تمويل الإرهاب
العقل هو المفكر والقلب هو المساعد والمال هو القائد، ثلاثة يمكن أن يعملوا خيراً أو شراً،أي منهم هو الطريق الذي يختاره الإنسان ويسير فيه إلى أن تنتهي مسيرته في الحياة، ولكن الإرهابي لا يقوده إلا عقله المغسول جيداً وقلبه التائه الذي لا هداية له، وماله الذي يستثمره في إسالة دماء الأبرياء.
فإن الحياة مليئة بالتطورات، والتكنولوجيا ملأت كل بقاع الأرض، وبالتالي الإرهابي أيضاً أراد أن يواكبها حتى يصل لكل الثغرات التي توصله لغايته الدنيئة، فالمال أصبح من أهم وسائله لتحقيق غاياته.
وتستخدم الجماعات الإرهابية عدة أساليب من أجل تمويل أنشطتها الإجرامية، حيث تستغل أنظمة التحويلات البنكية والمؤسسات غير الهادفة للربح والجمعيات الخيرية من أجل التحايل علي الأنظمة المالية، ونظراً لتلك المخاطر المتنامية، قامت مصر بوضع القوانين المعنية بقمع تمويل الإرهاب لضمان عدم إساءة استغلال تلك المؤسسات، وبالنظر إلى ما تُتيحه التكنولوجيا من إمكانات كبيرة للتطور، وهو ما تحرص عليه مصر من خلال دعمها للتكنولوجيا المالية، فقد أولت اهتمامًا بالغاً للتطورات التكنولوجية التي قد تستغلها تلك الجماعات كوسيلة لتمويل عملياتها مثل خدمات الدفع الإلكتروني والعملات الافتراضية.
كما تلحق جرائم تمويل الإرهاب أضراراً بالغة باقتصاد الدولة، وذلك لأن قوة الإرهاب ترجع إلى القدرة المالية للإرهابيين، مما يحدث نزيفاً اقتصادياً للدولة نتيجة اضطرارها تخصيص جزء من إيراداتها للإنفاق على مكافحة مثل هذه الجرائم وهذا ما يزيد العبء المالي على الدولة.
وعرف قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 تمويل الإرهاب بأنه هو كل جمع أو تلق أو حيازة أو إمداد أو نقل أو توفير أموال أو أصول أخرى أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو بيانات أو معلومات أو مواد أو غيرها لأى نشاط إرهابي فردى أو جماعي منظم أو غير منظم في الداخل أو الخارج، بشكل مباشر أو غير مباشر، أيا كان مصدره وبأي وسيلة كانت بما فيها الشكل الرقمي أو الإلكتروني، وذلك بقصد استخدامها كلها أو بعضها في ارتكاب جريمة إرهابية أو العلم باستخدامها، سواء وقع الفعل الإرهابي أم لم يقع، أو بتوفير مكان للتدريب أو ملاذ آمن لإرهابي أو أكثر أو تزويده بأسلحة أو مستندات أو غيرها، أو بأي وسيلة مساعدة أخرى من وسائل الدعم أو التمويل أو السفر مع العلم بذلك ولو لم يكن لها صلة مباشرة بالعمل الإرهابي.
كما عاقب عليها القانون بالسجن المؤبد لكل من ارتكب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب إذا كان التمويل لإرهابي، وتكون العقوبة الإعدام إذا كان التمويل لجماعة إرهابية أو لعمل إرهابي، فإذا كان تمويل الإرهاب بقصد سفر أفراد إلى دولة غير دولة إقامتهم أو جنسيتهم بغرض ارتكاب عمل إرهابي أو التخطيط له أو إعداده أو المشاركة فيه أو تقديم العون أياً كان شكله يعاقب بالسجن المؤبد، وفى الأحوال التي ترتكب فيها الجريمة بواسطة جماعة إرهابية أو شخص اعتباري يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية لهذه الجماعة أو ذلك الشخص بالسجن المؤبد، كما عاقب الجماعة الإرهابية أو الشخص الاعتباري بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثة ملايين جنيه.
ويعد تجفيف دوائر تمويل الإرهاب هو المركز العصبي لمحاربته، لذا لابد من فهم مصادر تمويله وهو أمر أساسي لمكافحته، فهي جريمة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات والأديان، وتستدعي محاربتها تضافر كافة الجهود من مختلف الدول.