الثلاثاء 14 مايو 2024

وداعا أستاذي ومعلمي زين نصار


إيهاب صبري

مقالات26-9-2022 | 13:27

دكتور إيهاب صبري

أسهم الأستاذ الدكتور (زين العابدين أحمد حنفي نصار 1942 – 2022) فى نشر الثقافة الموسيقية فى مصر من خلال كتاباته النقدية والتحليلية، فقد استطاع أن يربي أجيالاً من الدارسين الأكاديميين الجادين الذين انتشروا فى مصر والمنطقة العربية ليسدوا الفراغات التى حدثت نتيجة لرحيل أو اعتزال الأجيال السابقة فى النقد الموسيقى، التى شكلت فصولاً بأكملها فى هذه الرسالة العلمية، وقد كان زين نصار ناقداً أكاديمياً رفيع المستوى ولكنه فى الوقت نفسة كان يملك القدرة على توصيل المنهج العلمى النقدى إلى الجمهور العادى الذى كان دائماً يضعه فى اعتباره.

لقد قام زين نصار بالإشراف والمشاركة فى مناقشة ما لا يقل عن (158) رسالة علمية للحصول على درجتى الماجستير والدكتوراه فى مجالات الموسيقى المختلفة كالغناء والأداء الآلى، والنقد الموسيقى. وقد نشر العديد من الدراسات الموسيقية وخاصة عن كبار الموسيقين المصريين وذلك فى المجلات المتخصصة التالية: (المجلة الموسيقية، مجلة الفنون، مجلة الفن المعاصر، مجلة المسرح، مجلة القاهرة، مجلة الفنون الشعبية، مجلة فكر وإبداع، مجلة الفن الإذاعى، مجلة الهلال). كما كتب المادة العلمية للبرامج الموسيقية بالإذاعة المصرية على مدى خمس وثلاثين عاماً، ومنها على سبيل المثال: «برنامج عالم الموسيقى» بإذاعة صوت العرب والذى استمر يذاع لمدة (26)عاماً، ثم «برنامج الموسيقى العالمية» بإذاعة البرنامج العام، و«برنامج فن البالية» بإذاعة البرنامج الثانى، وبرنامجى «الموسيقى المصرية المتطورة» و«إيقاعات ونغمات» بإذاعة البرنامج الموسيقى، «سهرة مع الموسيقـى المصريـة» بإذاعة البرنامج الثقافى، برنامج «أوتار موسيقية» بإذاعة البرنامج العام، وقد شارك فى الكثير من البرامج الإذاعية والتليفزيونية كضيف سواء كانت تلك البرامج مسجلة أو مذاعة على الهواء، وقد اهتم زين نصار بشكل خاص بالتأريخ للموسيقى والغناء فى مصر فى القرن العشرين، حيث قام بإجراء الكثير من الأحاديث المسجلة مع كبار الموسيقيين المصريين لتوثيق حياتهم وسيرتهم الذاتية بشكل علمى ومنهجى متميز.  

قدم زين نصار العديد من الكتب المهمة والتى استفادت ومازالت تستفيد منها الحياة الموسيقية سواء من ناحية البحث العلمى أو فى مجال نشر الثقافة الموسيقية، والتى يذكر منها المؤلف على سبيل المثال: (الموسيقى المصريــة المتطــورة 1990)، عالم الموسيقى (1998)، القومية وأعلام الموسيقى فى أوربا ومصر، بالاشتراك مع بثينة فريد عام (1998)، آفاق الموسيقى (1999)، موسوعة الموسيقى والغناء فى مصر فى القرن العشرين «ثلاثة أجزاء» عام (2003)، ثم كتاب دراسات موسيقية وكتابات نقدية عام (2006).

وحصل زين نصار على بكالوريوس المعهد العالى للتربية الموسيقية للمعلمين عام (1965) بامتياز، وعلى درجة الماچستير فى النقد الفنى عام (1980) وعلى درجة الدكتوراة فى النقد الموسيقى عام (1986) والجدير بالذكر أنها كانت أول دكتوراة فى الموسيقى عموماً تمنحها أكاديمية الفنون منذ إنشائها عام (1959)، وعين أستاذاً للنقد الموسيقى بالمعهد العالى للنقد الفنى عام (1992).

وهو عضو فى عدد من اللجان العلمية لتعيين الأساتذة والأساتذة المساعدين ببعض معاهد أكاديمية الفنون (النقد الفنى، الموسيقى العربية، الباليه، الفنون الشعبية)، وهو عضو لجنة الفنون بالمجالس القومية المتخصصة، وعضو لجنة الفنون الشعبية بالمجلس الأعلى للثقافة، وقد شغل منصب رئيس قسم النقد الموسيقى (1992- 2009) ووكيل المعهد العالى للنقد الفنى ( 01998-2000) كما شارك فى مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية منذ بدايته عام (1992)، كرمه مهرجان إتجاهات عربية السادس بدار الأوبرا المصرية عام (2006)، ورشحه مجلس إدارة المعهد العالى للنقد الفنى لجائزة الدولة التقديرية للفنون مرتين، وقد ذكر فى ( موسوعة أعلام الفكر العربى) جـ3 لسعيد جودة السحار، وذكر فى الجزء الثاني من المعجم الشامل للموسيقى العالمية لحسام الدين زكريا.


إن النقد الموسيقى فى مصر كان قد بلغ حد الندرة فى بعض الأحيان إلا أن زين نصار لم يغادر الميدان وأصر على ملء الفراغ بقدر ما استطاع ومـما هو جدير بالملاحظة أن للنقد الأكاديمى الدور الاول فى تطوير الفاعلية النقدية ضمن نقد النقد والنقد التطبيقى، عبر الممارسة والنشر، والنقد الأكاديمي هو النقد الذى يخضع لضوابط علمية، وأسس بنائية، ورؤى محددة فأساسه البحث العلمى بكل ما يحمله من أصول، حيث تعتبر الجامعات المجال الحيوى الذى يتحرك فيه، بجانب وسائل الاتصال الأخرى من صحافة وإذاعة وتليفزيون، ولا شك أن زين نصار قد استطاع أن يلقى أضواء  فاحصة على إنجازات المؤلفين الموسيقيين المعاصرين فى صياغاتهم الجديدة للألحان الشعبية المصرية بحيث ارتقوا بها من المستوى البدائى العفوى إلى المستوى الأكاديمى المنهجى الذى جعلها جاهزة لكى يقبل عليها المستمعون من غير المصريين والعرب، وهذا ما أكده الأستاذ الدكتور زين نصار فى مقالته (الموسيقى والإعلام فى مصر) حين يقول: "إن الإمكانيات غير المحدودة، والشديدة التأثير، والتى تتمتع بها أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، تحمل تلك الأجهزة مسئولية قومية كبرى لنشر الوعى الموسيقى بين أبناء الشعب المصرى والعربى، فالمعروف أن المبدعين قليلو العدد جداً، بينما الغالبية الساحقة تمثل جماهير المستمعين والمشاهدين والقراء وهم الذين يقدم لهم المبدعون أعمالهم وخلاصة مواهبهم وعملهم. والطرف الثالث فى العملية الإبداعية هو الناقد الموسيقى المتخصص الذى يقع على عاتقه تفسير الأعمال الفنية وشرحها وتقريبها لجماهير المتذوقين، وعليه أن يقيم العمل الفنى ويوضح الجوانب الإيجابية فيه قبل السلبيات، ولكى يقوم الناقد الموسيقى بعمله على الوجه الأكمل يجب أن يكون دارساً لكل فنون الموسيقى، عارفاً بها وبأسرارها حتى تمكنه أن يقوم بتحليل العمل والحكم عليه حكماً موضوعياً بعيداً عن الهوى.

بعض اللقطات من مناقشة رسالتي للدكتوراة  ( 2013)، والتى تتلذت من خلالها على قامات النقد العظماء الذين أسهموا بشكل كبير فى تشكيلي العلمي والنقدي:
أ.د. نبيل راغب.
أ.د. إيزيس فتح الله.
أ.د. نهاد صليحة.
 أ. د. وليد شوشة. ويتوسط الصورة أستاذي العالم الجليل المرحوم / أ.د. زين نصار.

توفى أستاذنا شيخ نقاد الموسيقى، إلى رحمة الله يوم الأحد الموافق 25 / 9 / 2022م.

رحمك الله برحمته الواسعة وأسكنك فسيح جناته، أستاذي ومعلمي/ دكتور زين نصار.                        
                                                                              تلميذك
دكتور/ إيهاب صبري

رئيس قسم النقد الموسيقي – المعهد العالي للنقد الفني
أكاديمية الفنون

 

Dr.Radwa
Egypt Air