أكدت تونس على دعوتها لإعادة جدولة الديون وتحويلها إلى مشاريع استثمارية لإعادة خلق الثروة، وأهمية تمكين الشعوب من استرجاع أموالها المنهوبة التي هُرّبت إلى الخارج، وضرورة تجديد المجموعة الدولية لالتزامها نحو القارة الإفريقية على أساس التضامن والمساواة والشراكة المتكافئة والاستماع إلى مشاغلها التنموية والأمنية.
جاء ذلك في كلمة تونس إلى الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في جزئها رفيع المستوى، والمنعقدة بنيويورك من 20 إلى 26 سبتمبر الجاري تحت شعار "لحظة فارقة: حلول تحويلية للتحديات المتشابكة"، التي ألقاها وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عثمان الجرندي، اليوم الاثنين، بتكليف من الرئيس التونسي قيس سعيد.
ووفقًا لبيان لوزارة الشؤون الخارجية التونسية، فقد أكد الجرندي ضرورة إحداث نقلة نوعية في كيفية إدارة مسألة الديون وفق مقاربات تنموية جديدة وفي كيفية الدعم المالي الذي يوفره النظام المالي العالمي بعيدًا عن الشروط المجحفة أو الإملاءات التي لا تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الدول وأوضاعها، خاصة في البلدان النامية والأقلّ نموًا، لا سيما في المنطقة الإفريقية، حيث لم تجد لدى النظام المالي العالمي الدعم المرجو لمساندة جهودها في مواجهة التحديات القائمة وسعيها للتعافي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما أكد الوزير التونسي ضرورة تبني نهج اقتصادي تتفوق فيه جودة النمو الاقتصادي على سرعته، خاصة من خلال التركيز أكثر على الاستثمار في المعرفة والعلم والابتكار والتكنولوجيات الحديثة.
وأشار وزير الشؤون الخارجية التونسي إلى أنه لا بد من العمل على تسوية الصراعات سلميًا دون انتقائية ووضع حد للنزاعات العبثية والامتناع عن افتعال الأزمات واختلاقها وإيجاد حلول للقضايا العادلة؛ وفي مقدمتها القضية الفلسطينية من خلال إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وشدد على أهمية إدراك أن لكل دولة بدون استثناء، تحدياتها ومشاكلها وخصوصياتها، ولا يوجد منوال أو نموذج واحد ملائم للجميع، قائلا "ومع الاتفاق حول المبادئ والقيم والقواسم المشتركة التي تجمعنا والتي نحن ملزمون جميعًا باحترامها، تبقى تفاصيل الخيارات والتوجهات من الاختصاصات السيادية للدول. فلا توجد ديمقراطية بل توجد ديمقراطيات".
وقال وزير الشؤون الخارجية التونسي إن "الديمقراطية في تونس خيار وطني لا محيد عنه، نعمل على تعزيزه وصونه من خلال مسار تصحيحي ستستكمل محطاته بتنظيم الانتخابات التشريعية يوم 17 ديسمبر 2022"، مؤكدًا أن الخيار الديمقراطي في تونس نابع من إرادة الشعب التونسي وهو عازم على إنجاح تجربته الديمقراطية واستكمال مساره السياسي في كنف دولة تحفظ حقوقه الدستورية وحرياته وأمنَه وكرامتَه، يعلو فيها القانون والسيادة للشعب.
كما أشار إلى أن تونس برهنت في مختلف المحافل الإقليمية والدولية على تمسّكِها بحقوق الإنسان والحريات وبتقديم المزيد لدعمها وتطويرها، وساهمت في إثراء المنظومة الأممية في هذا المجال بعدّة مبادرات وإسهامات يشهد لها بالمصداقية.
وفي ختام كلمة تونس، دعا الجرندي المجموعة الدولية إلى أن تكون في مستوى هذه اللحظة الفارقة لإعادة بناء الثقة في المؤسسات الوطنية والدولية والتقدم نحو الأهداف المشتركة لبناء عالم أفضل لنا وللأجيال القادمة يليقُ بإنسانية الإنسان حيثما كان ويحفظ أمنه وكرامته ويحقّق رفاهه واستدامته.