لم يتحقق الأمن والاستقرار والبناء والتنمية التى تشهدها مصر صدفة.. وإنما جاء نتاج ومحصلة رؤية وإرادة رئاسية.. وبطولات وتضحيات رجال الجيش والشرطة الشرفاء.. فلا بناء أو تنمية دون أمن واستقرار.. ومن يمتلك جيشاً وطنياً.. يمتلك أمناً واستقراراً.. فنعمة الأمن والاستقرار لا تضاهيها نعمة.. فهى القاعدة التى تنطلق منها بناء الحضارات والإنجازات والنجاحات.. تتفوق الأوطان بفضل إرادة وتضحيات أبنائها.. وما أعظم المهمة التى يؤديها رجال الجيش والشرطة.. فهم أبناء هذا الوطن.. ومن نسيجه الوطني.. لذلك فإن «صناعة البطل» مهمة تتم بعبقرية وفق عقيدة وطنية شريفة.. أساسها التضحية والفداء والعطاء.. فيوم تخرج هؤلاء الأبطال هو تفعيل لعقد الفداء.. وهو دخول قسم وميثاق العهد والولاء للوطن إلى حيز التنفيذ.. ليكونوا جاهزين لتلبية النداء فى أى وقت.. لا يهابون الموت ولا يعرفون الخوف.
شرف وفخر.. وعقيدة وطنية.. واستعداد دائم للبذل والتضحية والعطاء.. أجيال جديدة تحمل الراية وتواصل المسيرة فى وطن عظيم
لا يمكن أن يعيش الإنسان أو الأوطان بلا أمن فهو نعمة غالية وهبها الله للبشر، وفقدانها يؤدى إلى كوارث، أو عدم الشعور بالحياة، وبدونها يتحول الإنسان إلى مرحلة الموت، والدول إلى فوضى وخراب ودمار، فالبناء والحضارة مرتبطان بشكل جوهرى وأساسى بالأمن الذى يفضى إلى استقرار يمكن الإنسان من الإبداع والتنمية والازدهار، المولى عزوجل ذكر هذه النعمة التى تستوجب الشكر والعبادة للواحد الأحد، حيث قال سبحانه وتعالي: «فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» صدق الله العظيم، ولا تستطيع أن تشعر بأى لذة أو متعة فى الحياة بدون أمن ولا نتمكن من العمل والإبداع والانتاج فى ظل الخوف والفوضي، لذلك فان الأمن هو أساس الحياة والبناء والتنمية والتقدم، وهناك رجال يضحون بالغالى والنفيس من أجل ترسيخ هذه النعمة وأتاحتها وتوفيرها للإنسان والأوطان.
القائمون على تحقيق نعمة الأمن والاستقرار أصحاب رسالة سامية ونبيلة وشريفة ترتكز على الوطنية والفداء والتضحية والعطاء من أجل الآخرين، والسهر على أمنهم واطمئنانهم لذلك فإن من يقوم لهذه المهمة المقدسة، يدرك تماماً تبعاتها، فعند إعلان لحظة القبول سواء فى الكليات العسكرية أو الشرطة، يكون المرء قد وقع عقداً مع الوطن على بذل الغالى والنفيس، والتضحية بالروح والدم، من أجل تحقيق أمن الأوطان، وأمن المواطنين.
ونحن نعيش أياماً مباركة سواء فى رحاب الاحتفال بالمولد النبوى الشريف أو بذكرى احتفالات نصر أكتوبر المجيد، نعيش هذه الأيام أجواء الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من الكليات والمعاهد العسكرية، وكلية الشرطة، تستلزم الحديث عن هذه الرسالة المقدسة التى يؤديها هؤلاء الأبطال من ضباط الجيش والشرطة، ربما لا يستشعر البعض قيمتها، ولا يعطى حق هؤلاء الرجال الشرفاء، الذين يبدأون حياة مختلفة، وقعوا يوم قبولهم، ويوم تخرجهم عقداً مع الوطن على التضحية والفداء والشهادة فالضابط الذى يقف على الحدود، أو هذا الذى يقف على حماية وتأمين الجبهة الداخلية أصبح ملكاً لهذا الوطن، لا يملك من أمر نفسه شيئاً فلا تفرق معه أعياد أو اجازات أو عطلات. جاهز فى أى وقت لتلبية النداء، فكم من هؤلاء الأبطال، يسهرون والناس نيام، لا تفرق معهم أوقات وأيام وشهور الصقيع والبرد القارس، أو شدة الحر، فى الجبال أو الميادين، فى أى مكان يطلب الوطن وجودهم فيه، لن يترددوا لحظة.
الحقيقة أن الدور الذى يؤديه رجال الجيش والشرطة هو دور يمثل قلب وعقل هذا الوطن، فكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى الجيش والشرطة الحصن المنيع لحماية الوطن من كل شر، وقال الرئيس السيسى أيضا من يملك جيشاً وطنياً قوياً، يملك أمناً واستقراراً، لذلك فإن كل شريف يدرك قيمة الجيش والشرطة ويضعهما فى القلب، ويعى أنهما عمود الخيمة فى هذا الوطن، ليس هناك أعظم من حماية الوطن، وتوفير الأمن للناس.
رغم ارتفاع وتيرة جرائم الإرهاب الأسود الممول والمدفوع والمدعوم من أهل الشر واستشهاد أبطال من الجيش والشرطة إلا أن الشيء الفريد هو الإقبال الكبير من أبناء هذا الشعب العظيم على الالتحاق بالكليات العسكرية، والشرطة، وهو ما يعكس مدى المكانة التى تحظى بها مهمة هؤلاء الرجال، وتسعد كل أسرة بالتحاق أحد أبنائها بالجيش أو الشرطة ومن منا ينسى سنوات التحاقه بالجيش أو الشرطة كمجند، خرج بعدها بحصيلة عظيمة من المكاسب التى بنت شخصيته، وقدرته على تحمل المسئولية وكشخص يمثل الرجولة، والثقة فى الاعتماد عليه، لن أنسى مقولة مهمة سمعتها كثيراً خلال فترة الصغر «يدخل الجيش علشان يبقى راجل»، فعلاً الجيش والشرطة هى أرض ووطن الرجال والأبطال.
رجال الجيش والشرطة، لهم فى التاريخ بطولات وتضحيات سطرت أمجاداً وطنية ونحن نعيش فى رحاب شهر أكتوبر الذى شهد أعظم انتصارات العسكرية المصرية فى العصر الحديث، والذى عكس وجسد قدرة الإنسان المصرى على تحدى المستحيل، وهزيمة الصعاب والعقبات، وأبرز روعة التخطيط والتنفيذ وعبقرية تنفيذ مهمة وهى تحرير أرض الوطن واسترداد الكرامة والثقة، والأخذ بالثأر.. فتمت بنجاح فاق أى تصور أو توقع وهو ما أبهر العالم وغير مفاهيمه العسكرية.
ومن ينسى مواقف رجال الشرطة الوطنية فى الدفاع عن هذا الوطن، فى معركة الإسماعيلية فى 25 يناير 1952، رفض رجال الشرطة تسليم أسلحتهم، ومركز الشرطة الذى يرفرف عليه العلم المصري، وتصدوا لقوات الاحتلال الإنجليزى رغم الفارق الكبير فى العدة والعتاد وهو ما جعل العدو ينحنى لهم تحية وتقديراً على شجاعتهم وبطولاتهم رغم قلة أعدادهم وضعف امكانياتهم مقارنة بعدد مدجج بالسلاح والمدرعات والآليات العسكرية، فسقط من الأبطال 56 شهيداً، وأكثر من 90 جريحاً لذلك أصبح 25 يناير هو عيداً للشرطة المصرية.
خاض رجال الجيش والشرطة معاً، معركة أخرى ضد عدو مختلف هو الإرهاب وأباطرته وجماعاته، وأقطابه بقيادة أحقر تنظيم إرهابى عرفه التاريخ وهو الإخوان المجرمين لكن أبطال الجيش والشرطة قدموا ملاحم بطولية، وتضحيات تشير إلى أن الشجاعة والبسالة والفداء، يتوارثها الأجيال، دافعوا عن سيناء، فطهروها من الإرهاب، لتشهد أعظم وأضخم ملحمة للتنمية والبناء، وتصدوا بشجاعة وبسالة للعمليات الإجرامية فى كافة ربوع البلاد، فرسخوا الأمن والاستقرار، وقضوا على الفوضى والانفلات، وأجهضوا ودحروا مخطط الإرهاب المدعوم من قوى الشر التى تآمرت على مصر.
الجيش والشرطة.. وهما مؤسستان وطنيتان تعرضتا لأشرس حملات من الأكاذيب والشائعات والتحريض والتشويه، لكنها لم تفلح للمكانة العظيمة التى يحظيان بها فى قلوب ووجدان المصريين، فأبطال الجيش والشرطة هم من أبناء مصر ومن نسيجها الوطني.
لم تأت هذه التنمية والبناء المشهود فى كافة ربوع مصر، وغير المسبوق الذى يرسم ملامح الجمهورية الجديدة من فراغ، ولكنه محصلة رؤية رئاسية، وإرادة صلبة، ارتكزت على الأمن والاستقرار.. فبعد أن تمكنت الفوضى والانفلات من البلاد عقب أحداث 25 يناير 2011، وحتى بعد رحيل حكم الإخوان المجرمين، جاءت رؤية وإرادة القيادة السياسية، على استعادة أعلى معايير الأمن والاستقرار، وتصدى أبطال الجيش والشرطة لجماعات الشر والإرهاب فداء للمصريين، وحققوا النصر الذى جعل من مصر واحة للأمن والاستقرار، دولة هى واحدة من الأعلى فى مؤشرات ومعدلات الأمان فى العالم، لذلك فهى ملحمة يسطرها التاريخ لهؤلاء الرجال بحروف من نور.
لم يتوقف دور أبطال الجيش والشرطة عند ترسيخ الأمن والاستقرار، ولكن هناك ملحمة أخرى سطرها ومازال التاريخ فى المشاركة فى البناء والتنمية، فى جميع ربوع البلاد، لتحقيق آمال وتطلعات المصريين فى المستقبل المشرق فى جمهورية جديدة ولعل دور الجيش والشرطة فى توفير وتأمين احتياجات المواطنين بجودة عالية وأسعار أقل هو دور وطنى أيضا يحافظ على سلامة المجتمع وتحقيق الرضا الشعبي، وتخفيف المعاناة عن المواطنين وهو دور يرتبط بالأمن القومي، وأيضا يرسخ استقرار الجبهة الداخلية التى تعد ركيزة أساسية فى منظومة البناء والتنمية والأمن القومي.
الحقيقة أنه فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الجيش المصرى العظيم، والشرطة الوطنية أكثر اقتراباً من المواطن، الذى عظم من مكانة وقدر هؤلاء الرجال الذين يسهرون على حماية الوطن، وتحقيق وتلبية احتياجاته فى البناء وتخفيف العبء والمعاناة عن هذا الشعب، كما أن الجيش والشرطة فى هذا العهد أيضاً أكثر اقتراباً وتعاوناً، والقيادة السياسية حريصة على ذلك، ولا تخلو مناسبة من الإشادة بدور وبطولات وتضحيات رجال الشرطة فى إنقاذ الوطن وحمايته وتأمين مقدراته وتوفير الأمن والاستقرار لهذا الشعب حتى يبنى ويبدع ويؤسس لحضارة جديدة وأمجادا فريدة.
الحقيقة أن إعداد وتأهيل وتدريب ضابط المستقبل يشهد فى مصر مواكبة الأحدث فى العالم وبشكل عصرى يتسق مع التطور فى التحديات والتهديدات والمخاطر، فمصر الآن أصبح لديها جيش وطنى عظيم هو الأقوى فى الشرق الأوسط ومن أقوى جيوش العالم، يشهد ملحمة غير مسبوقة فى التطوير والتحديث وامتلاك أحدث منظومات التسليح فى العالم فى جميع التخصصات والأفرع الرئيسية فى ظل حرص القيادة السياسية على امتلاك مصر للجيش الوطنى العصرى القوى ..بما يحفظ له أسطوريته وقوته وقدرته على الوصول إلى أى تهديد يمس أمننا القومى ومقدراتنا وثرواتنا وحقوقنا ويحقق التوازن فى موازين القوى بالمنطقة، وهو ما يرسخ الأمن والاستقرار والسلام الإقليمى فى ظل أن هذا الجيش القوى يحمى ولا يعتدى ولا يتدخل أو يطمع فى أحد ولكنه جيش يدافع عن أمن الوطن، ويردع كل من يحاول المساس بهذا الشعب.
هذا الجيش العظيم من أبطال قواتنا المسلحة هو امتداد طبيعى لجيل أكتوبر العظيم، وقد حقق هذا الجيل نصراً كبيراً.. ومبعث للفخر والاعتزاز فى إنقاذ مصر من أخطر مؤامرة والعبور بها إلى بر الأمان وخوض معركة البناء إلى جانب هذا الشعب، وأصبحت مصر قوة إقليمية يشار لها بالبنان ومثالاً للأمن والاستقرار.
الشرطة المصرية أيضا وصلت إلى درجة عالية من الأداء الأمنى الاحترافى الذى يواكب العصر وهو ما انعكس على مظاهر الأمن والأمان فى كافة ربوع البلاد، أداء احترافى يرتكز على القانون والإنسانية واحترام حقوق الانسان ومساندة المواطن المصرى بأشكال وأساليب متنوعة ومختلفة ولعل ما نشهده من حالة الرضا لدى المواطن المصرى عن الأداء الأمنى يعكس ذلك تماماً.
هذا النجاح الكبير لقواتنا المسلحة والقوة والقدرة، وكذلك الشرطة المصرية هو انعكاس حقيقى للنظم والأساليب المتطورة والعصرية التى تواكب الأفضل فى العالم فى صناعة البطل، وهنا أعنى الضابط الذى يتخرج فى الكليات العسكرية أو كلية الشرطة وهو ما يتم بشكل عصرى يؤكد بناء القدرات الذهنية والعلمية والرياضية، والتعرف على الأحدث فى العالم، وفق برامج دقيقة تهدف إلى بناء الضابط أعلى مستوى من الكفاءة والاحترافية، فالاستثمار فى بناء القوة والقدرة هو أمر عظيم يوفر الأمن والاستقرار للأوطان، لذلك فمصر تمتلك أفضل القلاع العسكرية والأمنية فى العالم وتحظى بإشادة تقدير وثقة دولية وهو ما يؤكد أننا أمام وطن يدرك التحديات والتهديدات والمخاطر ويواكب العصر ويعمل على بناء البطل سواء فى المجال العسكرى والأمنى بما يواكب التطور العالمى وبما يمكن هؤلاء الرجال من أداء مهامهم باحترافية لحماية حاضر ومستقبل هذا الوطن.
من حق مصر أن تفرح وتفخر بانضمام أبطال جدد من ضباط الجيش والشرطة وضخ دماء جديدة فى شرايين العسكرية المصرية والمؤسسة الأمنية المصرية، لذلك فإن يوم تخرج البطل هو يوم فخر واعتزاز وتفعيل للقسم والعهد بالذود والدفاع عن الوطن بكل غال ونفيس، بالروح والدم، هذه العقيدة الوطنية الشريفة التى مكنت مصر من البقاء والخلود وبناء الأمجاد وحماية الحاضر والمستقبل، لتنعم مصر بالقوة والقدرة والأمن والاستقرار.
تحية لأبطال جيش مصر العظيم وشرطتنا الوطنية، والتهنئة المليئة بالفخر لأجيال جديدة من الضباط حماة هذا الوطن «تتخرج اليوم»، لتنضم إلى مسيرة العطاء والبطولات والفداء، وتهنئة لكل أسرة مصرية وهبت أبناءها من أجل مصر، حمى الله مصر قيادة وشعباً وجيشاً وشرطة، وتحية لكل من ساهم فى صناعة الأبطال الذين يضعون الوطن نصب أعينهم، جاهزون بالفداء والتضحيات لا يهابون الموت، سطروا الأمجاد والبطولات جيلاً بعد جيل.