وتطرقت هذه الأكاذيب إلى التحريض على مؤسسات الدولة مما يؤدي إلى فقد الثقة بين الناس والدولة، وتعد جريمة نشر أو إذاعة أخبار غير صحيحة عن الأعمال الإرهابية من الجرائم المستحدثة، فهي تُعد تطبيقاً خاصاً لجريمة إذاعة بيانات أو أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة الواردة بالمادة (102) من قانون العقوبات المصري.

فاستحدث قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 هذه الجريمة في مادته (35) حيث نص على أن "يعاقب بغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه كل من تعمد، بأية وسيلة كانت، نشر أو إذاعة أو عرض أو ترويج أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية وقعت داخل البلاد، أو عن العمليات المرتبطة بمكافحتها بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع، وذلك كله دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة.

وفي الأحوال التي ترتكب فيها الجريمة بواسطة شخص اعتباري، يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية لهذا الشخص بذات العقوبة المقررة في الفقرة الأولى من هذه المادة مادامت الجريمة قد ارتكبت لحسابه أو لمصلحته، ويكون الشخص الاعتباري مسئولاً بالتضامن عما يحكم به من غرامات وتعويضات، وفي جميع الأحوال، للمحكمة أن تقضي بمنع المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على سنة، إذا وقعت الجريمة إخلالاً بأصول مهنته".

كما إنها قد ترتكب بواسطة أحد الأشخاص أو بواسطة محطة تليفزيونية خاصة أو جريدة يومية أو أسبوعية، ويجب أن ينصب الخبر على أحد الأعمال الإرهابية التي وقعت داخل البلاد أو عن العمليات المرتبطة بمكافحتها بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع.

فالشائعات لم تعد مجرد كذبة تمر على مسمع المواطنين، ولكن بعضها بات يثير الرعب أو يضر بالأمن القومي، لا سيما فيما يتعلق بالجرائم الإرهابية، لذا تُعد جريمة ترويج الشائعات من الجرائم التي تهدد المجتمع والامن القومي، خاصةً إذا كانت تمس أخبارا كاذبة وشائعات تتعلق بالأمن القومي للبلاد، فالشائعة يؤلفها الحاقد وينشرها الأحمق ويصدقها الغبي فحاول ألا تكون من هؤلاء الثلاثة.

دكتوراة في القانون الجنائي

Dr.Randa
Dr.Radwa