استعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، جهود الدولة المصرية لدعم التوجه نحو الشركات الافتراضية، حيث أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، مرسوما يقضي بأن الشركات الافتراضية لم تعد ملزمة بأن يكون لها مقر رئيسي مما يسمح للشركات ببدء نشاطها عبر الانترنت من أجل توفير النفقات والجهد.
جاء ذلك في العدد الجديد من مجلة "آفاق اقتصادية معاصرة" والذي أصدرها مركز المعلومات، وهي مجلة تقدم إطلالة على الآراء الاقتصادية المختلفة لأبرز الخبراء والمحليين، سواء من داخل مصر أو خارجها، وذلك لتقديم رؤى اقتصادية متكاملة لأهم الموضوعات الاقتصادية على الساحة واستعراض أبرز المؤشرات المحلية والدولية.
وأشارت إلى أن الرئيس أعطى توجيهاته بالسماح بتأسيس الشركات فعليًا من خلال منصة حكومية لم يتم الإعلان عنها بعد ولكن تم إنشاؤها لهذا الغرض في سياق إزالة جميع العقبات التي تواجه الشركات الناشئة ورواد الأعمال.
وفيما يتعلق بجهود دعم الدولة المصرية للشركات الافتراضية، فقد تمت الإشارة إلى أن من أبرزها، توجيهات الرئيس بالتوسع في منحة "مبادرة مصر الرقمية" التي تستهدف أوائل خريجي الجامعات المتخصصة، فضلاً عن البدء الفوري في مبادرة "أشبال مصر الرقمية" والتي تسعى إلى تدريب طلبة المدارس المتفوقين على علوم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك إنشاء مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك مركز تصميم الإلكترونيات الذي سيحتضن الشركات المتخصصة في هذا المجال، بالإضافة إلى جهود الحكومة للانتهاء من الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة حيث أوضح وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن الحكومة قد أتمت رقمنة كل الملفات الورقية في جميع الوزارات والجهات الحكومية والتي بلغت نحو 150 مليون وثيقة، وتتخذ الدولة أيضا تدابير لإحياء حملة ريادة الأعمال حتى الجامعات يتم حشدها لتحقيق هذا الهدف.
وسلط العدد الضوء على منصة "كيوروتريب للسياحة العلاجية" كأحد النماذج الرائدة في مجال الشركات الافتراضية، وكان هدف الشركة الأساسي هو وضع مصر على خريطة السياحة العلاجية العالمية وقامت الشركة بالعديد من الاستقصاءات لزوار مصر بهدف العلاج لمعرفة وجهة نظرهم عن مشكلات السوق المصرية، وبعد ذلك تم إنشاء منصة "كيوروتريب للسياحة العلاجية" والتي تقدم الحلول التي تم توجيه العملاء إليها، وتضم المنصة أهم وأمهر الأطباء المصريين وتم عرض مؤهلاتهم العلمية والعملية والاعتمادات الدولية الحاصلين عليها.
كما تم تسليط الضوء على منصة "فلابي" أول منصة عربية لمعامل افتراضية لطلاب المدارس في مصر والوطن العربي، وهي منصة إلكترونية تحتوي على معامل علوم افتراضية في شكل تطبيقات ويب تفاعلية مقسمة على حسب منهم كل دولة عربية، بحيث يقوم الطالب باختيار المنهج المقرر عليه وفق المرحلة الدراسية الخاصة به ثم يقوم بإجراء التجربة بنفسه أونلاين.
وأشار العدد خلال الموضوعات والمقالات المختلفة الموجودة به إلى أن عدد الشركات التي تعمل عن بعد في ازدياد حتى قبل اندلاع جائحة كوفيد- 19، ولكن الجائحة سرعت عمليات الإغلاق في جميع أنحاء العالم من عملية انتقال الأفراد والشركات للعمل عن بعد ومنذ ذلك الحين تغير مشهد العمل بشكل كامل. وتُظهِر الإحصاءات الخاصة بالشركات الافتراضية اليوم أن العديد من أصحاب العمل تبنوا فوائد القوة العاملة عن بعد بشكل دائم، حيث تمت الإشارة إلى أن 16% من الشركات على مستوى العالم تعمل عن بعد، وعلى الرغم من أنه ما يزال عدداً منخفضاً، فإن حقيقة وجود شركات في الوقت الحاضر ليس لها مكتب أو مقر على الإطلاق وتعمل عن بعد بنسبة 100% تظهر مدى نمو وتطور إحصاءات الشركات الافتراضية، ومن المتوقع أن يزداد هذا الرقم خلال السنوات القليلة المقبلة، وما يزال المستقبل واعداً أمام الشركات الافتراضية، وتعد الرعاية الصحية من أكثر الصناعات التي بها أكبر عدد من العاملين عن بعد وذلك بنسبة 15%، والتكنولوجيا بنسبة 10% والخدمات المالية بنسبة 9%، وقد أظهرت إحصاءات الولايات المتحدة الأمريكية أن 58.6% من إجمالي القوى العاملة فيها يعملون من خلال المكاتب الافتراضية خلال عام 2022.
وتمت الإشارة داخل العدد إلى أن أبرز إيجابيات ومزايا الشركات الافتراضية هو زيادة الإنتاجية، حيث أبدى 77% من العاملين عالمياً في مجال الشركات الافتراضية أنهم يكونون أكثر إنتاجية عندما يعملون من المنزل، كذلك فإن الشركات الافتراضية تسهم في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بما يعادل الانبعاثات الناجمة عن 600 ألف سيارة، مما يجعل تلك الشركات صديقة للبيئة، في ضوء كون الأشخاص الذين يعملون عن بعد لا يضطروا كل يوم للتنقل واستخدام السيارات ومن ثم انخفاض نسبة التلوث، كذلك تشهد هذه الشركات زيادة في متوسط أرباحها، وتقل احتمالية ترك الموظفون للشركة التي يعملون فيها عن بعد بنسبة 74%. كذلك استعرض العدد التحديات التي تواجه الشركات الافتراضية في إفريقيا وجاء من أبرزها، ارتفاع تكاليف الانترنت، وتدهور البنية التحتية التكنولوجية، وافتقار بعض الدول إلى السياسات والاستراتيجيات الشاملة للأمن السيبراني وهو ما يعد من العوامل الرئيسية لتفاقم الجريمة الإلكترونية في إفريقيا، واحتكار أسواق الإنترنت في القارة الإفريقية مما يعوق دخول المنافسين.
وأشار العدد إلى سبل مواجهة التحديات التي تعوق الشركات الافتراضية في إفريقيا وذلك من خلال، نشر ثقافة الابتكار الرقمي للجميع وتحقيق الوصول الشامل للتقنيات الرقمية وتوفير البيانات بأسعار معقولة، وتبني التحول الرقمي من قِبل معظم القوى العاملة في إفريقيا مما يعد محركًا لعملية التنمية وخاصًة بالنسبة للذين يعتمدون على المنصات الإلكترونية، وتقديم المساعدة للشركات الناشئة وكذلك الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم بهدف تعزيز المنافسة والابتكار، وتقديم عدد من السياسات الإقليمية على مستوى القارة في إطار منطقة التجارة الحرة القارية بهدف دمج الاقتصادات وتطبيق الاستراتيجيات الرقمية الوطنية. و استعرض العدد الشركات الافتراضية حول العالم، وجاء من أبرزها شركة "Gitlab"، وهي شركة افتراضية لبيع الاشتراكات الخاصة بتطوير منصات السوفت وير وتوجد الشركة في 66 دولة حول العالم ولديها 30 مليون مشترك ومستخدم لمنصاتها، وشركة "Automattic" وهي مسؤولة عن تطوير أكبر منصة لتصميم صفحات الويب سايت "Wordpress" و قرر مسؤولو الشركة أن العمل عن بعد هو المستقبل وقاموا بتوظيف العديد من الموظفين من كافة أنحاء العالم ويتم التفاعل بينهم من خلال منصات "Google hangout, Slack, Word Press"، وذلك لإبقاء كافة أعضاء الفريق ملمين بكل المستجدات، وكذلك شركات "Wikimedia" و "Achieve Test Prep" وغيرها من الشركات الافتراضية.
وتناول العدد موضوع "الشركات الافتراضية"، من حيث توضيح مفهومها وآليات عملها، بالإضافة إلى تقديم إطار نظري ومعلوماتي حولها، كما قدم مقترحات لتعزيز عملها بالاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال، فضلاً عن استعراض أبرز المقالات الأجنبية التي تناولتها، كما تضمن العدد مقالات رأى حول إمكانات وتحديات الشركات الافتراضية في أفريقيا، والميتافيرس وحوكمة الشركات الافتراضية الصغيرة، وفاعلية الشركات الافتراضية في تعزيز الاقتصاد.