الجمعة 19 ابريل 2024

وغاب «برنس» الليالي

مقالات26-9-2022 | 15:42

اكتشفنا بعد غياب هشام صالح سليم أنه كان يمثل في حياتنا أشياء أكثر من أدوراه ؛ فقد كان "بوصلة" زمن جميل يفتقده الجميع؛ لذلك انتابتنا حالة من الحزن والألم، وترددت كلمات في خلفية مشاهده الدرامية "آدي اللي كان ... وادي القدر... وادي المصير " ويليها "ماعدش فاضل كتير" ؛ وكأنها حالة تتجاوز بكثير فقد هشام وما كان مقصوداً في فيلم "عودة الابن الضال" ؛ بدايته مع عالم النجومية شاباً.

وكأن تلك الكلمات محور حالة "الشجن" التي أحاطت بغيابه، فقد كان يمثل حلم الكثيرين بهدوء ورقى وصمت نبيل ؛ طوال مشوار أحاطت به التقلبات على المستوى الإنساني والفني وبغيابه واجهنا أحزاننا ؛ والرثاء لنفس عانت تقلبات الزمن ورأت بداياته ؛ وصولاً إلى نهاية تحملّه ألم المرض الشرس، وهو يصور آخر أعماله مسلسل "هجمة مرتدة".

اتفقت كلمات الرثاء على "أخلاقه" وذكرت الأدلة الوافية ؛ لكنه الحزن على إنسان نبيل منحته الأقدار اختبارات واجهها كابن المايسترو صالح سليم.. أتصور صعوبة أن تكون ابن فلان وجوانبها التي تحملك ما لا طاقة لك به ؛ فما بالك بالمايسترو ذو الكارزمة الطاغية.

لقد صادق هشام سليم الكبار منذ كان طفلاً ؛ ليختاره المخرج حسين كمال وسيدة الشاشة في أول أدواره في فيلم "إمبراطورية ميم" فيبدأ المشوار مبكراً.

كانت شخصياته الدرامية "بحثاً" عن طريقه في الحياة ولذلك قال إنه لم يكن لينجح في مهنة سوى التمثيل ؛ ومن ينسى مشواره مع عادل البدري في رائعة "ليالي الحلمية"؟؛ الذي أتصوره جانباً من حياته وكفاحه بعيداً عن جلباب صالح سليم ؛ وعلاماته "التائهة" في طريقه نحو "الراية البيضا"؛ فقد كان فناناً باحثاً عن ريشته الخاصة بعيداً عن تأثير حبه لأمل صبور ورعونته التي تحركه نحو عالم بنت فضة المعداوي.

كان في أدواره متفرداً بسيطاً وكأنه يسير خلف التساؤلات ولا يخشى "التجربة"، ليس غريباً أن يرتبط اسمه بأخيه الدرامي على البدري الشهير بممدوح عبد العليم ؛ ليشكلا ثنائي الليالي لتتشابه حياتهما كثيراً وصولاً إلى الرحيل.

لقد كان هشام سليم جريئاً مقبلاً على التجارب؛ فلم يتراجع عن المشاركة في الكثير من المدارس الإخراجية المتنوعة ويظل محافظاً على أدائه، وكثيراً ما تواضع وقبل غيرها.

مشوار هشام الذي تجاوز المائة عمل بين السينما والمسرح والتليفزيون والإذاعة ؛ جاء يشبه تعامله مع الحياة، لينتقل من هنا لهناك فلا ندرى كيف جاء ومتى غادر، فقد كان باحثاً ؛ كأنه "المحاول" مرات ومرات ؛ قيل كثيراً إنه يحمل أخلاق الفرسان.. وكأنه يذكرنا بزمن بعيد؛ ذلك مع ما جعلنا نسعد بوجوده حتى لو لم يحصل على ما يستحق، ورغم المشوار الذي امتد خمسين عاما منذ أن كان طفلاً ؛ إلا أنه استمر سابحاً متقبلاً كل موجة، منتظراً ما بعدها راضياً بأقداره، وقد يكون ذلك مع جعله يتجاوز حدود الأرض ليخبر المقربين ببساطته المعهودة بموعد الرحيل.