معجزة عسكرية حققها الجيش المصري في حرب أكتوبر بإتمام العبور وتدمير خط بارليف المنيع، والذي سقطت معه الأسطورة التي زعمها الجيش الإسرائيلي بأنه الجيش الذي لا يقهر، ومن بين البطولات والمعجزات التي حققها المصريون في هذه الملحمة العسكرية جاء تحطيم الساتر المنيع والذي كان صاحب فكرة تحطيمه بخراطيم المياه المهندس باقي زكي يوسف.
كان يوسف رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميداني أثناء حرب أكتوبر، وصاحب فكرة استخدام ضغط المياه لأحداث ثغرات في الساتر الترابي المعروف بخط برليف في سبتمبر عام 1969 والتي تم تنفيذها في حرب أكتوبر عام 1973، كما أيضاً تم تسجيل الفكرة باسمه لحفظ حقوقه المعنوية.
استهدف العدو الإسرائيلي من إقامة الساتر الترابي العملاق خط بارليف أن يكون نقاط حصينة لمنع عبور أية قوات مصرية لقناة السويس وتحرير سيناء، فقد بدأت في إنشائه في أعقاب نكسة 1967، وبلغت تكلفته حوالي 200 مليون دولار في ذلك الوقت، وكان هذا الخط يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء.
من هو اللواء باقي زكي يوسف؟
ولد اللواء باقي زكي يوسف في 23 يوليو 1931 ، وتخرج سنة 1954 من كلية الهندسة قسم ميكانيكا من جامعة عين شمس.
انتُدب للعمل في مشروع السد العالي في شهر مايو عام 1964، ثم عين رئيساً لفرع المركبات برتبة مقدم في الفرقة 19 مشاة الميكانيكية، و شاهد عن قرب عملية تجريف عدة جبال من الأتربة والرمال في داخل مشروع السد العالي بمحافظة أسوان والتي كانت هذه هي بذرة فكرة أحداث ثغرات في الساتر الترابي المواجه لخط برليف.
لكن بعد أزمة 1967 ألغى انتداب كل الضباط وعاد يوسف إلى القاهرة يوم 4 يونيو، حيث عين انضم لفرع المركبات في الفرقة 19 مشاة الميكانيكية وأصبح رئيسها برتبة مقدم، حيث ظل ضابطاً مهندساً في القوات المسلحة خلال الفترة من عام 1954 وحتى 1 يوليو 1984، قضى منها خمس سنوات برتبة لواء.
فمع بداية الإعداد للمعركة وتحرير الأرض في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتحديدا في يوليو عام 1969، وفي مقر الفرقة 19 التابعة للجيش الثالث، بإحدى ضواحى السويس، عقد قائد الفرقة اللواء سعد زغلول عبد الكريم اجتماعا لأركان القيادة والضباط لمناقشة كيفية التعامل مع خط بارليف.
وكان باقي زكي يوسف حينها برتبة المقدم مهندس مديرا للمركبات في الفرقة 19، حيث اقترح فكرته بالتخلص من الساتر الترابي باستخدام مياه قناة السويس، وضخها عبر خراطيم بمواصفات معينة لتقوم المياه المندفعة بتجريف الرمال فتتساقط على الطريق الشاطئي، وبعدها التعامل بديناميت لفتح الثغرات، فيقول يوسف عن تلك اللحظة "مجرد ما أنهيت كلامي وجدت سكونا في القاعة، لدرجة أني خوفت أكون خرفت".
وأوضح في إحدى الحوارات الصحفية أنه بين الساعة 12 ليلا وقت انتهاء الاجتماع وحتى الساعة 12 ظهر اليوم، التالي كانت الفكرة وصلت لأعلى مستوى في القوات المسلحة، وفي أقل من أسبوع كانت وصلت للرئيس جمال عبد الناصر، وبالفعل بدأت تتطور خلال الفترة ما قبل الحرب بالعمل مع سلاح المهندسين في سرية تامة واستيراد المضخات والتدريب على استخدامها لتحقيق الهدف في أسرع وقت ممكن، وبالفعل نجحت القوات في عبور الضفة الشرقية للقناة في أقل من ست ساعات، وتحطم الساتر الترابي.
تكريم اللواء باقي زكي يوسف
حصل باقي زكي يوسف على نوط الجمهورية العسكري من الدرجة الأولى من الرئيس أنور السادات في فبراير عام 1974 عن أعمال قتال استثنائية تدل على التضحية والشجاعة الفائقة في مواجهة العدو بميدان القتال في حرب أكتوبر 1973.
كما حصل على وسام الجمهورية من الطبقة الثانية من الرئيس محمد حسني مبارك عام 1984 بمناسبة إحالته إلى التقاعد من القوات المسلحة.
توفي اللواء باقي زكي يوسف في 23 يونيو 2018 عن عمر ناهز 86 عاما، وقد كرم الرئيس عبد الفتاح السيسي اسم اللواء الراحل في إحدى الندوات التثقيفية للقوات المسلحة وتسلمت أرملة اللواء الراحل التكريم.