الجمعة 26 ابريل 2024

"القيصر" يعيد ترتيب رقعة الشطرنج

مقالات6-10-2022 | 14:12

يحبس العالم أنفاسه قبل أي قرار يتخذه فلاديمير بوتين، رئيس روسيا، وردود الفعل تجاه القرار خاصة من الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وما ينتج عنه من نتائج تنعكس على حالة النظام العالمي ذي القطب الواحد، اليوم يعيد القيصر ترتيب رقعة الشطرنج من جديد لكن في ظل بزوغ تعاون حذر بين روسيا والمملكة العربية السعودية بقيادة الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة ورئيس الوزراء في سياسة إدارة انتاج النفط. 

أعلن تحالف أوبك بلس يوم 5 أكتوبر الجاري موافقته على تخفيض حجم إنتاج النفط خلال نوفمبرالمقبل بمقدار مليوني برميل يومياً في خطوة تستهدف دعم الأسعار التي شهدت خلال الربع الثالث أول خسارة فصلية منذ عامين نتيجة ضعف الاقتصاد العالمي وسط تحفظات ومخاوف غربية من القرار، يأتي ذلك في وقت يستهدف فيه التحالف الغربي تضييق الخناق على القيصر الروسي، خاصة مع تحقيق كييف بعض المكاسب على الأرض بفضل إمدادات السلاح الغربي، قرار أوبك بلس له تداعيات اقتصادية وسياسية تعيد تموضع الطرفين على رقعة الشطرنج من جديد.
 
جو بايدن الرئيس الأمريكي أعرب عن "خيبة أمله"، واصفاً خفض الإنتاج بـ"القرار قصير النظر"، لافتا إلي أن القرار سيكون له انعكاسات سلبية على البلدان ذات الدخل المنخفض التي تعاني بالفعل ارتفاع أسعار الطاقة.

 
ثمة ملاحظة أساسية يجب أن نضعها في الاعتبار و هي أن السعودية وروسيا تتحملان الحصة الأكبر من خفض الإنتاج بواقع 526 مليون برميل يومياً لكل دولة، وبنحو 1.052 مليون برميل يومياً للدولتين معا، و هي ملاحظة تشير إلي أن نتائج قمة جدة فيما يتعلق بملف الطاقة ذهبت أدراج الرياح، و وضعت جو بايدن في المربع صفر، خاصة أن الولايات المتحدة، تشهد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر المقبل، والتي يُعاد فيها انتخاب أعضاء مجلس النواب جميعاً (البالغ عددهم 435عضواً) مُقابل ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، أي 35 مقعداً من أصل 100.

لا يحتاج الجمهوريون إلا إلى الفوز بـ 6 مقاعد إضافية في مجلس النواب، وبمقعد واحد إضافي في مجلس الشيوخ، للحصول على الأغلبية الحزبية داخل الكونجرس، وارتفاع اسعار البترول خلال تلك الفترة يعني خسارة متوقعة بشكل كبير للحزب الديمقراطي وذلك على مستوى السياسة الداخلية في الولايات المتحدة، أما على مستوى الاتحاد الأوروبي يعني خسارة لورقة العقوبات التي يفرضها الغرب بقيادة الولايات المتحدة على روسيا إلى جانب حالة الغضب التي تجتاح المواطن داخل الاتحاد الأوروبي نتيجة ارتفاع اسعار فواتير الغاز والوقود والكهرباء، وانعكاس ذلك على الدول الصناعية مثل ألمانيا وما قد ينتج عن ذلك من ارتفاع مؤشر التضخم. 

وبالرغم من ذلك لا يمكن وصف التطور الأخير بأنه انتصار للقيصر على الغرب، لكنه ورقة ضغط تهدف إلى تخفيف حجم المساعدات العسكرية التي تتدفق على كييف، من التحالف الغربي، وإعادة ترتيب لرقعة الشطرنج، خاصة وأنها حاليا بدأت تفقد أجزاء منها من جديد بعد انسحاب الجيش الروسي من مدينة ليمان الاستراتيجية المهمة، الواقعة في إقليم دونيتسك، ووفقا للعقيدة الروسية يتم استدعاء استخدام السلاح النووي في حالة الاعتداء علي أراضيها، و هو ما يعد قد حدث بالفعل من وجهة نظر الكرملين، بعد الانسحاب من مدينة ليمان، و هو ما يفسر اسباب اختفاء غواصة بيلجورود النووية، أو غواصة يوم القيامة، من قاعدتها في القطب الشمالي، كذلك تحريك بوتن لـ "قطار يوم القيامة" من العمق الروسي إلي الحدود الروسية الأوكرانية. 

التحركات الأخيرة تعني أن هناك تفكيرا جادا في توجيه ضربة تكتيكية نووية، وبحسب تقرير نشرته شبكة "سي إن إن" "فإن أنظمة الأسلحة الروسية النووية تشمل 4477 رأسًا حربيًا نوويًا، وحوالي 1900 منها عبارة عن رءوس حربية "غير استراتيجية"، تُعرف أيضًا باسم الأسلحة النووية التكتيكية وفقًا لاتحاد العلماء الأمريكيين". 


العالم بالفعل على أعتاب حرب عالمية جديدة، والمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، نصحت قادة الغرب باتخاذ تصريحات بوتين على محمل الجدية. 

أعتقد أن خيارات روسيا قليلة لكنها مدمرة، كذلك خيارات الولايات المتحدة والغرب، لكن يمكنهم إبطاء عجلة الحرب الآن، قبل اندلاع حرب عالمية ثالثة، وهو ما يعني انقطاع سلاسل الإمداد، وأزمة غذائية عالمية وفقدان للوظائف وانهيار اقتصادي حتى داخل التحالف الغربي لن يكون هناك أحد بعيد عما يحدث.

Dr.Randa
Dr.Radwa