جرائم الجماعات الإرهابية
بمناسبة الذكرى الـ49 لانتصار حرب أكتوبر المجيد عام 1973، والذي يمثل أكبر مقاومة مصرية أظهرت العين الحقيقية للجنود المصريين، وهنا يجب أن أتقدم بتحية اعتزاز وتقدير لكل من ضحى بنفسه ورحم الله كل من ذهبت روحه للسماء في هذه الملحمة العظيمة فداءً لوطنه.
وقد أصبحنا في زمن يطل فيه الإرهاب بوجهه القبيح علينا كل صباح، وفى خضم حرب شعواء مع الإرهاب والإرهابيين على الأرض وفى العقول وعلى السوشيال ميديا، فتجدد الدولة التزامها على الدوام ليس بمواجهة الإرهاب والتصدي له فحسب، بل بمحاربة الأيدولوجيات المتطرفة التي تغذي العنف الذي تمارسه الجماعات الإرهابية بمنتهى الوحشية ومنها تنظيم داعش والقاعدة الإرهابيين، فخطر الإرهاب والتطرف تحد يومي يستهدف استقرار دولتنا وأمن مواطنينا، كما يهدد نظامنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فهو ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات والأديان.
وتعد جرائم الجماعات الإرهابية من أخطر الجرائم؛ كونها تتسم بالتنظيم والإدارة والتعدد لأعضائها، فهي تسعي جاهدة إلى تهديد كيان الدولة واستقرارها والنيل من أمنها، وتعتمد الجماعات الإرهابية بصفة خاصة على العنصر البشري الذي تعده محوراً أساسياً لجميع أنشطتها؛ لذلك تسعى إلى تعزيز رصيدها من الأتباع من جنسيات وأنحاء مختلفة من العالم، فهي تعمل على استقطاب عناصرها وخاصةً من صفوف الشباب وذوي الثقافات المحدودة لكي يسهل التأثير عليهم وجرهم إلى بوتقة التطرف باستعمال الخطاب الديني الذي يلامس الوجدان ويؤثر في العقول البسيطة.
كما تعمل هذه الجماعات على التوجه إلى الأوساط المشبوهة وبؤر الانحراف لانتقاء عناصر من ذوي الخبرة في ميدان تزوير العملة والوثائق والإتجار في الأسلحة، للاستفادة منها في التحضير لمخططاتهم الإرهابية واستغلالها في شبكات الدعم اللوجستي، كما تقوم هذه الجماعات بتدريب هذه العناصر عسكرياً وفنياً وعقائدياً.
فعلى سبيل المثال نرى أن تنظيم "داعش" قد أعلن تبنيه لعدد من العمليات الإرهابية في مصر والعالم؛ منها ما حدث في سيناء والذي راح ضحيتها عدد من المجندين والضباط إثر تصديهم لهجوم شنّته عناصر تلك الجماعة على إحدى محطات رفع المياه بمنطقة غرب سيناء.
لذا كان لزاماً على الدولة المصرية مواجهة تأسيس هذه الجماعات المتطرفة؛ فقد تصدى قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 لجرائم تأسيس تلك الجماعات وكافة الجرائم التي قد ترتبط بها، حيث عاقب كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جماعة إرهابية أو تولى زعامة أو قيادة فيها بالإعدام أو السجن المؤبد، كما عاقب كل من انضم إلى جماعة إرهابية أو شارك فيها بأية صورة مع علمه بأغراضها بالسجن المشدد، وأيضاً عاقب كل من تلقى تدريبات عسكرية أو أمنية أو تقنية لدى الجماعة الإرهابية لتحقيق أغراضها أو كان من أفراد القوات المسلحة أو الشرطة بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات، كما عاقب كل من أكره شخصاً على الانضمام إلى الجماعة الإرهابية أو منعه من الانفصال عنها بالسجن المؤبد، وشدد القانون العقوبة لتصبح الإعدام إذا ترتب على الإكراه أو الحمل أو المنع وفاة الشخص.
فغاية تكوين الجماعة الإرهابية هي التعدي على الدولة وهيبتها حتي يفقد الأفراد ثقتهم فيها، وهنا تظهر عقيدة المقاتل المصري الذي أذهل العالم في حرب أكتوبر 1973، والذي يقف حالياً منذ بداية مكافحة الإرهاب حائط صد في سيناء، وضد أي من تسول له نفسه أن ينال من أرض الوطن.